Quantcast
Channel: اصدارات المؤسسة –مؤسسة حرية الفكر والتعبير
Viewing all 150 articles
Browse latest View live

بمناسبة الدعوة لإضراب الصحفيين: مؤسسة حرية الفكر والتعبير تتضامن مع مطالب الإضراب وتطالب بتحسين أوضاع الجماعة الصحفية في مصر

$
0
0

تحت شعار “حماية نقابية – أجور عادلة – لا للفصل – لا للحبس – وتشريعات تدافع عن حرية الصحافة وتحمي الصحفيين”، دعا مجلس نقابة الصحفيين في ١٩ مايو الماضي في حضور وكيل نقابة الصحفيين “يحيى قلاش” إلى تشكيل لجنة لتنظيم إضراب الصحفيين العاملين في المؤسسات الصحفية القومية والخاصة عن العمل يوم ١٠ يونيو لكشف “الانتهاكات التي يتعرضون لها، سواء من السلطات المصرية أو من المؤسسات التي يعملون بها”، في إشارة واضحة إلى استمرار تردي أوضاع الجماعة الصحفية في مصر منذ تاريخ ٣٠ يونيو ٢٠١٣م.

بحسب بيان لجنة الحريات بالنقابة، فقد تمت دعوة الصحفيين إلى المشاركة في فعاليات اليوم الاحتجاجي من أجل “ترسيخ مبادئ الصحافة الحرة، ومن أجل حقوق للجميع، وضد الانتهاكات بحق الزملاء الصحفيين”، ورفع الصحفيين المشاركين في الإضراب خمسة مطالب أساسية خلال فعاليات اليوم وهي “التصدي لتصاعد ظاهرة الفصل داخل المؤسسات الصحفية، والمطالبة بأجور عادلة ومنتظمة وحقوق عمل واضحة، وإيجاد حلول لأوضاع الصحف المتعطلة وفي مقدمتها الصحف الحزبية، والانتهاء من صياغة مشروعات قوانين تنظم العمل الصحفي بما يراعي ويحافظ على حقوق الصحفيين، وأخيرًا الإفراج عن جميع المحبوسين على ذمة قضايا الرأي”.

تأتي دعوة النقابة لإضراب الصحفيين على خلفية الأوضاع المتدهورة للجماعة الصحفية في مصر، حيث أشارت “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” في بيانها بمناسبة “اليوم العالمي لحرية الصحافة” ‘ إلى معاناة الجماعة الصحفية المصرية من صعوبات وتضييقات “غير مسبوقة في عملها” وتأثرها الشديد “بخطاب الاستقطاب السياسي” الذي ساهم في زيادة رقعة التدخلات الأمنية في الرقابة على، وتعديل، وحذف مقالات الرأي والتحقيقات الصحفية “التي تعرض وجهات نظر معارضة لسياسات الدولة”، وهو ما دعا عددًا من المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة إلى خفض تقييمها لمستوى حرية الصحافة بمصر، حيث تراجع تصنيفها دوليًا إلى المركز ١٥٩، بحسب تصنيف منظمة “صحفيون بلا حدود”.

فعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، رصدت “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” تصاعد ظاهرة “فصل الصحفيين تعسفيًا ” بسبب الأزمات المالية التي باتت تواجهها مؤسسات الصحافة القومية والخاصة في مصر على حد سواء، حيث قامت إدارات صحف “الشروق” و “المصري اليوم” على سبيل المثال باتخاذ قرارات بفصل عددٍ من الصحفيين العاملين بها تعسفيًا، بالإضافة لغيرهم من الصحفيين المستبعدين في السنوات الماضية أمثال صحفيي جريدة “اليوم السابع” البالغ عددهم 130 صحفيًا، والذين قاموا بتأسيس رابطة للمطالبة بحقوقهم المالية من إدارة الجريدة.

بلا شك، فإن التوسع في إصدار قرارات الفصل التعسفي يُشكّل مخالفة صريحة لنصوص المواد (١٤) و(١٧) من قانون تنظيم الصحافة “رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦” الخاصة بضمان وكفالة حقوق الصحفيين مهنيًا من خلال النص على عدم جواز فصل الصحفيين “إلا بعد إخطار نقابة الصحفيين بمبررات الفصل فإذا استنفدت النقابة مرحلة التوفيق بين الصحيفة والصحفي دون نجاح، تُطبّق الأحكام الواردة في قانون العمل في شأن فصل العامل”، وهو ما يطرح من جديد إشكالية توفير الحماية والدعم القانوني للعاملين في المجال الصحفي من غير المقيدين بالنقابة، على خلفية ضوابط قيد الصحفيين بالنقابة والخاضعة لنصوص مواد قانون تنظيم نقابة الصحفيين “رقم ٧٦ لسنة ١٩٧٠”، والتي تخالف بوضوح الالتزامات الدولية الواقعة على الحكومة المصرية بموجب تصديقها على عدد من المواثيق الدولية المنظمة للحق في العمل والحق في حرية الصحافة “كالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” و”إعلان مبادئ ويندهوك لحرية الصحافة والإعلام”.

بالإضافة لذلك، فقد سجلت المؤسسة 116 حالة انتهاك ضد الصحفيين والمصورين في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام تنوعت ما بين الإصابات والاعتداءات الجسدية والحبس والاحتجاز والاستيقاف غير القانوني وكذا المنع من تأدية العمل ومداهمة مقار الصحف، في إشارة واضحة لحجم التحديات التي باتت تواجه الصحفيين في مصر في سبيل أدائهم لمهام عملهم الصحفي.

ففي تقييمها لأوضاع حرية الصحافة في مصر، أشارت المؤسسة في تقريرها السنوي الصادر عن أوضاع حرية الرأي والتعبير في مصر لعام 2014م أن نمط اصطفاف وسائل الإعلام المختلفة مع الدولة في حربها على الإرهاب” قد “ساهم في زيادة رقعة التأييد لسياسات النظام من خلال تبني خطاب تعبوي مساند للدولة نشأ عنه استمرار سياسة “الإقصاء” وتكميم أفواه المعارضين لضمان خلو الخطاب الإعلامي مما يمكنه أن يعكر صفو النظام أو يظهر تباينًا في المواقف بين وسائل الإعلام هذه وبين القيادة السياسية”.

هذه الأوضاع ساهمت في تدعيم مطالب الصحفيين المضربين في الإفراج عن زملائهم المحبوسين احتياطيًا أو المحكوم عليهم بأحكام جنائية نهائية على ذمة قضايا تتعلق بأدائهم لمهام عملهم الصحفي، حيث وصل عدد الصحفيين المحبوسين احتياطيًا منذ تاريخ ٣٠ يونيو ٢٠١٣م -بحسب أحدث إحصاءات المؤسسة- إلى٧  صحفيين، بالإضافة إلى صدور حكم بحبس ٣ صحفيين آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا “بغرفة عمليات رابعة” وإخلاء سبيل اثنين آخرين على ذمة القضية المعروفة باسم “خلية الماريوت” علمًا بأنه قد صدر ضدهم حكمٌ سابقٌ بالسجن لمدد تصل إلى عشر سنوات على خلفية اتهامهم بحيازة تسجيلات تتضمن ترويجًا لأغراض جماعة إرهابية وبإذاعة أخبار وبيانات كاذبة.

فكما أشار بيان المؤسسة السابق الإشارة إليه، فقد شدد باحثو المؤسسة على خطورة استمرار أجهزة الدولة التنفيذية في التوسع في تفعيل النصوص القانونية التي تجيز حبس الصحفيين وإحالتهم للمساءلة الجنائية عقابًا لهم على نقلهم لأحداث ووقائع معينة، مثل المصور الصحفي “محمود أبو زيد شوكان” والذي أمضى ٢١ شهرًا بالحبس الاحتياطي بعد إلقاء القبض عليه على خلفية تصويره لوقائع فض اعتصام “رابعة العدوية” في أغسطس ٢٠١٣م، مرورًا بالصحفي “أحمد فؤاد” المحبوس منذ تاريخ ٢٥ يناير 2014م، وانتهاءًا بالصحفيين “محمد علي حسن” و “حسن القباني “ وسمر علي” و”عبد الرحمن ياقوت” و”فريدة علي”.

وفي هذا السياق، فقد ندّدت “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” في أكثر من مناسبة بقرارات حبس الصحفيين احتياطيًا لما لها من مخالفة لمواد الدستور المصري ولتعديلات قانون تنظيم الصحافة “بعدم جواز حبس الصحفيين احتياطيًا”، وكذا للالتزامات الدولية للحكومة المصرية بحماية وصيانة الحق في الممارسة الحرة لحرية الرأي والتعبير وكذا للحق في حرية الصحافة والنشر.
لذا، تؤكد “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” على تضامنها الكامل مع مطالب الصحفيين المضربين المشروعة وعلى حقهم في تحسين مناخ عملهم الصحفي وتنقية التشريعات المنظمة لهم من النصوص السالبة للحرية والمقيدة لأدائهم لمهام عملهم وكذا للإفراج غير المشروط عن كافة الصحفيين المحبوسين على ذمة قضايا رأي ونشر.


التقرير الشهري لانتهاكات الجامعات المصرية: مقتل طالب وأحكام عسكرية مشددة ضد آخرين.. وقرارات فصل بالجملة

$
0
0

عن التقرير:

التقرير الشهري لانتهاكات الجامعات هو تقرير يصدر بشكل دوري عن برنامج الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير لرصد وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها طلاب الجامعات؛ سواء كانت هذه الانتهاكات من قبل قوات الأمن أو من قبل أفراد وحدات الأمن الإداري أو أفراد شركة “فالكون” للتأمين والحراسة، والتي وقعت عقدًا مع وزارة التعليم العالي لتأمين عددٍ من الجامعات الحكومية بدءًا من الفصل الدراسي الحالي.
أو كانت هذه انتهاكات إدارية تتعلق بقرارات من إدارات الجامعات أو الكليات للتضييق على الأنشطة الطلابية أو تتعلق بتحويل الطلاب للتحقيق وما يتبعه من إجراءات تأديبية على خلفية ممارسة نشاط سياسي بالجامعة. كما يحاول التقرير ألا يغفل أي اعتداءات يمارسها طلاب محتجين سواء على الأفراد أو المنشآت.

ملخص قصير:

تصاعدت وتيرة الاعتداء على الطلاب مرة أخرى في نهاية عام دراسي شهد الكثير من الأحداث الدامية والانتهاكات في الجامعات المصرية، بداية من الواقعة التي أثارت الرأي العام بمقتل طالب جامعة عين شمس “إسلام عطيتو” على يد قوات الشرطة عقب أدائه امتحان نهاية العام بالجامعة، فيم زعمت وزارة الداخلية أنها قد قتلت الطالب عقب اشتباك  مسلح معه في أحد الأوكار الصحراوية، وهو ما أثار غضبًا طلابيًا واسعًا أدى لفتح تحقيق في القضية، كما شهد نفس الشهر وفاة الطالب بجامعة القاهرة “أنس المهدي” متأثرًا بإصابته نتيجة اعتداء قوات الشرطة على طلاب متظاهرين بالجامعة الشهر الماضي.
كما واصلت قوات الشرطة اتباع سياسة اقتحام منازل الطلاب والقبض عليهم، فيما امتد ليشمل 30 طالبًا تم القبض عليهم من منازلهم خلال الشهر.
وفي سياق متصل واصلت قوات الشرطة أيضًا اقتحام حرم الجامعات المصرية، حيث شهد الشهر المنقضي اقتحام جامعة الأزهر للبنات وحدها أربع مرات بشكل مفاجئ دون وقوع تظاهرات بالجامعة.
من ناحية أخرى أصدرت محكمة القضاء العسكري بالهايكستب حكمًا بالسجن 15 عامًا وغرامة 36 ألف جنيه على أربع طلاب بتهم التظاهر وقطع الطريق.
ومن جهتها واصلت إدارات الجامعات المختلفة إصدار قرارات بفصل الطلاب على خلفية اشتراكهم في فعاليات طلابية، وعلى رأسها إدارة جامعة الأزهر التي فصلت وحدها ما يزيد على 30 طالبًا، كما تعنتت إدارة الجامعات والسجون في توفير لجان امتحان لعدد من الطلاب المحبوسين رغم إنهاءهم لإجراءات أداء الامتحانات.

أولًا: الانتهاكات الأمنية

جامعة عين شمس:
20 مايو: أعلنت وزارة الداخلية عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” عن مقتل إسلام صلاح الدين عطيتو، الطالب بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، زاعمة أنه متورط في قتل العقيد وائل طاحون، وأن اشتباكًا بالأسلحة النارية جرى مع الطالب في أحد الأوكار الصحراوية أدى لمقتله، وهي الرواية التي استنكرها زملاء الطالب وعددٌ من أساتذته، مؤكدين أن الطالب قد حضر امتحانه بالكلية يوم القبض عليه، وأن القبض عليه قد حدث أمام الكلية بعد زيارة شخص مجهول له في لجنة الامتحان بصحبة أحد موظفي شئون الطلبة، وهي الواقعة التي تسببت في استقالة اتحاد طلاب الكلية، وتوجيه الاتهام لقوات الشرطة باختطاف الطالب وقتله، ولإدارة الجامعة بالتستر على جريمة قتله.
لمعرفة المزيد من التفاصيل عن الواقعة يرجى قراءة التقرير الذي أصدرته مؤسسة حرية الفكر والتعبير:
“تقرير استقصائي: إسلام عطيتو” .. وقائع قتل طالب خارج إطار القانون
24 مايو: ألقت قوات الشرطة القبض على منصور أشرف، الطالب بالمعهد العالي للتعاون الزراعي بالجامعة، عقب خروجه منها، وقادته إلى مكان غير معلوم.
10 يونيو: أصدرت محكمة القضاء العسكري بالهايكستب حكمًا بالسجن 15 عامًا وغرامة 36 ألف جنيه على ثلاثة من طلاب الجامعة بالإضافة لطالب من جامعة حلوان، في القضية رقم 5 لسنة 2015م، وكان الطلاب قد تم القبض عليهم في أبريل الماضي أثناء فض قوات الشرطة لمسيرة أمام الجامعة، ووجهت للطلاب تهمٌ بقطع الطريق وتعطيل المواصلات العامة واستعمال القوة والعنف وتنظيم مظاهرات.
10 يونيو: اقتحمت قوات الشرطة منزل عمرو خطاب، الطالب بجامعة عين شمس ومنسق حركة “طلاب مصر القوية” بالجامعة، وألقت القبض عليه قبل أن تفرج عنه في نفس اليوم.

جامعة القاهرة:
16 مايو: وفاة “أنس المهدي”، الطالب بجامعة القاهرة، بعد تعرضه لغيبوبة استمرت 27 يومًا، متأثرًا بإصابته نتيجة اعتداء قوات الأمن على طلاب متظاهرين في الجامعة.

جامعة الأزهر:
16 مايو: امتنعت إدارة سجن وادي النطرون عن ترحيل الطالب “إبراهيم أبو زيد”، رئيس اتحاد طلاب كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فرع تفهنا الأشراف، إلى سجن المنصورة لأداء امتحانات آخر العام برغم الانتهاء من إجراءات تمكينه من أداء الامتحانات.
17 مايو: اقتحمت قوات الشرطة جامعة الأزهر فرع البنات اقتحامًا مفاجئًا، وتمركزت أمام كافيتيريا الجامعة ولم يشهد اليوم حدوث أي فعاليات طلابية.
18 مايو: اقتحمت قوات الشرطة عددًا من الشقق التي يسكنها طلاب بجامعة الأزهر، وألقت القبض على 28 طالبًا، تم عرضهم على النيابة يوم 21 مايو، حيث قررت حبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيق في تهمة تفجير شقة في المقاولون، في المحضر رقم 2877 جنح مدينة نصر ثان، والطلاب هم “مصعب خيري، أحمد سمير، محمد درويش، ياسر سرحان، الحسن فريد، عبد الرحمن ربيع، محمد فتحي، أحمد محسن محمد، عبد الله شمس، أيمن طارق، شريف خميس، عبد الرحمن توفيق، بهاء الدين أحمد عبد الصادق، محمود جمعة، محمد رجب، بلال غزالي، مصطفى أبو علوة، محمد سيد، أحمد محسن أحمدي، عماد عبد السميع ميهوب، أحمد عاطف، علاء محمود إسماعيل، محمد أبو رواش، أحمد محمود الزفتاوي، بلال السباعي، محمد طمان، يوسف الزهيري، ومصعب خالد”
18 مايو: قامت قوات الشرطة بفض وقفة لطالبات حركة “طالبات ضد الانقلاب” بفرع الجامعة بتفهنا الأشراف تنديدًا بإعدام المتهمين في قضية “خلية عرب شركس”.
19 مايو: ألقت قوات الشرطة القبض على 15 طالبًا بفرع الجامعة بتفهنا الأشراف، بعد خروجهم من الجامعة عقب أدائهم لامتحان الفصل الدراسي الثاني.
26 مايو: اقتحمت قوات الشرطة جامعة الأزهر فرع البنات اقتحامًا مفاجئًا دون وقوع تظاهرات، للمرة الثانية خلال الشهر.
26 مايو: ألقت قوات الشرطة القبض على “عبد الله حسانين” الطالب بكلية الشريعة بجامعة الأزهر، وتم عرضه على النيابة في اليوم التالي حيث قررت حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق.
28 مايو: تكرر اقتحام قوات الشرطة لجامعة الأزهر للبنات بشكل مفاجئ للمرة الثالثة خلال الشهر.
2 يونيو: للمرة الرابعة تقتحم قوات الشرطة جامعة الأزهر فرع البنات بشكل مفاجئ دون وقوع تظاهرات.
4 يونيو: اقتحمت قوات الشرطة منزل الطالب أحمد عادل السعيد، رئيس اتحاد طلاب كلية الهندسة بجامعة الأزهر، وألقت القبض عليه.

جامعة الفيوم:
12 مايو: الحكم على أحمد عشيري وأحمد إسماعيل، الطالبين بكلية الهندسة بجامعة الفيوم، واللذين تم القبض عليهما أثناء اعتصام طلاب الكلية، بالسجن سنتين وغرامة 30 ألف جنيه.

جامعة الإسكندرية:
24 مايو: قررت النيابة العامة حبس “عمرو أشرف الصاوي”، الطالب بكلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، 15 يومًا على ذمة التحقيقات.
27 مايو: رفضت إدارة قسم كرموز نقل “عبد الله حمادة” الطالب بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية إلى مستشفى خارجي للعلاج من مرض الحصبة الألماني، كما رفضت أيضًا نقله إلى سجن الحضرة ليؤدي امتحانات الفصل الدراسي الثاني.
4 يونيو: رفضت إدارة مديرية الأمن بالإسكندرية نقل “مؤمن حمزاوي” الطالب بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية، إلى سجن الحضرة لأداء امتحانات نهاية العام.
5 يونيو: جددت النيابة العامة حبس 14 طالبًا بجامعة الإسكندرية 45 يومًا على ذمة التحقيق في قضية اقتحام الشرطة لكلية الهندسة والتي  كانت قد أدت لمقتل الطالب “عمر الشريف”.
8 يونيو: لم يتمكن الطالب “عبد الله حمادة” الطالب بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، من أداء امتحاناته، بسبب ترحيله إلى سجن برج العرب، رغم إنهاءه لكافة إجراءات أداء الامتحان.

جامعة حلوان:
31 مايو: ألقت قوات الشرطة القبض على أحمد خطاب، أمين اللجنة السياسية والثقافية في اتحاد طلاب هندسة حلوان ومنسق طلاب 6 أبريل بالجامعة.

ثانيًا: الانتهاكات الإدارية

جامعة الأزهر:
16 مايو: أصدر رئيس جامعة الأزهر قراًرا بفصل الطالبات “آلاء طلعت مهدي، أبرار أحمد ثابت، وشروق عبد العزيز محمد” فصلًا نهائيًا، وأيضًا قرار بفصل الطلاب “محمد هاشم هجرس، أحمد الكناني، عبد الله هلال، عبد الله سعد، طلحة إسماعيل، ومحمد السباعي” فصلًا نهائيًا.
18 مايو: فوجئ عدد من طلاب وطالبات الجامعة بمنعهم من دخول الجامعة وأداء الامتحانات بعد صدور قرارات بفصلهم من الجامعة لم يتم إبلاغهم بها على حد قولهم، ومن بينهم “فاطمة العيسوي فوزي، ندى محمد محمود، ولاء علي، مريم عبد الجواد علي، رقية محمود إبراهيم، رحمة جابر حسين، زينب عيسى محمد ونجيب طارق”.
24 مايو: قررت إدارة جامعة الأزهر فصل أحمد محمد الحسيني، وإبراهيم جمال، الطالبين بكلية اللغات والترجمة بالجامعة فصلًا نهائيًا.
28 مايو: قررت إدارة جامعة الأزهر فصل عشر طالبات بالجامعة فصلًا نهائيًا وهن “تسنيم عابدين، آية حسني، جنات محمود خليل، أريج محمد إبراهيم سالم، إيمان فهمي، مريم كامل أحمد، هاجر خالد فارس، هداية أحمد عبد السلام، إسراء عيسى إبراهيم، وعبير علي”.
28 مايو: قررت إدارة كلية الدراسات الإنسانية للبنات بجامعة الأزهر فرع تفهنا الأشراف فصل أربع طالبات من الكلية فصلًا نهائيًا، وهن “أسماء عبد الحميد البربري، منى محمد عبد المنعم، سمية دياب نبوي، ورحمة البهيدي”.

جامعة الإسكندرية:
20 مايو: فوجئ خالد عبد المحسن، الطالب بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية، بمنعه من دخول الكلية لأداء امتحاناته، بحجة أنه قد تم فصله من الكلية بقرار من رئيس الجامعة، بتهمة اشتراكه في مظاهرات طلاب الإخوان المسلمين، يوم 21 ديسمبر الماضي، دون أن يتم التحقيق معه أو إبلاغه بقرار الفصل.
23 مايو: قرر مجلس تأديب كلية العلوم بجامعة الإسكندرية برئاسة الدكتور “محمد إسماعيل إبراهيم” عميد الكلية فصل الطالبة “رنا عبد الغفار محمد” لمدة فصل دراسي واحد اعتباًرا من بداية فصل الخريف الجامعي 2015/2016 بتهمة شروع الطالبة في الدخول إلى حرم المجمع النظري يوم 11 فبراير عن طريق استعمال بطاقة جامعية تخص طالبة أخرى وحيازتها 2 موس محظور إدخالها الحرم الجامعي.
3 يونيو: منعت إدارة جامعة الإسكندرية 6 طلاب بالجامعة من أداء امتحاناتهم، وهم “عمر محمد عبد الهادي، عمر فرج، عبد الرحمن حرب، وعمر أشرف الصاوي” المحبوسين على ذمة قضايا مختلفة، رغم إنهاء إجراءات أداء الامتحان، بالإضافة للطالبين “محمد السيد ووفاء إسماعيل” واللذين كانا قد أنهيا عقوبة لكل منهما بالفصل من الجامعة، بحجة تجاوز كل منهما للمدة المقررة للغياب أثناء فصلهما.
5 يونيو: امتنعت إدارة جامعة الإسكندرية عن إرسال لجان لامتحان الطالب “عبد الله عصام فتح الله” المحتجز بسجن برج العرب، والطالب “يوسف سراج” المحتجز بسجن الأبعادية.

جامعة عين شمس:
10 يونيو: قررت إدارة جامعة عين شمس فصل محمد أبو شادي، الطالب بكلية الحاسبات والمعلومات بالجامعة، فصلًا نهائيًا، رغم أن الطالب كان مفصولًا بالفعل لمدة سنتين بقرار سابق من إدارة الجامعة.

مؤسسة حرية الفكر والتعبير تصدر ورقة عن “مفهوم الحرية الأكاديمية”

$
0
0

للإطلاع على الورقة بصيغة PDf

أصدر برنامج الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية ورقة جديدة بعنوان “مفهوم الحرية الأكاديمية .. قراءة نقدية في المواثيق والإعلانات الدولية” اليوم الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠١٥م، تأتي الورقة في ظل اهتمام البرنامج بقضايا الحرية الأكاديمية، خاصة وأن مفهوم الحرية الأكاديمية يثير جدلًا كبيرًا بين أوساط المهتمين بالشأن الجامعي في مصر.

وتتناول الورقة تطور مفهوم الحرية الأكاديمية تاريخيًا، متطرقة للخلاف حول الحدود الفاصلة بين الحرية الأكاديمية كمفهوم يرتبط بمؤسسة الجامعة، وبين حقوق وحريات أعضاء هيئة التدريس والباحثين والطلاب بصفة عامة خارج الجامعة، وإذا ما كانت الحرية الأكاديمية قاصرة فقط على العمل الأكاديمي، أم تمتد للنشاط العام داخل الجامعة.

وتقدم الورقة قراءة نقدية للتعريفات المختلفة لمفهوم الحرية الأكاديمية التي صاغتها المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والإعلانات ذات الصلة عالميًا وإقليميًا مثل: إعلانات ليما وكمبالا وعمان، التي صاغها مجموعة من أعضاء هيئة التدريس والمتخصصين بهدف الوصول لتعريف أكثر إحكامًا للحرية الأكاديمية.

وتخلص الورقة إلى وضع الحرية الأكاديمية في إطار مفاهيمي أكثر وضوحًا من خلال التفرقة بين مفهوم الحرية الأكاديمية والحقوق والحريات العامة لأعضاء هيئة التدريس، سواء خارج الجامعة أو داخلها، وللعمل على ربط المفهوم بواقع الجامعات المصرية، رصدت الورقة مجموعة من الانتهاكات التي طالت الحرية الأكاديمية خلال السنوات الأخيرة والتي تنوعت بين؛ منع من التدريس، منع نشر أبحاث أكاديمية، ومنع استضافة مؤتمرات علمية.

للإطلاع على الورقة بصيغة PDf

مؤسسة حرية الفكر والتعبير تصدر نشرة نصف سنوية لبرنامج “حرية الصحافة والإعلام”

$
0
0

للإطلاع على النشرة بصيغة PDF

شهدت الأشهر الستة الماضية العديد من التطورات في المشهد الصحفي والإعلامي في مصر، من اقتراب اللجان التشريعية المنوط بها وضع مقترحات بتشريعات ناظمة لعمل هيئات الصحافة والإعلام في مصر من تقديم مسودات نهائية بمشاريع القوانين، ومروراً بالحديث الدائر منذ فترة عن خطط حكومية لإعادة هيكلة “اتحاد الإذاعة والتليفزيون” إدارياً ومالياً، وانتهاءًا بانتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين والتي انتخب فيها نقيب جديد، في ظل بيئة ومناخ معاد لحرية الصحافة والإعلام، وتأثر واضح بحالة الاستقطاب السياسي والمجتمعي التي باتت السمة المميزة للمشهد العام في مصر منذ تاريخ ٣٠ يونيو٢٠١٣.

نحاول في هذه النشرة تقديم استعراض بتطورات المشهد الصحفي والإعلامي في مصر على مدار الشهور الستة الماضية، وذلك من خلال تقديم تحليل موضوعي عن وضع حرية الصحافة والإعلام من خلال دراسة آخر المستجدات التي طرأت على البيئة الإعلامية والصحافية خلال الفترة الماضية.

يقدم الجزء الأول من هذا الإصدار استعراضًا سريعًا للتطورات الخاصة بإعداد التشريعات الصحافية والإعلامية المتوقع إصدارها قريبًا، كذلك يستعرض هذا الجزء الإحصاءات البيانية للانتهاكات والتجاوزات التي تعرَّض لها الصحفيون على مدار الشهور الماضية وعرض بعض الشهادات التي تحصلت عليها المؤسسة من بعض ضحايا هذه الانتهاكات. يتناول هذا الجزء مستجدات قضايا الصحفيين والإعلاميين ممن تتولى مؤسسة حرية الفكر والتعبير مسئولية دعمهم قانونيًا في إطار عملها في دعم قضايا حرية الصحافة والإعلام.

في الجزء الثاني من الورقة، نسعى إلى تقييم عمل مجلس نقابة الصحفيين -المُنتخب حديثاً- خلال فترة الشهور الثلاثة الماضية وتقديم كشف حساب بمجمل قراراته وتصريحات أعضاؤه، لبيان مدى جدية هذا المجلس في الدفاع عن حقوق الصحفيين ومصالحهم الاقتصادية والمهنية، بعد فترة عصيبة عانت فيها النقابة من تجاهل مجلسها السابق لمطالب الصحفيين المتكررة من وضع حد للتدهور المستمر في أوضاع عمل الصحفيين في مصر.

يسعى الجزء الثالث من الورقة إلى تقديم شرح وافِ لطبيعة التحديات التي يواجهها القائمون على إدارة “اتحاد الإذاعة والتليفزيون” ومناقشة المقترحات المختلفة للخروج من أزمة الديون المتراكمة وإشكالية الترهل الإداري الذي يرفع من كلفة إعادة هيكلة الاتحاد مالياً وإدارياً.

للإطلاع على النشرة بصيغة PDF

تعليق على هامش القبض على باحثي المفوضية

$
0
0

لماذا حرية جمع البيانات وإنتاج المعرفة البديلة والمستقلة جريمة؟

 للإطلاع على التعليق بصيغة PDF

تابع برنامج الحق في المعرفة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير ما تعرّض له فريق البحث الميداني للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، حيث قامت أمس قوة من مركز شرطة الخصوص بالقبض على كل من المهندس عمرو أبو طويلة، المهندس شريف هلال، المحامية مها أحمد، والباحث محمد ثروت، ووجهت لهم تهمًا بجمع معلومات دون تصريح من الجهات المعنية والعمل لمؤسسة غير مشهرة قانونًا، وأخلى سبيلهم اليوم من نيابة الخصوص.

وترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن ما حدث لفريق البحث الميداني بالمفوضية المصرية هو موقف كاشف لواقع يواجهه المئات من باحثي مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية بشكل يومي في ممارستهم للأنشطة المتعلقة بالبحث الميداني التي تعتمد على جمع معلومات وبيانات بشكل مباشر من المجتمعات المستهدفة بالبحث والدراسة.

وهو واقع طالما وجّهنا له النقد وأشرنا إلى مدى خطورته وانتهاكه لحرية البحث العلمي المنصوص عليها في المادة 66 من الدستور المصري 2014 بأن “حرية البحث العلمي مكفولة، وتلتزم الدولة برعاية الباحثين والمخترعين وحماية ابتكاراتهم والعمل على تطبيقها”.

وحق التماس المعلومات وتداولها المنصوص عليه في الفقرة الثانية بالمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية “لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.

وفي هذا السياق تعيد المؤسسة طرح عدد من الإشكاليات القانونية التي ناقشتها بشكل أشمل في إطار دراستها المنشورة في مارس 2012 ” أزمات إنتاج وإتاحة تداول المعلومات في مصر، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نموذجًا” .

ما هي تلك “الجهات المعنية” التي يتوجب على الباحثين الحصول منها على تصريح بجمع معلومات؟!
تنص المادة 10 من القانون رقم 2915 لسنة 1964 بإنشاء وتنظيم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على أنه ” لا يجوز لأية وزارة أو هيئة أوجهة أو أي فرد من أفراد الحكومة أو القطاع العام أو القطاع الخاص أن ينشر بأي وسيلة من وسائل النشر أو الإعلام أي مطبوعات أو نتائج أو بيانات أو معلومات إحصائية إلا من واقع الإحصاء.

أما الإحصاءات الغير مقررة ضمن برامج الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فلا يجوز نشرها إلا بموافقة الجهاز”.

وبذلك أصبح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء -وفقًا لنص المادة السابقة- هو المحتكر الوحيد لعمليات إجراء الإحصاءات وجمع البيانات، حيث لم يعد في وسع أي هيئة علمية أو غيرها جمع البيانات والإحصاءات التي تدخل ضمن برامج الجهاز أو نشرها، كما أنه لم يعد في وسع المؤسسات العلمية والعامة والأفراد أن يقوموا بعمل الإحصاءات أو جمع البيانات التي تخرج عن نطاق البرامج السنوية التي يجريها الجهاز، إلا بعد الحصول على موافقته الكتابية.

بمعني أنه لم يعد في وسع أي هيئة علمية (مراكز البحث العلمي) أو الجهات الحكومية المختصة أن تراجع هذه الأرقام والبيانات أو أن تقدم أرقامًا بديلة عنها.

وفي كتابه، آراء في الشرعية وفي الحرية، أكّد الدكتور جمال العطيفي، أن قرارات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تُفرّق بين نوعين من البيانات: بيانات مقررة ضمن برامج الجهاز فلا يجوز نشرها بأية وسيلة إلا من واقع إحصاءات هذا الجهاز وتعتبر “حظر مطلق”.

وبيانات ليست مقررة ضمن برامج هذا الجهاز فلا يجوز نشرها إلا بموافقة الجهاز كتابة عليها وتعتبر “حظر مقيد”.

ولم تقف فلسفة الحجب والمنع عند هذا الحد، بل أن رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أصدر قرارًا حمل رقم 22 لسنة 19681 أعاد فيه النص على الحظر المفروض على أية وزارة أو هيئة أو جهة أو فرد في نشر البيانات أو المعلومات الإحصائية، ثم أضاف في هذا القرار سريان الحظر على ما ينشر في الصحف والمجلات والمطبوعات على اختلاف أنواعها من البيانات والمعلومات الإحصائية ونتائج الاستفتاءات. وصيغة النص المطلقة على هذا النحو تسمح للجهاز بأن يفرض ستارًا من الصمت على الصحافة ومراكز البحث العلمي والجامعات في نشر أي بيانات أو معلومات إحصائية أو استفتاءات، ما لم تتم موافقته كتابة عليها حتى ولو كانت هذه البيانات أو المعلومات أو الاستفتاء متعلقة بإبداء الرأي في أي نشاط اجتماعي، ولو لم تكن لهذه البيانات أو المعلومات علاقة بأسرار الدولة وأمنها.2

وفي شهر أغسطس أكتشف رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أنه قد فاته إضافة حظر الاستقصاءات أيضًا، فأصدر القرار رقم 33 لسنة 1968 والمعدّل بالقرار رقم 231 لسنة 19683 وبالتالي أصبح محظور إجراء أي إحصاءات أو تعدادات أو استفتاءات أو استقصاءات.
وأصبح لا يقتصر المنع على نشر الإحصاءات أو الاستقصاءات بل على القيام بها أيضًا، هذا بالإضافة إلى أنه أمتد إلى التعاقد على استخدام آلات إحصائية أو حسابية أو إجراء برامج أو اختبارات لها إلا بإذنه وموافقته ولو كانت الجهة المتعاقدة هي جهة عامة.

هل الجهاز المركزي هو المحتكر الوحيد لإنتاج ونشر المعلومات إذن ؟
إن سلطة الاحتكار مفعّلة بقوة تجاه المبادرات الأكاديمية والبحثية الأهلية والمستقلة، وشكلية تجاه كافة هيئات وأجهزة الدولة الأخرى.
فبالنظر لصلاحيات الجهاز المركزي نجد أنه الجهة الوحيدة ذات الحق في إنتاج ونشر المعلومات، ولا يحق لأي جهة أو مؤسسة أن تنشر أو تعتمد أي من الإحصاءات إلا من واقع ما ينتجه وينشره الجهاز، إضافة إلى أنه ذا سلطة في السماح بممارسة وتنفيذ أي مبادرات ومشروعات بحثية أهلية أو أكاديمية ذات صلة بجمع معلومات وإحصاءات من المجتمع.

وعلى الرغم من ذلك، فنجد أن تلك السلطة الاحتكارية مُنتَهَكة فعليًا من أجهزة ومؤسسات الدولة الأخرى فنجد الوزارات والهيئات المختلفة تقوم بإنتاج ونشر النشرات الإحصائية الخاصة بها دون أي ارتباط بالجهاز المركزي.

فبموجب القرار رقم (627) لسنة 1981م بإنشاء مراكز المعلومات والتوثيق في الأجهزة الإدارية للدولة والهيئات العامة، أصبح لكل وزارة أو جهة حكومية قاعدة البيانات الخاصة بها والتي من خلالها يتم جمع البيانات من كافة الجهات وتخزينها وإصدار الإحصاءات والمؤشرات والمعلومات طبقًا للمعايير والمفاهيم الخاصة بتلك الجهة، وهو ما يتعارض مع أحكام المادة (10) من قرار إنشاء الجهاز المركزي. وعلى الرغم من نصّ المادة الرابعة من القرار على عدم الإخلال بأحكام قرار رئيس الجمهورية بإنشاء الجهاز المركزي إلا أنه لم يتضمن بشكل واضح آليات التنسيق مع الجهاز المركزي، وجاء في كامل مضمونه منفصلًا عن قرار إنشاء الجهاز المركزي وخاصة فيما يتعلق بضرورة الاتساق مع المفاهيم والمعايير القياسية والمنهجية لإعداد البيانات والمعلومات ويؤكد هذا الأمر نص المادة الثانية من قرار إنشاء مراكز المعلومات ” يتولى رئيس الجهة المنشأ بها المركز تحديد الاختصاصات التفصيلية والعناصر المكونة للبناء التنظيمي للمركز ونظمه ومقرراته الوظيفية”.

وأيضًا، بموجب القرار رقم (1) لسنة 1992م بإنشاء مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار؛ والذي لم يُشر هو الآخر بشكل واضح إلى مواد قرار إنشاء الجهاز المركزي، وعلى الرغم من تضمين رئيس الجهاز المركزي كعضو بمجلس أمناء المركز وفق المادة الرابعة من القرار، إلا أنه تضمّن العديد من المواد التي تجعل للمركز دورًا مؤثرًا في النظام القومي للإحصاء حيث يقوم المركز بإعداد الخطة القومية وإستراتيجية الدولة في مجال المعلومات، كما أن قيام المركز بتقديم المساعدة الفنية والتكنولوجية لإنشاء مراكز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالوزارات والمحافظات جعل ولاء الأخيرة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فيما يتعلق بإمداده بالبيانات التي يحتاجها، وبالتالي فقد تم -عمليًا- تعطيل السلطات والصلاحيات المخوّلة للجهاز المركزي حتي لو احتفظ بها بموجب نصوص القانون المكتوبة وبموجب الإجراءات الكتابية، ذلك إلى جانب الإخلال بمفهوم مركزية نشر الإحصاءات والمعلومات، ومستوى الإنتاجية والكفاءة، فالواقع العملي يشير إلى قيام كل وزارة أو جهة أو هيئة بإنتاج ونشر ما يخصها من إحصاءات ومعلومات دون الرجوع للجهاز، وكذلك عدم وجود أي التزام لديها بمد الجهاز المركزي بكل ما تنتجه لأنها غير تابعة له وفق إطار تأسيسها ونشأتها.

وبالتالي فإن سلطة الجهاز في جمع ما يحتاج من المعلومات والبيانات من الجهات والهيئات الحكومية، وسلطته باعتباره الجهة الوحيدة المخوّل لها القرار بالإتاحة والنشر أصبحت موضع خلل إن لم تكن مُعطّلة وشكلية تجاه كافة مؤسسات الدولة الأخرى المعنية بإنتاج ونشر المعلومات، في حين ما زالت سلطة احتكاره مفعّلة بقوة تجاه المبادرات الأكاديمية والبحثية الأهلية والمستقلة.

أخيرًا، ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن إشكالية الحركة البحثية في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية تكمن في صراعها مع سياسات وممارسات النظم البيروقراطية والسلطوية من أجل انتزاع نسبة أعلى من الاستقلالية و حرية السعي للمعرفة والحقيقة ونقلها، حول كافة القضايا والموضوعات التي تجتهد تلك النظم في منع التعرض لها بالبحث والطرح سواء بفزاعات تهديد الأمن القومى أو تكدير السلم الاجتماعي العام أو حتى بدافع الحفاظ على القيم الأخلاقية والدينية واحترام عقائد ومعتقدات المجتمع. ويعتبر الحصول على المعلومات الكاملة والصحيحة هو أحد أهم جبهات ذلك الصراع، حيث يحتاج الإنتاج البحثي المعرفي للحصول على المعلومات الكاملة والمنضبطة والصحيحة والمحدّثة سواء عن طريق ضمان حرية الجمع الميداني المباشر أو عن طريق حرية الحصول عليها من الجهاز الرسمي المعنى بإنتاجها وإتاحتها.

لذا تؤكد المؤسسة على:

  • ضرورة المراجعة الشاملة لكافة القوانين والتشريعات المتعلقة بإنتاج وإتاحة ونشر المعلومات والبيانات الصادرة من الجهاز الرسمي الممثل في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وكافة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية المعنية بإنتاج وإتاحة ونشر المعلومات بما يمكّن من إصدار قانون موحد للإحصاء والمعلومات في مصر يحدد طبيعته وكافة الأدوار والمسئوليات للجهات العاملة والمهتمة بمجال الإحصاء والمعلومات.
  • أهمية كسر احتكارية الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لإنتاج ونشر المعلومات والإحصاءات ليصبح الجهاز الأساسي للمعلومات –وليس الوحيد- في إنتاجها وإصدارها وله حق التنظيم والتنسيق والإشراف العلمي الموضوعي على منهجيات التطبيق وليس التحكم في سياسات الموضوعات والبرامج المُراد تنفيذها من قبل المؤسسات الأخرى سواء الحكومية منها أو المستقلة والأهلية والخاصة.
  • وضع آليات للتنسيق وتنظيم العمل بين مكونات منظومة إنتاج وإتاحة المعلومات، تتلخص في إنشاء ” المجلس(اللجنة) القومية للإحصاء” تضم في عضويتها ممثلين من الحكومة والقطاع الخاص والجامعات ومنظمات المجتمع المدني.

 للإطلاع على التعليق بصيغة PDF

الجامعة تحت الحصار” .. تقرير رصدي تحليلي حول العام الدراسي 2014/2015″

$
0
0

للإطلاع على التقرير بصيغة PDF

أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، تقريرًا رصديًا تحليليًا عن وضع الجامعات المصرية خلال العام الدراسي ٢٠١٤م-٢٠١٥م، اليوم الثلاثاء 7 يوليو ٢٠١٥م، تحت عنوان “الجامعة تحت الحصاv”
يأتي التقرير كجزء من اهتمام المؤسسة برصد وتوثيق وتحليل الأحداث الجارية التي تقع في دائرة عمل المؤسسة.

ويستعرض التقرير بشكل مفصل أعداد وهوية الطلاب الّذين تم القبض عليهم، والطلاب الّذين تعرضوا لجزاءات تأديبية، و المحالين للقضاء العسكري في وقائع تمت داخل الحرم الجامعي وفقًا لقانون حماية المنشآت رقم ١٣٦ لسنة ٢٠١٤م.وكذا حصر الطلاب القتلى داخل الجامعات أو في محيطها، وانتهاكات أخرى تشمل “اقتحام الجامعات، إتلاف ممتلكات عامة وخاصة، فض تظاهرات، تعدي بالضرب أو إصابة، احتجاز إداري، قرارات تعسفية، منع فاعلية سياسية، منع من دخول الجامعة، وتهديد إداري.

وبحسب التقرير فإن الجامعات المصرية شهدت ١٥٥٢ حالة انتهاك بواقع ٧٦١ طالبًا تم القبض عليهم خلال العام ٢٠١٤م – ٢٠١٥م، و٥٢٣ جزاءًا تأديبيًا أصدرته إدارات الجامعات ضد الطلاب دون المثول لمجالس تأديبية عادلة ومنصفة، وطبقًا لقانون حماية المنشآت فإن السلطة حولت الجامعات إلى منشأة عسكرية وأطاحت بحق الطلاب في المثول أمام قاضيهم الطبيعي وبالتالي ضمانات المحاكمة العادلة،حيث أحيل ٨٩ طالبًا وطالبة للقضاء العسكري، كما رصد التقرير ١٧٦ انتهاكًا تنوع بين اقتحام جامعات، إتلاف ممتلكات، احتجاز إداري، تعدي بالضرب، فض تظاهرات،منع فعاليات سياسية، منع دخول الجامعة وتهديد إداري.

وأخيرًا تناول التقرير نماذج لحالات انتهاك الحرية اﻷكاديمية شملت تدخل إدارات الجامعات ووزارة التعليم العالي في عمل أعضاء هيئة التدريس والباحثين الأكاديميين، بالإضافة للقيود المفروضة على حرية البحث والنقاش والتدريس،والتي تؤثر بالسلب على التعليم والبحث العلمي.

للإطلاع على التقرير بصيغة PDF

“فض اشتباك .. الخصوصية وحرية تداول المعلومات” ورقة جديدة لبرنامج الحق في المعرفة

$
0
0

للإطلاع على الورقة بصيغة PDF

أصدر برنامج “الحق في المعرفة”، ورقة مفهوم جديدة بعنوان “فض اشتباك..الخصوصية، وحرية تداول المعلومات”، اليوم الثلاثاء ٤ أغسطس ٢٠١٥م. حيث تأتي في إطار اهتمام البرنامج بتأصيل أهمية إتاحة وحرية تداول المعلومات.

وتهدف الورقة إلى إلقاء الضوء على مساحة التقاطع، والاشتباك بين الحق في الخصوصية والحق في الوصول للمعلومات. حيث تظل تخوفات وتحفظات انتهاك الخصوصية أحد أهم ما يواجه نداءات التمكين من الحق في الوصول للمعلومات، سواء بتقييد الحق على إطلاقه، أو بتقييد حالات الحق في الوصول للمعلومات.

وتحاول الورقة تقديم تصور مفاهيمي لصناع القرار بشأن مساحات الارتباط بين الحق في الخصوصية والحق في الوصول للمعلومات، كمحاولة لفض الاشتباك بينهما. كما تسعى لإلقاء الضوء على آليات الممارسة القانونية والتشريعية من واقع التجارب الدولية لإدارة العلاقة بين التمكين من الحق في الخصوصية من جانب وحرية الوصول للمعلومات من جانب آخر.

للإطلاع على الورقة بصيغة PDF

مسيرة طويلة وانتهاكات لم تتوقف” .. تقرير حول الحركة الطلابية في الجامعة الألمانية بعد الثورة”

$
0
0

  PDF للإطلاع علي التقرير بصيغة

ربما يرى بعض المتابعين للشأن الجامعي، خطًأ، أن انتهاكات الحقوق والحريات الطلابية اقتصرت على الجامعات الحكومية فقط دون الخاصة منها. إلا أن إعادة النظر في السنوات الأربع الأخيرة التي تلت ثورة يناير واشتعلت فيها الحركة الطلابية في الجامعات الخاصة كما الحكومية يثبت عكس ذلك حيث عانى طلاب هذه الجامعات من انتهاكات إدارية وأمنية كالتي عانى منها زملائهم في الحكومية وإن كان بمعدل أقل نظرًا لطبيعة الجامعة والحركة وأعداد الطلاب المشاركين فيها.

منذ بدأ طلاب الجامعة الألمانية –وهي الجامعة التي أنشأت كجامعة خاصة مصرية، وفقًا لشراكة مع جامعتي “أولم وشتوتجارت” الألمانيتين، وبموجب القرار الجمهوري رقم 27 لسنة 2002م، ووفقًا للقانون الخاص بإنشاء الجامعات الخاصة في مصر، رقم 101 لسنة 1992م، ولائحته التنفيذية رقم 355 لسنة 1996م، وتقع تحت رعاية وزارة التعليم العالي المصرية ووزارة العلوم والبحث والآداب بولاية “بادن فورتمبرج”، وتدعمها عدة هيئات ألمانية أخرى منها، هيئة خدمات التبادل الأكاديمي الألماني (DAAD)، والسفارة الألمانية بالقاهرة، والغرفة العربية الألمانية للتجارة والصناعة، ووزارة البحث الفيدرالية بألمانيا1.-

منذ بدؤوا في التحرك في الفصل الدراسي اللاحق لثورة يناير وضعوا صوب أعينهم الدفاع عن وجود اتحاد ممثل للطلاب على غرار الجامعات الحكومية وبعض الجامعات الخاصة الأخرى إلا أن إدارة الجامعة أبدت تعنتًا في البداية تجاه هذه المطالب بل ومارست انتهاكات عديدة في حق الطلاب، خصوصًا الذين يلعبون أدوارًا قيادية في الحركة، على مدار السنوات الأربع الماضية هدفت بشكل رئيسي لإضعاف وخنق حركة الطلاب.

إن قرارات الفصل الأخيرة في حق طلاب الجامعات الألمانية تدفعنا لأن نبدأ في رصد وتوثيق مسيرة الحركة الطلابية في هذه الجامعة، والتي ولدت واتسعت في الفترة ما بعد يناير 2011 وعملت بشكل رئيسي على الدفاع عن حق الطلاب في خلق تنظيمات تدافع عن حقوقهم وتمثلهم أمام إدارة الجامعة، بعد أن غابت هذه التنظيمات لأكثر من ثماني سنوات. وكذلك رصد المحاولات التي صاحبت هذه الحركة من قبل الإدارة للقضاء عليها وتحجيمها.

لا يختلف وضع الحركة الطلابية بالجامعة الألمانية بالقاهرة عن مثيلاتها من الجامعات الخاصة سواء من حيث شكل الحركة ومطالبها المعلنة؛ حيث بدأت جميعها في التصاعد في الفترة نفسها وانصب أغلبها على حق الطلاب في التنظيم. ومن ناحية أخرى لم تختلف الطريقة التي تعاطت بها إدارات هذه الجامعات مع الحركة.

لم تستحوذ الحركة الطلابية في الجامعات الخاصة على اهتمام المتابعين للشأن الجامعي كما فعلت حركة طلاب الجامعات الحكومية وذلك نظرًا للانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها الأخيرة سواء على يد إدارات الجامعات أو على يد قوات الأمن. إلا أن هذا الجزء من الحركة الطلابية يستحق أن يسلط عليه الضوء، وربما يكون هذا التقرير خطوة في هذا الاتجاه.

  PDF للإطلاع علي التقرير بصيغة


ورقة موقف .. من يملك أوامر “الفرم”بحق الصحف المصرية !؟

$
0
0

 PDF للإطلاع علي النسخة 

خلال العشرة أيام الأخيرة تعرَّضت ثلاث صحف مصرية “للفرم” أو “وقف الطباعة” داخل مطابع الأهرام من قبل جهات أمنية/سيادية غير معلومة بالمخالفة للدستور والقانون، في انتهاك يُعد الأكثر خطورة على حرية الصحافة والإعلام في مصر، بعد استهداف الصحفيين وقتلهم وحبسهم، منذ قيام ثورة يناير 2011م. حيث أكد موقع جريدة “المصريون” الأسبوعية أن مؤسسة الأهرام؛ أوقفت، أمس السبت الموافق 22 أغسطس 2015م، طبع العدد الأسبوعي لـ “المصريون”، المُقرر صدوره الأحد، وهي المرة الثانية التي يُعطَّل فيها طبع الجريدة، بعد أن سبق وعطَّلت جهات أمنية طبع عددها الصادر في 14 ديسمبر الماضي، بسبب تحفظات على محتوى العدد. وكانت “المصريون” أرسلت صفحات العدد الجديد لمطابع “الأهرام” في وقت مبكر صباح السبت، إلا أنها فوجئت بصدور أوامر مجهولة بوقف الطبع، وذلك بسبب اعتراضات على مقال جمال سلطان، رئيس التحرير، بعنوان (لماذا لا يتوقف السيسي عن دور المفكر الإسلامي)، الذي ينتقد تركيز الرئيس عبد الفتاح السيسي على مسألة الخطاب الديني أكثر من انشغاله بواجبات وظيفته الأساسية. كذلك اعترضت نفس الجهة المجهولة على تقرير في الصفحة الرابعة، بعنوان “الغموض يحيط بزيارة “السيسي” إلى بريطانيا خوفًا من الاعتقال، والذي يتناول مصير زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بريطانيا، المقررة قبل نهاية العام الجاري.

قبل وقف طباعة جريدة “المصريون” الأسبوعية بساعات؛ كانت جهات مجهولة -أيضًا- قد أوقفت طبع جريدة “الصباح”، السبت؛ بسبب اعتراضها على مقال “كيف تكون طفلاً للرئيس في 9 خطوات”، للصحفي أحمد رفعت، والذي ينتقد فيه حوار نفس الجريدة مع محمد بدران، رئيس حزب مستقبل وطن، حيث أكَّد وائل لطفي رئيس تحرير الصباح؛ أن هناك جهة طلبت تغيير المقال، رغم أنه قام بعرضه على محمد بدران، للرد، ولكنه رفض التعليق على المقال. وهو ما أكده، أحمد عاطف، رئيس قسم التحقيقات بالجريدة، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عصر السبت.

وكانت الحالة الثالثة هي جريدة صوت الأمة، حيث قامت جهة أمنية قبل أيام وتحديدًا؛ يوم الجمعة قبل الماضي، الموافق 14 أغسطس 2015، ب”فرم” عدد الجريدة بمطابع الأهرام -بعد طباعته- بسبب تناوله خبرًا اجتماعيًا يتحدث عن أحزان الرئيس لمرض والدته وزيارته لها في مستشفى الجلاء قبل يومين، بعد تدهور حالتها، وعن النزلاء الآخرين بالمستشفى. بحسب تصريحات رئيس تحرير الجريدة، عبد الحليم قنديل، الذي أكد أن نسخًا محدودة من العدد نزلت إلى الأسواق قبل فرمه.

من المسئول عن قرارات الفرم ووقف الطباعة!؟

أحدث الدستور المصري نقلة مهمة على مستوى المواد المتعلقة بحماية وتعزيز حرية الصحافة وحظر فرض الرقابة على الصحف أو مصادرتها في مواده 70،71، حيث نصَّ؛

مادة 70
“حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة، ..”.

مادة 71
“يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زَمن الحرب أو التعبئة العامة. ، ..”.

إلا أن هذه المواد مُعطلَّة، ومُنتهكَة بشكل كبير من قبل جهات أمنية، غير معلومة، تُمارس كافة صور الرقابة المُسبقة على الصحف والجرائد -بمختلف أشكالها- وتتخذ قرارات بالمصادرة والفرم ووقف الطباعة وكأنها جهات فوق الدستور والقانون.
في تصريحات متكررة، أكد أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام؛ أن الأهرام ليست طرفًا في أي قضية تتعلق بوقف الطباعة حال حدوثها، وأن المسئولية تقع على الجهة التي أصدرت قرار وقف الطباعة ولا علاقة للإهرام بها. وهو ما يثير العديد من التساؤلات؛
ما هي جهة الرقابة تلك؟ من يمتلك الحق في إصدار قرارات الفرم، وقف الطباعة، والمصادرة؟ هل هي جهة واحدة أم أن هناك أكثر من جهة تقوم بعملية الرقابة؟ ما هو السند القانوني لمثل تلك الأفعال؟!

فبمراجعة كافة القوانين التي تُنظِم عملية إصدار الصحف ونشرها وتوزيعها، وكذلك مصادرتها، تعطيلها أو منعها، كالقانون رقم 96 لسنة 1996م بشأن تنظيم الصحافة، والقانون رقم 20 لسنة 1936م بشأن الرقابة على المطبوعات، وقانون تنظيم المجلس الأعلى للصحافة ولائحته التنفيذية؛ تبيَّن أنه لا يوجد ثمة نص يعطي الحق لأي جهة أمنية/سيادية في اتخاذ قرارات تتعلق بوقف طباعة، فرم، أو مصادرة أية صحيفة مطبوعة بشكل مُسبَق إلا في حالات نصَّ عليها الدستور في زمن الحرب أو التعبئة العامة، ولها ما ينظمها. أو في حالة نشر أخبار تتعلق بالمخابرات العامة أو الشئون العسكرية.

إن استمرار مثل هذا النهج دون محاسبة ودون معرفة المسئول عن مثل تلك القرارات يُعد إهدارًا للدستور والقانون وكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحمي حرية الصحافة والإعلام، ويعطي انطباعًا بأن هناك جهات فوق الدستور والقانون تملُك تصريحًا من السلطة السياسية بالعبث بحق المواطنين في المعرفة، وتُنصِّب نفسها وصيًا على عقول المواطنين لتختار لهم ما يجب أن يقرؤوا، وما لا يجب نشره وكتابته.

كما أن تكرار هذا الأمر يُثير الشُبهات حول دور مؤسسة الأهرام في عملية الرقابة اليومية على كافة الصحف والجرائد التي تقوم المؤسسة على طباعتها، رغم نفي رئيس مجلس إدارتها، فقد أثبتت الحالات السالف ذكرها، أن الاتصال يجري عبر مؤسسة الأهرام وليس عن طريق تلك الجهة المجهولة التي لا يعرفها أحد، وهو ما يستدعي تحرُك عاجل من قبل نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة والجماعة الصحفية في مصر من أجل استيضاحه ومعرفة المسئول عنه وتقديمه للمحاسبة.

كذلك فإن من حقنا جميعًا كمصريين أن نتساءل؛ من يتحمل تكلفُة إعادة طبع النُسخ التي يُتخذ قرار بفرمها؟ هل هي الصحيفة صاحبة الشأن؟ أم مؤسسة الأهرام؟ أم أنها تلك الجهة التي اتخذت القرار؟ ففي الحالتين الأخيرتين يُمكننا القول بأن هناك ثمة شُبهة إهدار مال عام جراء هذه القرارات، يُفترض أن تجعل المسئولين عنها تحت طائلة القانون.

إن الشاهد المشترك بين الحالات الثلاث -على اختلافها- هو أنك لو تسطرت خبرًا أو كتبت مقالًا عن الرئيس لا يروق لتلك الجهة الأمنية/السيادية، في هذه الحالة تُصبِح “المفرمة” هي المكان الوحيد الذي تُوزَّع فيه نُسخ صحيفتك قيد الطباعة. في محاولة لإعادة صناعة إعلام الصوت الواحد الذي لا هم له سوى تمجيد الحاكم والتهليل لمشروعه السياسي. وتلك المحاولات اليوم اختلفت كثيرًا فلم تعُد أدوات الرقابة من منع ومصادرة وفرم قادرة على حجب المعرفة ومنع تداول المعلومات بين جمهور المواطنين، فوسائل الإعلام الإلكتروني أصبحت بديلًا حُرًا ينقل الرأي وينشُر المعرفة دون قيود. وهو ما يجعلنا نُعيد التساؤل حول الجدوى من وراء مثل تلك الأداءات؟!

إن كل ما سبق يحدث في الوقت الذي انتهت فيه لجنة الخمسين لصياغة التشريعات الصحفية والإعلامية من إعداد مسودة القانون المُنظِم للصحافة والإعلام، وتقديمُه لمجلس الوزراء، وتسليم نسخة منه لرئيس الجمهورية، بهدف إنجاز ما أقرَّه الدستور المصري (2014) في مواده213،212،211 حول تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، بهدف ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام الخاصة/المملوكة للدولة، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، و تحريرها من تدخلات السلطة التنفيذية. إلا أنه يبدو أن عملية إعداد التشريعات تجري في ظل مناخ عام تتزايد فيه معدلات الانتهاكات بحق الجماعة الصحفية على أصعدة مختلفة، فقد شهدت الفترة الماضية محاولات لتكميم الأفواه ومنع الأقلام المعارضة،حيث سجَّلت الأشهر الخمسة الماضية (مايو/أغسطس 2015) منع أربعة مقالات لكلٍ من أسامة الغزالي حرب، حازم عبد العظيم، علاء الغطريفي، وماجد علي في صحف الأهرام، اليوم السابع، الوطن، وأخبار اليوم؛ لأسباب مختلفة تتعلق بانتقاد تلك المقالات للرئيس السيسي وأداؤه السياسي، كذلك أوقفت السلطات المصرية، طباعة عدد جريدة “الوطن” اليومية، الصادر يوم الإثنين الموافق 11 مايو 2015م، حيث تم إيقاف طباعة العدد في المطبعة بسبب التقرير الذي شمله العدد السنوي عن “7 جهات أقوى من السيسي”. وقد صدر قرار الوقف بعد طباعة الجريدة 48 ألف نسخة، وتم فرم جميع النسخ. وأعيدت طباعة ونشر الجريدة، مع تغيير الموضوعات التي تحفظت عليها السلطات.
وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن التشريع -وحده- لا يمكن التعويل عليه، وخاصةً في ظل وجود إرادة سياسية مُعادية لحرية الصحافة تعلوه، وتجعل منه حبر على ورق.

 PDF للإطلاع علي النسخة 

“مؤسسة حرية الفكر والتعبير تصدر ورقة بعنوان “فلسفة النفاذ الحر والمستودعات الرقمية

$
0
0

للإطلاع على الورقة بصيغة PDF

أصدر برنامج “الحريات الرقمية” بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، ورقة جديدة بعنوان ” فلسفة النفاذ الحر والمستودعات الرقمية”، اليوم الإثنين ٢٤ أغسطس، تتناول الورقة مفهوم فلسفة النفاذ الحر، كحركة ظهرت لدعم حق المستخدمين في التمتع بحرية تداول المعرفة ومشاركتها دون وجود عوائق تقنية، قانونية ومالية، أو وجود نوع من أنواع التمييز، وكذا دون وجود عوائق تتعلق بقيود الملكية الفكرية.حيث جاءت فلسفة النفاذ الحر بحلول لتشارك المعرفة من خلال آليات نشر بديلة وما زالت تتطور ويصاحبها حركات أخرى على مستوى العالم بدأها أكاديميين وباحثين ومهتمين في مختلف المجالات في محاولة لإتاحة معرفة حرة للمستخدمين.

وتشير الورقة للسياسات التي تعوق المستخدمين، وتحول بينهم وبين الوصول للمحتوى المعرفي، أما بفرض مقابل مادي، أو بالتمسك بحقوق الملكية الفكرية للمؤلفين والناشرين التي تضيق أي مساحة لمعرفة حرة.كما تطرقت لعدة مبادرات عالمية وهي (الباءات الثلاثة) الداعمة للنفاذ الحر للمعرفة والتي اعتمدت عدة سياسات لكيفية إثراء عملية التشارك المعرفي.

ما زالنا نعاني من مشكلة الوصول إلى المحتوى بكل أشكاله، أما لعدم القدرة على تحمل العبء المادي للوصول، أو لوجودنا في مكان جغرافي تكثر به المحاذير، وبشكل أساسي الحقوق التي اعتمدها المؤلفين والناشرين والشركات المحتكرة لأنفسهم لتكون عوائق أمامنا في الوصول للمعرفة. لذلك أتت تلك الورقة كمحاولة لتقديم حركة تدعم حرية المعرفة وأهميتها في الابتكار والتطور وأيضًا الحق في المعرفة دون قيود.

للإطلاع على الورقة بصيغة PDF

حرية الفكر والتعبير تنشر دراسة بعنوان “السياسات الثقافية النشأة.. التطور.. الإشكاليات”

$
0
0

للإطلاع على الدراسة بصيغة PDF

إسهامًا من ملف حرية الإبداع والتعبير الفني بمؤسسة حرية الفكر والتعبير في إثراء النقاش الدائر اليوم داخل الجماعة الثقافية، أصدرت المؤسسة، اليوم الاثنين 14 سبتمبر 2015م، دراسة تحت عنوان “السياسات الثقافية النشأة.. التطور.. الإشكاليات”، تحاول أن تناقش فلسفة السياسات الثقافية في مصر منذ نشأتها، مرورًا بمراحل تطورها، وختامًا بالإشكاليات التي تقف في طريق تطويرها وإنضاجها، وذلك من خلال عرض سياق تاريخي وثقافي وسياسي حول نشأة السياسات الثقافية في مصر، بالإضافة لقراءة في فلسفة التشريعات الناظمة لحرية الإبداع والتعبير الفني.

كما تتعرض الدراسة من خلال ملحقين إلى؛

  • تفصيل الأجهزة المسئولة عن منظومة الثقافة في مصر.
  • عرض وتحليل لثلاث تجارب دولية مهمة حول تشكُّل وإشكاليات السياسات الثقافية بها. وهي؛ كرواتيا، ألمانيا، واليونان.

وإيمانًا من المؤسسة بأن الصراع الدائر اليوم داخل الجماعة الثقافية المصرية قد يفتح بابًا شديد الأهمية للنقاش حول مسائل جوهرية تتعلق بتطور الحركة الثقافية المصرية والدور المنوط بها اجتماعيًا وسياسيًا، نرى أن أصل الخلاف يعود -بالأساس- إلى غياب ما يُطلق عليه “سياسة ثقافية” حقيقية وراسخة وواضحة ومتطورة نستطيع أن نحتكم إليها بداية في تحديد توجهاتنا الثقافية المرحلية والاستراتيجية، مرورًا بالدور المنوط بالثقافة أن تلعبه من نابع مسئوليتها الاجتماعية والأدبية، وصولًا لخطط تحقيق الأهداف المرجوة من الثقافة، و آليات تنفيذ تلك الخطط.
ففي الوقت الذي تنتظر فيه الوزارة عملية واسعة لإعادة الهيكلة -بحسب خطة د.عبد الواحد النبوي، وزير الثقافة- تشهد الجماعة الثقافية المصرية حالة انقسام واسعة بشأن السياسات والتوجهات التي يجب أن تتبناها الثقافة المصرية الفترة المقبلة، والمؤكد -بصرف النظر عن أطراف الخلاف ومواقفهم- أنه لا أمل في خطط أو مقترحات لإعادة الهيكلة دون الاتفاق الديمقراطي على مشروع وثيقة “سياسات ثقافية” تحسم الجدل، وتضع رؤية لتطوير الحركة الثقافية المصرية، واستكمال نموها وعملية إنضاجها التي توقفت لعقود بفعل تدخلات النظم السياسية المتعاقبة ورغبتها في السيطرة على وتوجيه حركة التطور الثقافي بما يخدم مشروعها السياسي.

وتتمنى المؤسسة أن يُستكمَل النقاش، وتؤكد على أن الجماعة الثقافية عليها أن تُعيد النظر في طبيعة الصراع، ليوجهوا ثقلهم نحو الاتفاق على سياسات ثقافية تُعبر عن قيمة ودور المبدعين المصريين، ليكون ذلك دستورهم لحل الخلافات المتلاحقة، ووقف نزيف عملية تطور الحركة الثقافية المصرية.

للإطلاع على الدراسة بصيغة PDF

ورقة قانونية عن معايير قانون تداول المعلومات

$
0
0

تُصدِر مؤسسة حرية الفكر و التعبير، اليوم الثلاثاء، ورقة قانونية حول المعايير و الأحكام التي يجب مراعاتها أثناء وضع التشريع الخاص بحرية تداول المعلومات، و تهدُف الورقة لتسليط الضوء على عدد من النقاط الجوهرية أو الحد الأدنى من العناصر التي يجب أن يشملها القانون، و خاصة أن قانون تداول المعلومات يخاطب الحكومات والأجهزة التابعة لها بالأساس، و يفرض عليها مجموعة من الالتزامات تتعلق بطرق و معايير الإفصاح و درجة شفافيتها.

إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تؤكد أن قانون تداول المعلومات ومجموعة من التشريعات الُمكّمِلة له، مثل قوانين حماية البيانات و حماية المبلغين و الشهود، و كذلك قوانين و لوائح الحفظ و الأرشفة الداخلية للأجهزة الحكومية التي تراعي منهجية البيانات المفتوحة و الإفصاح الاستباقي؛ تعتبر النواة لأي نظام ديمقراطي، إلا أن الأمر لا يقف عند حد المسميات بل يجب ان يمتد إلي نصوص تشريعية واضحة و قوية يغلب عليها طابع العمومية و الإلزام، و تمتد لتشمل كل المعلومات والبيانات التي تمتلكها أو تنتجها الحكومات بداعي ضرورات عملها و دورها كمُجمِع و مُنظِم لهذه المعلومات. على الجانب الآخر يجب ان يقابل هذا التوسُّع القليل من الاستثناءات التي تُخرِج بعض المعلومات و البيانات و الإحصاءات من نطاق الإفصاح لمدد زمنية محددة، كذلك يجب تعزيز القوانين برؤى مناسبة و آليات فعّالة لإدارة السجلات بشكل مستدام، إلى جانب تدعيم ثقافة المعرفة من خلال احترام الحكومات لطلبات الأفراد و المؤسسات في الحصول علي البيانات. و إلا أصبح هذا القانون حبرًا على ورق.

للإطلاع على الورقة إضغط هنا

براءة “ناجي”نقطة ضوء في قلب الحملة المسعورة ضد بيوت الفن وحرية الإبداع

$
0
0

في الوقت الذي تشُن فيه جهات تنفيذية مختلفة بالدولة حملة منظمة للنيل من مساحات إبداعية حرة تتمثل في بيوت للإبداع الفني والأدبي تم اقتحامها ووقف نشاطها تعللًا بمبررات واهية. بدأت بالـ”تاون هاوس” ومسرح روابط ثم اتجهت لدار “ميريت” للنشر. وبعد الحكم على، إسلام البحيري، بالحبس لمدة عام بتهمة ازدراء الأديان. جاء حكم محكمة جنح بولاق أبو العلا ببراءة الكاتب، ‫أحمد ناجي، من تهمة خدش الحياء العام، بعد نشره فصلًا من روايته، استخدام الحياة،‬ في عدد مجلة أخبار الأدب. ليعطي المدافعين عن حرية الإبداع أملًا في استمرار كفاحهم من أجل تهيئة مناخ يساعد على الإبداع وينمِّيه بدلًا من أن يخنقه ويحاربه خلف ستار التابوهات والأفكار الاجتماعية المحافظة والبالية، أو رغبات سلطوية قمعية تخشى الدور الرسالي للفن والإبداع في إثراء حركة تطور الشعوب والدول. وإنماء التفكير والخيال وتحرير العقول.

رغم كل ما حملته قضية “ناجي” من فجاجة تُعبِّر عن تربُّص واضح بالمبدعين والفنانين من خلال أشكال متعددة من الرقابة أصبح أكثرها خطورة على المبدع اليوم، الرقابة المجتمعية، التي تفرض على المُبدِع نوع من الرقابة الذاتية التي قيَّدت بشكل واضح الأقلام المتمردة صاحبة الأفكار غير التقليدية، وجعلتها حبيسة ثقافة مجتمعية محافظة ومتشددة إزاء الخطوط الحمراء الثلاث الدين، الجنس، والسياسة. وفي ظل مناخ معادٍ بدرجة كبيرة للأصوات المختلفة وخاصة التي يمكن عرضها في قوالب فنية وإبداعية أكثر قدرة على الوصول للجمهور. جاء الحكم لينتصر من جديد للخيال والحق في حرية التعبير الفني كما كفلها دستور (2014م).

إن مؤسسة حرية الفكر والتعبير تؤكد أن الحكم ببراءة الكاتب الروائي، أحمد ناجي، وطارق الطاهر، رئيس تحرير مجلة أخبار الأدب، يُمثِّل انتصارًا للمادة (67) من الدستور المصري التي جاءت حاسمة وواضحة في حماية الحق في الإبداع وحرية التعبير الفني، حيث جعل الحق مُطلقًا، ولم يترك أمر تنظيمه للقانون، حتى أنه حصر الحالات التي يخرج فيها العمل من نطاق الإبداع كالتحريض على العنف والتمييز بين المواطنين. لذا فقد كانت تطمح المؤسسة في قبول هيئة المحكمة للدفع بعدم دستورية المادة (178) من قانون العقوبات، والتي تثدَّم بها فريق دفاع “ناجي”، وإحالتها للمحكمة الدستورية للبت في مدى دستوريتها، نظرًا لما تُمثِله من تقييد لنص المادة (67)، وذلك في إطار الدور المنوط بالسلطات القضائية والتشريعية في تنقية التشريعات المختلفة التي تُمثِّل أبوابًا خلفية لانتهاك الدستور، وأهمها المادة (178) من قانون العقوبات والتي حوكم على إثرها “ناجي” بتهمة خدش الحياء العام. والتي اتسمت بالمطاطية الشديدة وتركت أهواء الأشخاص هي الفيصل في تحديد ما هو المقصود “بالحياء العام”؟!! وكيف يكون “خدشه”؟!!.

ولا ترى المؤسسة أن تقييد حرية الإبداع يتمثل في إشكاليات الإطار التشريعي والدستوري فقط، وإنما أيضًا في الحملة التي يتزعمها جناح معادٍ لحرية الإبداع في أجهزة الدولة، كاستهداف بيوت الفن والإبداع في الأيام الأخيرة، إلى جانب القرارات المتوالية من قبل وزير العدل، بمنح سلطة الضبطية القضائية لممثلي نقابات المهن التمثيلية، السينمائية، والموسيقية. بهدف محاصرة المبدعين والفنانين غير المحميين بمظلة النقابة. ومحاربة أشكال الفنون المستقلة التي انتشرت بقوة منذ اندلاع انتفاضة يناير 2011م وحتى اليوم. في ظل دور شديد السلبية لوزارة الثقافة ووزيرها الحالي، الدكتور حلمي النمنم، الذي تفاءل كثيرين في عهده بدور أكبر للوزارة في حماية حرية الإبداع والتعبير الفني، باعتباره أحد المدافعين قبل تولي منصب الوزير، عن حرية الإبداع وضرورة تحريرها من كافة القيود المجتمعية والعراقيل القانونية والمعوقات الرقابية.

لذا تشدد المؤسسة على أن الجماعة الثقافية والإبداعية المصرية، أمامها اليوم، الكثير من المعارك التي يجب أن تكون جاهزة بشكل جيد للتصدي لها، بداية من التعاون والضغط على مجلس النواب المنعقد -قريبًا- لإجراء التعديلات والتنقيحات التشريعية المطلوبة لمزيد من حماية الفنانين والمبدعين وتشجيعهم للقيام بدورهم المجتمعي المنوط بهم. ومرورًا بضرورة الدفاع عن دور الفن المستقل واحتضانه لا تجريمه ومناصبته العداء من خلال ترقية بعض الفنانين لرتبة ضباط؛ يحق لهم تحرير المحاضر ووقف نشاط زملائهم المبدعين -فقط- لكونهم ليسوا أعضاء بالنقابة التي لم يفرض القانون على أحد الاشتراك بها، وانتهاءً بإعادة هيكلة منظومة الثقافة في مصر وعلى رأسها -بالطبع- وزارة الثقافة، كي تستعيد جماعة المثقفين في مصر دور وزارتهم كداعم للتطور الثقافي، لا كمُتفرِّج على حركة التطور الثقافي ومعاركها من أجل تحرير قيودها والتغلب على كل آفات الجهل والمحافظة والرجعية والبيروقراطية والأداء السلطوي باعتبارهم الأخطار الحقيقية على العمل الإبداعي في أي مجتمع متحضر.

إن المؤسسة ورغم ترحيبها الشديد بحكم البراءة بحق ناجي والطاهر؛ إلا أنها تراه خطوة أولى يجب أن يتبعها خطوات أكثر في سبيل ترسيخ مناخ داعم للحق في حرية الإبداع والتعبير الفني، من خلال حركة ثقافية فنية تستطيع أن تُشكِّل ضغطًا من أجل امتلاك إرادة سياسية ومجتمعية لإقرار ليس الحق فقط وإنما ثقافة قبول الاختلاف وتشجيعه باعتباره عاملًا مساعدًا في إثراء تجربة تطوُّر الأمم. وتؤكد مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أنها سوف تواصل جهودها من أجل دعم الحق في حرية الإبداع والتعبير الفني ودعم كل المدافعين عنه والمساعدة قدر الإمكان في الارتقاء بمنظومة الثقافة والإبداع في مصر.

نشرة الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة العدد (3) ديسمبر 2015

$
0
0

نشرة شهرية تصدر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير لتسليط الضوء على أبرز قضايا الحرية الأكاديمية واستقلال الجامعة

تنويه: يشتمل هذا العدد على شهري نوفمبر وديسمبر 2015.

الافتتاحية:2015.. انتهاكات مستمرة للحرية الأكاديمية

كان لزامًا في هذا اﻹصدار من نشرة الحرية اﻷكاديمية واستقلال الجامعة أن يتم التطرق إلى التغيرات التي طرأت خلال عام مضى في الجامعات المصرية، فهناك تصاعدً واضح للانتهاكات التي تقوم بها إدارات الجامعات على وجه الخصوص للحرية الأكاديمية للباحثين وأعضاء هيئة التدريس في جامعات مختلفة، وكذلك لا تتوقف الجهات الأمنية والتنفيذية عن التدخل في شئون الجامعات والعمل الأكاديمي. فما أبرز الملاحظات التي يمكن أن تفيد المتابعين في قراءة المشهد في الجامعات وزيادة جهودهم للدفاع عن الحرية اﻷكاديمية ؟

للمزيد..

الحرية الأكاديمية

جامعة قناة السويس تلغي رسالتي دكتوراة وماجيستير في العلوم السياسية

أعلنت جامعة قناة السويس عن إتخاذها قرارا بمنع رسائل علمية في مجال العلوم السياسية، في 29 ديسمبر 2015، ونشرت عديد من المواقع الصحفية تصريحات مختلفة لرئيس الجامعة ونائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، تبرر القرار بتعارض الرسالتين مع “النظام العام للدولة” و”أحكام القضاء”.

ووفقا لما نشرته بوابة الوفد، فإن الدكتورة ناهد مصطفى، نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، قالت أن “الرسالة الأولى كانت مقدمة من باحث فلسطيني لنيل درجة الدكتوراه من قسم العلوم السياسية بكلية التجارة، وكان موضوعها “الديمقراطية بين الفكر والممارسة لدى الإخوان المسلمين والسلفيين.. دراسة تحليلية لدى حزبي الحرية والعدالة والنور”، وتم إلغاء الرسالة بالكامل من مجلس الجامعة بعد توصية اللجنة الثلاثية التي تقتضي بأن موضوع البحث يتعارض مع النظام العام للدولة.  وأشارت مصطفى، في تصريحات صحفية، إلى ان الرسالة تم تسجيلها في فبراير سنة 2012، وأن الباحث كان أتمها بالكامل وكانت على وشك المناقشة إلا ان الجامعة ألغت مناقشتها.  وأضافت نائب رئيس الجامعة، أن الرسالة الثانية قدمتها باحثة مصرية لنيل درجة الماجستير بعنوان “الإخوان المسلمون وانتخابات مجلس الشعب المصري 2005″، وتم إلغاء الرسالة لأنها غير موضوعية وسياسية وتمس الدولة المصرية، وتم إحالة الأمر للشئون القانونية.  وقالت إن حيثيات إلغاء الرسالة جاء لاعتبار أن موضوعها يتعارض مع الأحكام القضائية النهائية بشأن اعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، فضلًا عن تعارض ما كتب بالرسالة عن النظام العام للدولة الذي يقتضي احترام الأحكام القضائية وسيادة القانون.  وأشارت إلى أن قرار مجلس الجامعة تضمن إيقاف المشرف الرئيسي عن الرسالتين عن التدريس بالدراسات العليا والبكالريوس ورفع اسمه وإحالته للتحقيق فيما ورد بالمذكرة المقدمة من مجلس الكلية”.

تعليق المؤسسة:

ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير أن قرار إلغاء رسالتي الدكتوراة والماجستير الذي اتخذه مجلس جامعة قناة السويس ينتهك الحرية اﻷكاديمية بشكل واضح. إذ يتمتع أفراد المجتمع الأكاديمي سواء بصورة فردية أو جماعية بالحرية في متابعة وتطوير ونقل المعارف واﻷفكار عن طريق الأبحاث أو التعليم أو الدراسة أو المناقشة أو التوثيق أو اﻹبداع أو الكتابة ، وفقا للتعليق العام رقم (13) للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المادة رقم (13) المتعلقة بالحق في التعليم من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وينبغي التأكيد على أهمية اقتران الحرية الأكاديمية بالالتزام بمعايير البحث العلمي،  ويوضح إعلان الحرية اﻷكاديمية 2005 أنه “على الرغم من أن كل واقع وطني يشكل بلا شك رؤيته الخاصة لمعنى وممارسة الحرية الأكاديمية، إلا أنه كحد أدنى يجب أن يخضع أداء أعضاء هيئة التدريس وتعبيرهم داخل قاعات الدرس وفي السياقات التعليمية اﻷخرى للتقدير المهني لزملاؤهم العلماء وحدهم”، فلا يجوز أن يترك تقييم الأعمال البحثية لجهة اﻹدارة غير المتخصصة في الحقل المعرفي محل البحث، ومن ناحية أخرى يشير نفس اﻹعلان إلى ضرورة أن يكون الأساتذة والطلاب في مأمن من “التدخل السياسي”، وذلك ما يبدو واضحا في التصريحات الرسمية التي صدرت عن جامعة قناة السويس، لتصادر على حق الباحثين في دراسة إحدى حركات الإسلام السياسي، بزعم أن الدولة قد حظرتها واعتبرتها جماعة إرهابية. وتلك حجة خارجة تماما عن أي إطار أكاديمي أو علمي، فالجامعات ومراكز الأبحاث في كافة الدول تهتم بدراسة التغيرات والتجارب التي تفرزها الحركات الإسلامية وعلى رأسها تنظيم داعش الذي يواجهه الجميع.

أما على المستوى القانوني، يخالف قرار جامعة قناة السويس نصوص القانون  رقم 49  لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية، وإن كانت المادة (175) من قانون تنظيم الجامعات تنص على “مع مراعاة حكم المادة (36) يكون تسجيل رسائل الماجستير والدكتوراة وإلغاء التسجيل بموافقة مجلس الدراسات العليا والبحوث بناء على طلب مجلس الكلية أو المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم المختص “، إلا أن هذه السلطة مقيدة بمجموعة من الإجراءات التي تبينها نصوص القانون، أولها موافقة الجامعة على تسجيل الطلاب بمرحلة الماجستير والدكتوراة، ثم توضح نصوص اللائحة التنفيذية للقانون المراحل اللاحقة، مثل: تعيين المشرف على الرسالة، وتقديم المشرف على الرسالة تقريرا سنويا عن تقدم الطالب في دراسته إلى مجلس القسم، ويعقب الانتهاء من الرسالة تقديم تقرير آخر مشفوعا باقتراح تشكيل لجنة الحكم على الرسالة، ثم تشكيل اللجنة لمناقشة الرسالة  وفق معايير واضحة، ثم تصوغ اللجنة في تقارير علمية رأيها بقبول أو رفض الرسالة. والحالة الوحيدة التي يمكن فيها لمجلس الدراسات العليا والبحوث إلغاء قيد الطالب تكون باقتراح من مجلس الكلية بناء على تقارير المشرف على الرسالة، وفق المادة (102) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، ما يعني أن للمشرف على الرسالة حق تقدير مدى التزام الطالب بخطة البحث والمعايير العلمية، ولا يمكن أن يتخذ مجلس الدراسات العليا والبحوث قرارا بإلغاء رسائل علمية، دون سند علمي متخصص يتمثل في توصية المشرف على الرسالة بذلك. ولكن جامعة قناة السويس قررت تجاوز كل هذه الإجراءات وإلغاء الرسائل عل نحو يخالف القانون، ويخالف أيضا المنطق، إذ أن طالب رسالة الدكتوراة مسجل منذ ثلاثة أعوام ويتم متابعة موضوع رسالته أكاديميا، وفجأة تقرر الجامعة إلغاء الرسالة والتحقيق مع المشرف، وفي حالة طالبة الماجستير، فقد عملت أيضا على رسالتها لعامين، وتم إهدار جهدها البحثي فجأة بقرار من إدارة الجامعة.

للمزيد: بوابة الوفد ، قانون تنظيم الجامعات

استقلال الجامعة

استمرار اعتراضات أساتذة الجامعة على طريقة احتساب رواتبهم

تواصل الجدل في المجتمع الأكاديمي حول طريقة احتساب رواتب أعضاء هيئة التدريس التي حددتها وزارة المالية بدءا من العام المالي الحالي، واتهمت النقابة المستقلة لأساتذة الجامعات، في 31 ديسمبر الجاري، وزارتي التعليم العالي والمالية بالتلاعب لتجميد رواتب أعضاء هيئة التدريس، على حد وصفها. ويتم احتساب الرواتب للعام المالي الحالي وفقا لقانون الخدمة المدنية الصادر بالقرار بقانون رقم 18 لسنة 2015، إذ تنص المادة (71) من القانون على “يستمر العمل بالأحكام والقواعد الخاصة بتحديد المخصصات المالية للعاملين بالوظائف والجهات الصادر بتنظيم مخصصاتهم قوانين ولوائح خاصة طبقا لجدول الأجور المقرر بها . ويستمر صرف الحوافز والمكافآت والجهود غير العادية واﻷعمال الإضافية، والبدلات وكافة المزايا النقدية والعينية وغيرها بخلاف المزايا التأمينية التي يحصل عليها الموظف، بذات القواعد والشروط المقررة قبل العمل بأحكام هذا القانون بعد تحويلها من نسب مئوية مرتبطة باﻷجر الوظيفي إلى فئات مالية مقطوعة في 30 / 6 / 2015 ”.

وجاء القرار بالقانون قم 32 لسنة 2015 بشأن ربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2015/2016، مستندا إلى قانون الخدمة المدنية، من حيث تحديد طريقة حساب البدلات والمكافآت، إذ تنص المادة (15) من قانون ربط الموازنة على ” تلتزم كافة الجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية بصرف الحوافز والمكافآت والجهود غير العادية واﻷعمال اﻹضافية والبدلات وكافة المزايا النقدية والعينية وغيرها – بخلاف المزايا التأمينية – التي يحصل عليها الموظف بعد تحويلها من نسب مئوية مرتبطة باﻷجر الأساسي في 30 / 6 / 2015 إلى فئات مالية مقطوعة وبذات القواعد والشروط المقررة في ذات التاريخ ويلغى كل نص يخالف ذلك”. وبالتالي بدءا من يوليو الماضي لم تنعكس زيادة الأجر اﻷساسي لأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة على المكافآت والبدلات التي يحصلون عليها وتشكل نسبة كبيرة من رواتبهم، مما أثار اعتراضات كبيرة من قبل الأساتذة وإدارات بعض الجامعات، خاصة أن وزارة المالية ألزمت كل الجامعات بتطبيق هذه القواعد في احتساب الأجور، ما حدا ببعض الجامعات إلى خصم الزيادات التي لا تتوافق مع القواعد الحسابية من أعضاء هيئة التدريس بأثر رجعي.

وبشأن رواتب اﻷساتذة المتفرغين تواصلت الاعتراضات أيضا، حيث يتم خصم ضرائب على رواتب الأساتذة المتفرغين باعتبار بد الجامعة الذي يحصلون عليه “مكافأة” وليس راتبا أساسيا، ما يخلف نسبة خصم من الراتب تصل إلى 20 % كضريبة على المكافأة. وقدم أساتذة متفرغون عدة شكاوى لإدارات الجامعات المختلفة اعتراضًا على استمرار الخصم، على الرغم من تكرار وزير التعليم العالي التأكيد على وقف كافة الخصومات، وهذا ما تنفيه إدارات الجامعات التي لم تتلقى ما يفيد ذلك من وزارة المالية أو وزارة التعليم العالي.

تعليق المؤسسة: يتعارض تدخل وزارة المالية في رواتب أعضاء هيئة التدريس والشئون المالية للجامعة مع مبادىء استقلال الجامعة. إذ تعرف توصية اليونيسكو بشأن أعضاء هيئات التدريس (عام 1997) استقلال الجامعة أنه “ذلك القدر من التمييز الذاتي اللازم لتمكين مؤسسات التعليم العالي من اتخاذ قرارات فعالة فيما يخص نشاطها الأكاديمي ومعايير عملها وإدارتها والأنشطة ذات الصلة بما يتفق مع نظم المحاسبة العامة، وخاصة فيما يتعلق باﻷموال التي توفرها الدولة..”. فالأصل هنا أن يتاح للجامعات تحديد أوجه اﻹنفاق والرواتب وغيرها من الشئون المالية، بشكل يضمن الشفافية والمحاسبة.  ومن ناحية أخرى، وفقا للفقرة رقم (60) من التوصية المشار إليها “ينبغي أن تدفع ﻷعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي أجورهم على أساس جداول المرتبات التي توضع بالاتفاق مع المنظمات التي تمثل أعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي”، وهذا ما تتغاضى عنه الحكومة المصرية وإدارات الجامعات، التي لا توفر فرصة لأعضاء هيئات التدريس للتفاوض والحوار حول رواتبهم ومستحقاتهم. ولما كان الدستور المصري ينص في مادته رقم (21) على أن “تكفل الدولة استقلال الجامعات…”، بات من الضروري الدفاع عن توفير رواتب أعضاء هيئة التدريس باعتبارهم يعملون في مؤسسات تعليم عالي مستقلة، لا ينبغي أن تنطبق عليها القواعد العامة التي يخضغ لها العاملون في مؤسسات الدولة.

للمزيد: توصية اليونيسكو بشأن أعضاء هيئات التدريس، المصري اليوم، الشروق، قانون الموازنة العامة، قانون الخدمة المدنية

المجتمع الأكاديمي

جامعة قناة السويس تمنع أعضاء هيئة التدريس من الظهور باﻹعلام دون إذن مسبق

حصلت مؤسسة حرية الفكر والتعبير على صورة ضوئية لقرار صادر عن رئيس جامعة قناة السويس، بتاريخ 17 نوفمبر 2015، بالتنبيه على أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة على عدم إصدار أو نشر أي مقالات أو موضوعات أو الظهور بأي من وسائل الإعلام إلا بعد الموافقة المسبقة من رئيس الجامعة. وأرجع رئيس الجامعة قراره إلى نص المادة (104) من القانون رقم 49 لسنة 1972، بشأن تنظيم الجامعات، ويشير نص القرار إلى تطبيق القانون على من يخالف هذه التعليمات، دون توضيح المخالفات التأديبية التي يستلزمها عدم الانصياع لقرار رئيس الجامعة.

تعليق المؤسسة: يخالف قرار رئيس جامعة قناة السويس مبادىء حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور المصري والمواثيق الدولية، فالمادة (65) من الدستور المصري تكفل لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر. كما تكفل المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الحق في حرية التعبير، والتماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود. وأعضاء هيئة التدريس يتمتعون بكافة حقوق الإنسان المنصوص عليها دستوريا وعلى مستوى المواثيق الدولية، ومنها حرية التعبير.

يخالف القرار كذلك قانون تنظيم الجامعات، ولا محل هنا من الاستناد إلى المادة (104) من القانون لتقييد حرية التعبير، إذ تنص المادة على أنه ” لا يجوز لأعضاء هيئة التدريس أن يشتغلوا بالتجارة أو أن يشتركوا في إدارة عمل تجاري أو مالي أو صناعي أو أن يجمعوا بين وظيفتهم وأي عمل لا يتفق وكرامة هذه الوظيفة ولرئيس الجامعة منع عضو هيئة التدريس من مباشرة أي عمل يرى أن القيام به يتعارض مع واجبات الوظيفة وحسن أدائها”. وهذا النص ينصرف بشكل واضح إلى ممارسة عمل آخر، ولا يشتمل النص على تقييد حرية التعبير عن الرأي، ولا يتماشى تفسير رئيس جامعة قناة السويس لهذه المادة مع صحيح القانون والدستور،كما أنه يتجاهل الواقع، حيث يعبر عديد من أعضاء هيئة التدريس عن آرائهم يوميا في مقالات ومقابلات مع الصحف والمواقع والقنوات التليفزيونية.

للمزيد: الدستور المصري، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية

(صورة ضوئية لقرار جامعة قناة السويس)

H

النشرة النصف سنوية الثانية لحرية الإعلام .. يوليو –ديسمبر 2015م

$
0
0

للإطلاع على النشرة بصيغة PDF

to view in English

إعداد:
الباحث وسام عطا
مسئول الرصد والتوثيق ببرنامج حرية الإعلام

مقدمة

شهد النصف الثاني من عام (2015م) تضاعف الانتهاكات التي مورست بحق المجتمع الصحفي والإعلامي المصري بالمقارنة مع ما شهده النصف الأول من نفس العام، إذ سجَّل برنامج حرية الإعلام بمؤسسة حرية الفكر والتعبير 366 حالة انتهاك ضد الصحفيين والإعلاميين، بزيادة تُقدَر بـ 112% عن النصف الأول من نفس العام الذي سجَّل 172 حالة انتهاك فقط.

تضاعُف الانتهاكات خلال النصف الثاني من هذا العام لا يعني -بالضرورة- اختلاف كبير في المناخ والبيئة التي يعمل تحت مظلتها الصحفيين، ذلك إذا ما نظرنا إلى حقيقة أن كثافة الأحداث التي جرت خلال النصف الثاني من العام وأبرزها انتخابات مجلس النواب، والتي أجريت على مرحلتين خلال أكتوبر ونوفمبر وديسمبر والتي شهدت -وحدها- 126 انتهاكًا ضد الجماعة الصحفية والإعلامية، مقارنةً بالشهور الستة الأولى.

شملت الانتهاكات التي سجَّلها البرنامج؛ والتي لا تُعبِر عن إجمالي ما حدث خلال العام من انتهاكات لحرية الصحافة والإعلام، وإنما عن ما استطاع باحث المؤسسة رصده وتوثيقه؛ المنع من التغطية، احتجاز غير قانوني، استيقاف وتعسف، استيلاء على المعدات الصحفية وتكسيرها أو مسح ما عليها، التعدي بالضرب أو إصابة، خصم من المرتب، فصل تعسفي، إلقاء القبض، مصادرة وفرم أعداد، منع مقالات، منع من الكتابة، وقف طباعة العدد، وقف عن العمل، اقتحام منشأة صحفية، منع من الإصدار، اقتحام منازل، وتعديل المقال بدون علم كاتبه.

نستعرض في هذه النشرة، تفصيليًا، ما تعرَّض له المجتمع الصحفي والإعلامي في مصر من انتهاكات أثّرت على قيامه بمهام عمله التي كفلها له الدستور والقانون والمواثيق الدولية، موضحًا عدد حالات الانتهاك والجهات الأكثر عُرضة لها، وكذلك الجهات الأكثر تغولًا على حرية الصحافة والإعلام.

وتشمل النشرة في جزئها الثاني حصر بالانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون خلال ممارستهم بتغطية انتخابات مجلس النواب بمراحلها المختلفة.

وأخيرًا، تستعرض النشرة في الجزء الثالث، أعداد الصحفيين رهن الحبس نتيجة لعملهم الصحفي سواء حُكِم عليهم أو ما زالوا قيد الحبس الاحتياطي مبيِّنة المعايير التي اعتمد عليها البرنامج لإدراج الحالات ضمن قائمة الصحفيين المحبوسين.

منهجية الرصد والتوثيق:

تعتمد المؤسسة في رصدها على متابعات باحثي برنامج حرية الإعلام، بالإضافة إلى ما تتداوله الشبكات والمواقع الإخبارية، ومجموعة “مرصد صحفيون ضد التعذيب”، ثم يقوم الباحثين بالتأكد وتوثيق الانتهاكات، بالتواصل المباشر مع الضحايا أو ذويهم أو شهود عيان للواقعة، أو من خلال تصريحات من الضحايا من خلال حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي بعد التأكد من صحتها، أو على وسائل الإعلام، أو عن طريق أخبار تنشرها الجهات الصحفية والإعلامية التي ينتمي لها الصحفي.

النطاق الزمني: ترصد النشرة الانتهاكات التي ارتكبت بحق الصحفيين من 26 يونيو 2015 إلى 31 ديسمبر 2016
النطاق المكاني: النطاق الجغرافي لمصر بالكامل.

معايير إدراج حالة انتهاك لحرية الصحافة والإعلام: في حالة تحقق الشروط الآتية معًا:

أولاً : إثبات هوية الصحفي

يجب تحقق أحد الشروط الآتية: (توفر أوراق كارنيه نقابة الصحفيين، أو تصريح عمل أو تكليف بمؤسسة صحفية، أو أرشيف صحفي بمؤسسة صحفية، أو شهادة للمؤسسة الصحفية عبر منصاتها الإعلامية أو المسؤولين بها فقط).
ثانيًا: إثبات المؤسسة الصحفية

يجب تحقق أحد الشروط الآتية: توفر صفحة أو موقع أو مطبوعة للمؤسسة الصحفية بالإضافة إلى الإعلان بوجود وسيلة تواصل.

ثالثًا: إثبات ممارسة الصحفي المهنة أثناء حالة الانتهاك

يجب تحقق أحد الشروط الآتية: (تصريح عمل أو تكليف بتلك المهمة الصحفية، أو شهادة الضحية أو الشهود، أو شهادة المؤسسة الصحفية عبر منصاتها الإعلامية أو المسئولين بها فقط).

تصنيف جهة التعدي:

1- مسئولون حكوميون
2- جهات أمنية: تشمل قطاع وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والقوات النظامية، وأيضًا يتم إدراجها في حالة اعتداءات “مدنيون مؤيدون أو مجهولون” في وجود قوات نظامية
3- حراسة أو أمن خاص: تشمل أي أفراد حراسة خاصة سواء كانوا بشكل مستقل أو تابعين لشركات، وفي حالة التواصل إلى صدور أوامر مباشرة ممن يقومون بحراسته “مثلًا مسئول حكومي” بارتكاب الانتهاك سيتم اعتبار جهة المعتدي “مسئولون حكوميون”.
4- جهات قضائية
5- متظاهرون
6- مندوبو أو داعمو مرشح
7- فئات مدنية أخرى

تصنيف جهة الضحية

اتحاد الإذاعة والتلفزيون: ويشمل كل القنوات المملوكة للدولة
قنوات مصرية خاصة: وتشمل القنوات الخاصة التي مقرها الرئيسي مصر
مطبوعات مصرية خاصة: سواء كانت مجلات أو صحف
مطبوعات مصرية مملوكة للدولة: سواء كانت مجلات أو صحف
مطبوعات مصرية حزبية.
مواقع أو شبكات إخبارية: وتشمل كل المواقع والشبكات الموجودة على الإنترنت وتنشر محتوى صحفي وهو كل مادة خبرية أو صحفية غير متعلقة بأحداث خاصة وشخصية.
متعددة: تشمل عدة جهات من المذكورة أعلاه
لم يستدل عليه: عدم التوصل إلى جهة الضحية

ملاحظة: في حالة تعدد الأنشطة الصحفية لنفس الجهة، يتم إدراج الجهة الأكثر هيكلية وتنظيميًا، مثلًا جهة تقوم بإصدار جريدة مطبوعة وموقع إلكتروني، يتم اعتبار نشاط أي صحفي لديها تحت قسم “المطبوعة”.
القبض: هو عملية تقييد حرية الصحفي واصطحابه إلى القسم وتحرير محضر
احتجاز غير قانوني: هو عملية تقييد حرية الصحفي واقتياده لمكان احتجاز والإفراج عنه دون تحرير أي محاضر
الاستيقاف والتعسف: هو عملية تقييد حرية الصحفي في نطاق عمله لبعض الوقت دون اقتياده لمكان احتجاز
تعريف حالة الانتهاك: هي كل انتهاك حدث لصحفي واحد في مكان معين وزمان معين.
يتم تمييزها بأربع متغيرات رئيسية (مكان الانتهاك، توقيت الانتهاك، نوع الانتهاك، شخص الضحية)، على سبيل المثال: إذا تم القبض على 3 صحفيين في واقعة معينة وتعرض أحدهم للضرب وآخر للتعدي بالقول، سيتم احتساب 5 انتهاكات في تلك الحالة (3 حالات للقبض على كل صحفي، حالة ضرب لصحفي، حالة تعدي بالقول لصحفي).

ملاحظة: في حالة أي نوع من الانتهاك الجماعي (منع من التغطية)، تم اعتباره حالة انتهاك لصحفي واحد – فرضًا- باعتبار أنه استُهدف به عقاب جماعي لهوية الصحفي وليس لكل صحفي على حدا، وأيضًا بسبب الإشكالية المعلوماتية حول تحديد عدد الصحفيين المتضررين وهوياتهم خصوصًا أن تلك الانتهاكات تحدث بصورة شبه يومية، إضافة إلى ذلك ما سيسببه من إشكاليات إحصائية بتضخم عدد الضحايا بشكل غير طبيعي.

واقعة الانتهاك: هي كل الانتهاكات التي حدثت لصحفي أو أكثر في مكان معين وزمان معين، بحيث يتم تمييزها بمتغيرين رئيسين (مكان الانتهاك، توقيت الانتهاك).

أولاً: النصف الثاني من 2015: بيئة غير آمنة للعمل الصحفي

على عكس ما ذكره الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في مقابلة أجرتها معه، شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية، والتي قال فيها بأن مصر تشهد حرية إعلام غير مسبوقة، تستمر حالة انعدام آمان البيئة التي يعمل بها الصحفيين والإعلاميين في مصر، فمجرد حملك كاميرا بالشارع يثير الشبهات حولك وحول نواياك والجهة التي تعمل لها ويجعلك عُرضة للانتهاكات، التي لا رادع لها، ويفلت مرتكبوها -دائمًا- من العقاب ، ليس فقط من قبل الأجهزة التنفيذية بل والمدنيين ممن تأثروا بمناخ الاستقطاب السياسي الذي تعاني منه مصر منذ سنوات وتصاعد بشدة بعد قرارات الثالث من يوليو 2013م، بفضل تغذيته من قبل السلطات الرسمية.

إن الجماعة الصحفية والإعلامية تتعرض لانتهاكات جسيمة تقف عقبة أمام قيامها بدورها، فقد سجَّل برنامج حرية الإعلام خلال الستة أشهر الماضية 366 انتهاكًا ضد الجماعة الصحفية والإعلامية كانت أبرزها حالات المنع من التغطية؛ والتي وصلت إلى 169 حالة منع، وتلاها الوقف عن العمل والتي سجَّلت ـ68 حالة، يليها حالات الضرب أو إحداث إصابة والتي وصلت لـ 31 حالة، واستيلاء على معدات الصحفي وتكسيرها أو مسح ما عليها بواقع 28 حالة، واستيقاف وتعسف، احتجاز غير قانوني، وقبض، بواقع 28، 11، و 15 حالة على التوالي.

جدول يوضح عدد الانتهاكات وفقًا لنوع الانتهاك
احتجاز غير قانوني 11
استيقاف وتعسف 27
اقتحام منزل 1
الاستيلاء على المعدات وتكسيرها أو مسح ما عليها 28
تعديل المقال بدون علم كاتبه 1
التعدي بالضرب أو إحداث إصابة 31
خصم من المرتب 2
فصل تعسفي 1
قبض 15
مصادرة وفرم عدد 1
منع مقال 4
منع من الكتابة 2
منع من التغطية 169
وقف طباعة العدد 3
وقف عن العمل 68
اقتحام منشأة صحفية 1
منع من الإصدار 1
الإجمالي 366

1

لم تكن الجهات الرسمية – تنفيذية كانت أو قضائية – هي الجهات الوحيدة التي تعتدي على حق الصحفيين والإعلاميين في ممارسة عملهم. فبالإضافة للجهات الأمنية والتي تصدرت جهات الاعتداء بواقع 152 حالة انتهاك، والقضائية التي تلتها بـ 56 حالة، والمسئولين الحكوميين بواقع 14 حالة، بل -أيضًا- جهات صحفية وإعلامية هي الأخرى تعتدي على حق صحفييها وإعلامييها وكُتابها في ممارسة عملهم وفق ما تقتضيه مهنتهم، وهو ما تم رصد وتسجيل 50 حالة انتهاك بشأنه، ولم تخلو قائمة المعتدين من فئات مدنية حيث سجَّل البرنامج، 43 حالة انتهاك قامت بها فئات مدنية مختلفة.

جدول يوضح عدد الانتهاكات وفقًا لتصنيف جهة المعتدي
جهات أمنية 152
جهات قضائية 56
مسؤولون حكوميون 14
جهات صحفية وإعلامية 50
حراسة أو أمن خاص 21
متظاهرون 3
فئات مدنية أخرى 40
غير معروف 1
اتحاد الإذاعة والتلفزيون 29

2

وتصدَّرت المطبوعات المصرية الخاصة، الجهات الصحفية والإعلامية التي تعرضت لانتهاكات خلال الستة أشهر الماضية بواقع 130 حالة انتهاك، بعد حالات المنع الجماعي لكل الصحفيين التي سجَّلها البرنامج بواقع 135 حالة، وتعرَّض صحفيو المطبوعات المصرية المملوكة للدولة لـ 7 حالات انتهاك وموظفين باتحاد الإذاعة والتلفزيون “ماسبيرو لـ30 انتهاكًا.

جدول يوضح عدد الانتهاكات وفقًا لجهة الضحية
مطبوعة مصرية خاصة 130
مطبوعة مصرية حزبية 4
مطبوعة مصرية مملوكة للدولة 7
شبكات ومواقع إخبارية 36
اتحاد الإذاعة والتلفزيون 31
قنوات مصرية خاصة 9
متعددة 135
لم يستدل عليه 14
الإجمالي 366

3

أما جغرافيًا، فقد توزعت الانتهاكات على 19 محافظة؛ كان للقاهرة والجيزة النصيب الأكبر فيها بواقع 233 انتهاكًا في محافظة القاهرة و64 انتهاكًا بمحافظة الجيزة. تليهم محافظة شمال سيناء والإسكندرية بعدد انتهاكات وصل 10 حالات، و8 حالات على التوالي.

جدول يوضح عدد الانتهاكات وفقًا للمحافظة
القاهرة 233
الجيزة 64
القليوبية 3
الإسكندرية 8
البحيرة 5
كفر الشيخ 4
الغربية 4
المنوفية 6
الدقهلية 5
الشرقية 2
الإسماعيلية 2
السويس 3
شمال سيناء 10
الفيوم 1
أسيوط 6
سوهاج 3
الأقصر 2
أسوان 2
بورسعيد 1
قنا 2

4

وكما ذكرنا بالمقدمة؛ فإن كثافة الأحداث وخاصة انتخابات مجلس النواب كانت سببًا في تضاعف عدد الانتهاكات بالنصف الثاني بالمقارنة بالنصف الأول من نفس العام، الذي لم يشهد أحداثًا كثيرة تستدعي تغطية صحفية، فتضاعفت الانتهاكات بالأشهر التي أُجريت فيها مراحل الانتخابات الأولى والثانية بواقع 105 حالة انتهاكٍ بشهر أكتوبر، و90 بشهر نوفمبر، و64 بشهر ديسمبر.

جدول يوضح عدد الانتهاكات وفقًا للشهر
أخر أسبوع من يونيو 4
يوليو 37
أغسطس 26
سبتمبر 38
أكتوبر 105
نوفمبر 92
ديسمبر 64

5

المنع من التغطية

يُعد المنع من التغطية أكثر الانتهاكات شيوعًا ضد الصحفيين خلال الستة أشهر الماضية، بل نستطيع أن نقول أنها السمة الأهم لمناخ العمل الصحفي في مصر منذ انطلاق ثورة يناير 2011م، حيث يتم التربص بها باعتبارها الآلية الأهم لنقل الحقيقة لجموع المواطنين عما يحدُث في بلادهم، كذلك يُعد هذا الانتهاك مفتاح لفهم ثقافة آخذة في الانتشار لا التراجع للأسف لدى مؤسسات وهيئات الدولة المختلفة لحق الصحفيين في القيام بدورهم الذي كفله لهم الدستور والقانون لإيصال الحقيقة للجمهور في إطار حق المواطنين في المعرفة.

وتُعد الجهات الأمنية والقضائية أكثر الجهات التي منعت الصحفيين من القيام بعملهم الصحفي بواقع 75 حالة منع ارتكبتها الجهات الأمنية، و53 حالة منع ارتكبتها جهات قضائية تعددت ما بين منع من تغطية جلسات محاكمة متهمين، ومنع من تغطية الانتخابات داخل اللجان التي يُشرفون عليها في الانتخابات البرلمانية بعدد من الدوائر.

جدول يوضح عدد حالات المنع من التغطية وفقًا لجهة المعتدي
جهات أمنية 75
جهات قضائية 53
حراسة أو أمن خاص 12
فئات مدنية أخرى 15
مسؤولون حكوميون 13
متظاهرون 1
الإجمالي 169

6

وشمل المنع 135 حالة منع جماعي لكل الصحفيين والإعلاميين. فيما تعرض صحفيو المطبوعات المصرية الخاصة لـ 16 حالة منع والشبكات والمواقع الإخبارية 12 حالة.

جدول يوضح عدد حالات المنع من التغطية وفقًا لتصنيف جهة الضحية
مطبوعة مصرية مملوكة للدولة 1
مطبوعة مصرية حزبية 2
مطبوعة مصرية خاصة 16
شبكات ومواقع إخبارية 12
قنوات مصرية خاصة 3
متعددة 135
الإجمالي 169

7

التعدي بالضرب أو إحداث إصابة

وفي ظل غياب الرادع؛ لم تتوقف الانتهاكات عند منع الصحفيين من القيام بواجبهم، بل تجاوزت ذلك للاعتداء عليهم بدنيًا أو إحداث إصابة بهم لمنعهم من التغطية. دون أي محاسبة لمرتكبي تلك الانتهاكات في رسالة واضحة بإطلاق يد السلطات الأمنية لمنع قيام الصحفيين بدورهم.

حيث سجَّل البرنامج 31 حالة اعتداء بدني بالضرب على الصحفيين أو إحداث إصابة، تصدرت فيها الفئات المدنية بـ13 حالة تعدي، تليها الجهات الأمنية بـ 8 حالات ، والحراسات والأمن الخاص بـ 6 حالات.

جدول يوضح عدد الحالات التي تعرضت للتعدي بالضرب أو إحداث إصابة وفقًا لجهة المعتدي
جهات أمنية 12
حراسة أو أمن خاص 6
فئات مدنية 13
الإجمالي 31

8

وكان المراسلون الصحفيون هم الفئة الأكثر تعرُّضًا للضرب خلال الستة أشهر الماضية بواقع 20 حالة، يليهم المصورون بواقع 10 حالات، وإعلامي واحد تم التعرض له بالضرب.

جدول يوضح عدد الحالات التي تعرضت للتعدي بالضرب أو إحداث إصابة وفقًا لوظيفة الضحية
مراسلون صحفيون 20
مصورون 10
إعلاميون 1
الإجمالي 31

9

حالات القبض – الاحتجاز غير القانوني – الاستيقاف والتعسف

جدول يوضح عدد حالات الاستيقاف والتعسف والاحتجاز غير القانوني والقبض وفقًا لجهة المعتدي
جهة المعتدي/نوع الانتهاك احتجاز غير قانوني قبض استيقاف وتعسف
جهات أمنية 9 14 26
جهات قضائية 0 0 1
فئات مدنيين 1 0 0
متظاهرون 1 0 0
الإجمالي 11 14 27

10

 

جدول يوضح عدد حالات القبض، الاحتجاز القانوني، والاستيقاف والتعسف وفقًا لوظيفة الضحية
وظيفة الضحية/نوع الانتهاك احتجاز غير قانوني قبض استيقاف وتعسف
مراسلون صحفيون 6 10 17
مصورون 4 1 10
إعلاميون 1 3 0
الإجمالي 11 14 27

 

الانتخابات البرلمانية .. كاشفة لعداوة الجهات الرسمية للكاميرا وعدم تغير سياساتهم تجاهها

في النسخة الأولى من النشرة النصف سنوية والتي يُصدِرها برنامج حرية الإعلام بالمؤسسة؛ ذكرت المؤسسة أن هناك انخفاضًا ملحوظًا في عدد الانتهاكات التي تُمارَس ضد حرية الإعلام، إلا أنها أرجعت ذلك لأسباب تتعلق بانخفاض في وتيرة الأحداث وليس تغيُّرًا في نهج الجهات الرسمية وتفاعلها مع الصحفيين أثناء تأديتهم عملهم، وهو ما ظهر جليًا خلال الأرقام التي سجَّلتها المؤسسة خلال الستة أشهر الثانية من نفس العام – النطاق الزمني لهذه النشرة – والتي تضاعفت بفضل كثافة الأحداث خلال تلك الفترة والتي كان أبرزها انتخابات مجلس النواب.

لقد أجريت انتخابات مجلس النواب خلال 12 يومًا فقط، أربع أيام خلال شهر أكتوبر، التي جرت فيها انتخابات المرحلة الأولى وإعادتها، وأربعة أيام خلال شهر نوفمبر، والتي جرت فيها انتخابات المرحلة الثانية وإعادتها، بينما جرى إعادة الانتخاب على بعض دوائر مدينة الإسكندرية، التي أعيدت فيها الانتخابات خلال 4 أيام من شهر ديسمبر. وسجَّلت المؤسسة في 12 يوم فقط 126 حالة انتهاك ضد الجماعة الصحفية والإعلامية بنسبة 34.4% من عدد الانتهاكات التي ارتكبت خلال ستة أشهر كاملة.

وتنوعت الانتهاكات التي رُصِدَت خلال العملية الانتخابية ما بين منع الصحفيين والإعلاميين من التغطية، للقبض عليهم أو احتجازهم دون سند قانوني، أو التعسف بالاستيقاف، أو التعدي عليهم بالضرب أو إحداث إصابة أو الاستيلاء على معداتهم وتكسيرها أو مسح ما قام الصحفي بتصويره.

عدد الانتهاكات التي ارتكبت ضد الصحفيين خلال متابعة العملية الانتخابية وفقًا لنوع الانتهاك
منع من التغطية 83
استيقاف وتعسف 10
احتجاز غير قانوني 5
قبض 2
الاستيلاء على المعدات وتكسيرها أو مسح ما عليها 15
التعدي بالضرب أو إحداث إصابة 11

11

كذلك ارتكبت قوات الجيش والشرطة الموكَّل لهم تأمين اللجان الانتخابية 65 انتهاكًا، و42 حالة انتهاك ارتكبتها الجهات القضائية المشرفة على اللجان الانتخابية، بينما ارتكب المندوبون وداعمو المرشحين 19 حالة انتهاك.

 

عدد الانتهاكات التي ارتكبت ضد الصحفيين خلال متابعة العملية الانتخابية وفقًا لجهة التعدي
قوات التأمين “جيش – شرطة” 65
الجهات القضائية المشرفة على اللجان 42
مندوبو أو داعمو مرشح 19

 

جغرافيًا استحوذت القاهرة والجيزة على العدد الأكبر من الانتهاكات بواقع 57 انتهاكًا للقاهرة، و33 انتهاكًا للجيزة، يليهما الإسكندرية وشمال سيناء بواقع 5 انتهاكات لكل منهما.

عدد الانتهاكات التي ارتكبت ضد الصحفيين خلال متابعة العملية الانتخابية وفقًا للمحافظة
القاهرة 57
الجيزة 33
القليوبية 1
الإسكندرية 5
البحيرة 2
كفر الشيخ 1
الغربية 2
المنوفية 4
الدقهلية 4
الشرقية 1
شمال سيناء 5
الفيوم 1
أسيوط 3
سوهاج 3
قنا 2
أسوان 2

12

ثالثًا: الصحفيون المحبوسون:

م اسم الصحفي المحبوس اسم الشهرة

الوظيفة وجهة العمل

تاريخ القبض

رقم القضية الوضع القانوني الجهة الماثل أمامها منطوق الحكم
1 محمود عبد الشكور أبو زيد شوكان مصور – وكالة “ديموتكس” الصحافية 14/08/2013 رقم 15899 لسنة 2013 إداري أول مدينة نصر محبوس احتياطياً – جلسات محاكمة – محكمة الجنايات محكمة جنايات القاهرة – رقم 28 جنوب لم يتم الحكم فيها
2 سامحي مصطفي احمد عبد العليم سامحي مصطفي مدير تنفيذي – شبكة رصد الإخبارية 25/08/2013 رقم 2210 لسنة 2014 جنايات العجوزة ورقم 317 لسنة 2014 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا محبوس احتياطياً – جلسات محاكمة – محكمة الجنايات محكمة جنايات القاهرة بعد قبول الطعن بالنقض لم يتم الحكم فيها
3 محمد محمد مصطفي العادلي محمد العادلي مراسل ومذيع – قناة أمجاد الفضائية 25/08/2013 رقم 2210 لسنة 2014 جنايات العجوزة ورقم 317 لسنة 2014 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا محبوس احتياطياً – جلسات محاكمة – محكمة الجنايات محكمة جنايات القاهرة بعد قبول الطعن بالنقض لم يتم الحكم فيها
4 عبد الله أحمد محمد إسماعيل الفخراني عبد الله الفخراني عضو مؤسس – شبكة رصد الإخبارية 25/08/2013 رقم 2210 لسنة 2014 جنايات العجوزة ورقم 317 لسنة 2014 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا محبوس احتياطياً – جلسات محاكمة – محكمة الجنايات محكمة جنايات القاهرة بعد قبول الطعن بالنقض لم يتم الحكم فيها
5 أحمد فؤاد محمد السيد أحمد فؤاد مراسل – موقع كرموز 25/01/2014 رقم 1416 لسنة 2014 إداري أول المنتزه محبوس احتياطياً – جلسات محاكمة – محكمة الجنايات محكمة جنايات الإسكندرية – الدائرة رقم 6 لم يتم الحكم فيها
6 حسن محمود رجب القباني حسن القباني صحفي – جريدة الكرامة 22/01/2015 رقم 718 لسنة  2015 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا محبوس احتياطياً – جلسات تجديد – تحقيقات النيابة نيابة أمن الدولة العليا لم تتم إحالة القضية بعد
7 عبد الرحمن عبد السلام عرفة ياقوت عبد الرحمن ياقوت مصور – موقع كرموز الإخباري 21/03/2015 رقم 8558 لسنة 2015 جنايات الدخيلة ورقم 1206 لسنة 2014 كلي غرب الاسكندرية محبوس احتياطياً – جلسات محاكمة – محكمة الجنايات محكمة جنايات الإسكندرية لم يتم الحكم فيها
8 أبو بكر خلاف نقيب الإعلاميين الإلكترونيين 21/07/2015 رقم 4748 لسنة 2015 جنح قصر النيل محبوس احتياطياً – جلسات تجديد – تحقيقات النيابة نيابة قصر النيل الجزئية لم تتم إحالة القضية بعد
9 محمود محمد عبد النبي مراسل – شبكة رصد 03/07/2013 رقم 50666 لسنة 2014 جنايات أول المنتزة ورقم 4214 لسنة 2014 كلي شرق الإسكندرية محبوس إحتياطيا جلسات محاكمة – محكمة الجنايات محكمة جنايات الإسكندرية – الدائرة رقم 8 لم يتم الحكم فيها
10 إسماعيل السيد محمد عمر توفيق إسماعيل الإسكندراني صحفي 29/11/2015 رقم 569 لسنة 2015 حصر امن الدولة العليا محبوس إحتياطيا – جلسات تجديد – تحقيقات النيابة نيابة أمن الدولة العليا لم تتم إحالة القضية بعد
11 محمد عبد المنعم إمام محمد صحفي – جريدة تحيا مصر 24/04/2015 رقم 5197 لسنة 2015 جنايات دار السلام، والمقيد برقم 197 لسنة 2015 حصر تحقيق تم الحكم علية محكمة جنايات دار السلام تم الحكم علية بـ 3 سنوات حضوريا

لمزيد من التفاصيل عن الصحفيين المحبوسين والمعايير التي تبنتها المؤسسة

للإطلاع على النشرة بصيغة PDF

to view in English

___________________________

السيسي: هامش 1

حرية الفكر والتعبير تصدر ورقة بعنوان “الكوميكس بالعربية .. المشهد في مصر”

$
0
0

للإطلاع على الورقة بصيغة PDF

 

فن القصة المصورة

هو الترجمة العربية لفن الكوميكس Comics

وهو فن يجمع بين وسيطين قصة وصورة؛ أي أن تحكي القصة من خلال صور مرسومة.

cave-painting-4913311

صورة مصحوبة في الغالب بنص/حوار مكتوب على متتالية من الصور.

قد يكون في شكل شرائط مرسومة، أو (جاج) صفحة مرسومة في مجلة تنتهي عادة بموقف مضحك، أو ألبوم قد تصل القصة فيه إلى ثلاثين صفحة، أو روايات مصورة.

فن القصة المصورة ليس منحسر في أفكار معينة، يراه الكثيرون -بشكل مغلوط- باعتباره فن هزلي فقط، إلا أن فن القصة المصورة بمقدوره أن يتناول أي محتوى قصصي يُعبِّر عن أي حالة كانت في إطار منحنى درامي. يأتي هذا الانطباع -غالبًا- من أن المصطلح الإنجليزي “كوميكس”، الذي تعود تسميته إلى الظروف التاريخية التي نشأ فيها بحيث كان امتدادًا لفن الكاريكاتير المعتمد -بالأساس- على السخرية.

حتى الآن يحدث خلط مغلوط، بين فن القصة المصورة وفن الكاريكاتير، ويتم اختزال القصة المصورة باعتبارها قصة مضحكة.

الكاريكاتير؛ هو فن ساخر تُستغل فيه الرسومات والخطوط والصورة للتركيز على خصائص موضوع ما بشكل مُبالِغ أو مُبسَط، وتسخر منه، بهدف النقد السياسي أو الاجتماعي أو غيره. على عكس فن القصة المصورة الذي يملُك من المقومات ما يمنحه فرصة الانطلاق في مساحات أرحب من تلك التي قد توفرها وسائط فنية أخرى[1].

تُعد القصة المصورة الفن التاسع، وفي أوقات كثيرة تنتقل مربعين للأمام إلى الفن السابع. وذلك عندما يُمكِن تطويرها في شكل أفلام رسوم متحركة، وهي مجموعة من الصور المرسومة تُعرَض بتتابع من خلال آلة عرض أو من خلال الحواسيب بأبعاد ثنائية أو ثلاثية.

يسرد المؤرخون أن “الكوميكس” ليس وليد العصر الحديث، بل أنه موجود منذ بداية الخليقة، منذ أن بدأ البشر، أن يرسموا على الحيطان وكانوا يروون الحكايات من خلال الرسم، وهذا مثلًا ثابت في الحضارة الفرعونية المصرية وغيرها من الحضارات.

الكوميكس عالميًا

 تجارب مميزة في إنتاج فن القصص المصورة على الصعيد العالمي

Joe+Shuster+-+Superman+Pin+Up+Original+Art+%28undated%29

كابتن أمريكا، الرجل الحديدي، الرجل العنكبوت، المدهشون الأربعة، وإكس من X- Men، كل هذا من إنتاج شركة “مارفل” لإنتاج الكوميكس، من خلال مبدعها ستان لي، والذي يُعد من أكبر رموز الكوميكس على مستوى العالم. ظهرت مارفل في عام 1939م وقدَّمت العديد من شخصياتها بدءًا من عام 1961م.

كابتن أمريكا، الرجل الحديدي، الرجل العنكبوت، المدهشون الأربعة، وإكس من X- Men، كل هذا من إنتاج شركة “مارفل” لإنتاج الكوميكس، من خلال مبدعها ستان لي، والذي يُعد من أكبر رموز الكوميكس على مستوى العالم. ظهرت مارفل في عام 1939م وقدَّمت العديد من شخصياتها بدءًا من عام 1961م.

باندماج شركة مارفل مع ديزني، نجحت شركة ميكي ماوس العملاقة في تحويل العديد من الرسومات الورقية إلى أفلام ومسلسلات، وهو الأمر الذي دفع بالشركة إلى تحقيق نجاحات كبيرة[2].

latest

سوبر مان وباتمان، الشخصيتان الأشهر في عالم الكوميكس، كانا وغيرهم من إنتاج شركة دي سي DC.

سوبرمان من إبداع المؤلف جيري سيغل والرسام جو شوستر، وظهرت في عام 1938م.

أما الرجل الوطواط فهو من إبداع المؤلف بيل فينغر والرسام بوب كاين في العام 1939م.

تم استغلال الشخصيتين لصناعة سلسلة من الأفلام التي لاقت نجاحًا كبيرًا على مستوى العالم ومن جميع الفئات العمرية.

الكوميكس في الولايات المتحدة الأمريكية تُسيطر عليه هاتان المؤسستان الكبيرتان. يحتكران المنافسة في السوق الأكبر لصناعة الكوميكس عالميًا. وهما؛ شركة D C التابعة لشركة (تايم وارنر). وشركة (مارفل) المملوكة لشركة (ديزني). وتُعد الشركتين المهيمنتين على إنتاج الكوميكس، ومنتجاتهم لها تأثير وانتشار كبير في جميع أنحاء العالم.

بالطبع مارفل ودي سي هما الشركتين الرائدتين، لكن هذا لا يمنع أن هناك الكثير من دور النشر المنتجة للكوميكس والتي تلاقي نجاحًا كبيرًا.

Chap18p14Compilation

أما عن المانغا؛ و هو ما يطلق على القصص المصورة اليابانية، فيمكننا القول أن لفظة “المانغا” جاءت على يد الفنان هوكوساي في الفترة الواقعة ما بين القرن السابع عشر والثامن عشر. حيث كانت تُطلَق على أعماله والتي بلغت حوالي 3000 قطعة فنية امتازت بأشكالها المنفردة، وفلسفتها المختلفة عن طريقة الفن الصّوَري المعروف في وقته. القصص المصورة اليابانية منفردة جدًا في رسم شخصياتها وسرد حبكاتها الدرامية.

يقال أن هذا كان نتيجة لما خلَّفته القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي من ندوب طويلة الأمد على النفسية الفنية اليابانية.

“المانغا” ظاهرة اجتماعية في اليابان، تصل لجميع الأفراد من مختلف التوجهات والأعمار، من خلال الرومانسية، والمغامرات المثيرة، والخيال العلمي، وعقليات ونفسيات البشر.

المانغا عادةً تأتي في صور أبيض وأسود، وأحيانًا يلوُّنها فنانون آخرون.

فن القصة المصورة في اليابان هو ثقافة شعبية أكيدة، ويؤثر على الاقتصاد الياباني بشكل كبير.

31694-1

يُصنِّف الكثير من رسامي الكوميكس غير اليابانيين أنفسهم/ن بالمانغاويين تأثرًا بهذا النوع من فنون الكوميكس وانتماءً إليه..

أما في فرنسا؛ فمدرسة الكوميكس الفرنسية هي الأقرب للإنتاج في مصر؛ حيث الأسلوب الواقعي، المليء بالتفاصيل الأقرب للحياة اليومية الطبيعية لكنها فقط في شكل مرسوم وأحيانًا تكون بدون استخدام مبالغات بعيدة وقد يتم أستخدام ألوان.

فن القصة المصورة بالعربي

أولًا: النقل إلى العربية

4d0e9abf4a0f5cb6889b4b20108f7824

[3]منذ عام 1959 قامت دار (الهلال) المصرية، بعقد اتفاق مع شركة (والت ديزني) من خلال (نادية نشأت)؛ إحدى أصحاب دار الهلال- آنذاك ووكيلة (والت ديزني) في الشرق الأوسط.

ظلَّت تصدُر أعداد (ميكي) بالعربية حتى عام 2003 ثم انتقلت الشراكة من دار الهلال لتُطبَع مع دار (نهضة مصر)، [4]

لم تكتفي مجهودات دار الهلال بالنقل للعربية فقط، بل مصَّرت العديد من الشخصيات في ميكي وأصدقاءه، وقدمت شخصيات مثل (العم دهب). كذلك قامت دار الهلال بتقديم حكايات (تان تان) وقصص (المغامرون الخمسة) من خلال مجلة (سمير) التابعة للدار.

unnamed-51

تشكَّلت ثقافة أجيال من الأطفال الناطقة باللغة العربية بجهود (دار المطبوعات المصورة) اللبنانية، لتعريب شخصيات من [5]سلاسل شركة (دي سي) وشركة (مارفل)؛ فوُجِدت قصص مصورة بالعربية لشخصيات مؤثرة في الكوميكس عالميًا مثل (سوبرمان) و (باتمان) و (روبن) و (لولو الصغيرة) والتي تم تعريبها مع إضافة بعض التحريفات لتتوافق مع الواقع العربي. ليتوقَّف النشر مع اندلاع الحرب في لبنان.

كان هناك محاولات للتعريب -أيضًا- قامت بها دار روايات مصر للجيب ودار الرافدين بالعراق في حقبة التسعينات.

حدثت طفرة في المحتوى المُترجَم إلى العربية للقصص المصورة بوجود عدد من الشباب المهووسين بالكوميكس، والذين وفَّر لهم الإنترنت المساحة والأدوات اللازمة لتقديم وأرشفة وترجمة القصص المصورة. فهم لم يهتموا بدرجة كبيرة بشكليات حقوق الملكية والنشر للشركات الكبرى، وخرقوها، بهدف إيجاد محتوى عربي. كما أنهم لا ينتفعون ماديًا من وراء ذلك، و يعملون بشكل مستقل قائم على العمل التطوعي فقط.

سأنقل هنا تجربتين مميزتين.

عرب كوميكس

[6]لسد فجوة إنتاج القصص المصورة باللغة العربية، في عام 2005 ظهر موقع عرب كوميكس، على يد مديره (هاني الطرابيلي).

501

في خلال عام؛ بدأ انضمام الكثير من عشاق هذا الفن. وتوسَّعت أنشطة الموقع.

بشكل أساسي قام أعضاؤه بمسح ضوئي للمجلات القديمة التي توقَّفت إتاحتها في المكتبات، وقاموا بأرشفتها للحفاظ على هذه الكنوز المترجمة إلى العربية، التي قد تختفي لأن أحدًا لم يهتم بإعادة طبعها.

بسبب توقُّف إنتاج قصص مصورة مترجمة، قام الموقع بترجمة عدد من الإصدارات لشخصياتهم المفضلة، حتى تطوَّر الموقف لترجمة كل جديد تنتجه الشركات العالمية، أخذوا نفس نهج وأسلوب المجلات القديمة في ترجماتهم لأعدادها الجديدة، مثل (عملاق عرب كوميكس) وهي امتداد لعملاق اللبنانية، و(سوبر تان تان) وهي امتداد لتان تان النسخة المصرية، وأمتع القصص وهي امتداد لمجلة (بساط الريح) اللبنانية.

يوفر الموقع أيضًا مقالات متميزة عن فن القصص المصورة ومحتوى نقدي وتحليلي جيد.

كوميكس جيت (بوابة الكوميكس)

ComicsGate

[7]هي دار نشر رقمية عربية، توفِّر إصدارات القصص المصورة الأمريكية واليابانية والأوروبية باللغة العربية وبشكل مجاني قائم على تطوع محبي الكوميكس في العالم العربي.

يُقدِّم الموقع للمُطَّلعين عليه -أيضًا- الأعداد الجديدة من إصدارات الكوميكس بلغتها الأصلية فور صدورها، حيث يشتريها أحدهن/م ويقوم بمسحها ضوئيًا ليشاركها مع الآخرين.

الموقع -أيضًا- يعطي مساحة لأعضاءه لكي يشاركوا أعمالهم/ن من القصص المصورة، وتوجد مساحة لتبادل الآراء، أخذ الموقع الجائزة الذهبية الأوربية للجودة والسمعة التجارية لعام 2012م باعتباره من أهم المواقع المهتمة بفن القصص المصورة.

 المشهد المصري لفن القصة المصورة

ظل الكوميكس في المشهد المصري، مُوجَّهًا إلى الأطفال من فئة عمرية معينة، يستطيعون القراءة. أغلبية القصص المصورة كانت مترجمة؛ مثل إصدارات دار الهلال المصرية ودار نهضة مصر.

6378268

كان محي الدين اللباد ( رسام وفنان تشكيلي مصري)، أول من نشر الكوميكس من خلال دار الفتى العربي[8]؛ الرائدة في نشر العلوم التربوية والأدبية للأطفال في العالم العربي، والتي أسسها الدكتور نبيل شعث أحد الرواد الفلسطينيين البارزين في العام 1971م في بيروت استكمالًا لمسيرته التي بدأها في نهاية الستينات من القرن الماضي في العمل العام، وقد ساهم في تأسيسها نخبة من الشخصيات الفلسطينية البارزة.

كان إنتاج اللباد مميزًا في إصدار (بيت للورقة البيضاء)، (صورة الأرض)، (السلحفاة الحكيمة)، (كشكول الرسام)، (سعدي يوسف). كما نشر سلسلة (أفريقيا! أفريقيا!) وهي عبارة عن مجموعة قصص مصورة عن أفريقيا عام 1985م عن دار العربي للنشر والتوزيع[9].

في خمسينيات القرن الماضي، عمل محي الدين اللباد مع عدد من رواد الكوميكس على مجلة “سندباد”، وكان يصدرها الفنان حسين بيكار؛ وهو من أوائل الفنانين الذين أدخلوا فن القصص المصورة إلى مصر.

فواز ومعلوف

فواز (مواليد 1958) فنان كوميكس و رسوم متحركة. حقَّقت شخصياته التي ابتكرها في مجلة “علاء الدين” و”بنوتة” ومجلة “العربي الصغير” الكويتية” شهرة واسعة ربما فاقت شهرة اسمه، كما قدَّم أيضًا سلسلة حواديت (بلية العجيب).

340px-Bellia_el3ageeb_characters

ساهم -أيضًا- معلوف وهو فنان مصري لبناني في ابتكار شخصية (بلبل) في مجلة (بلبل)، وشخصيات أخرى عديدة ابتكرها منذ عام 1987 حتى 1997 في مجلة (باسم).

[10]في فبراير 2004، ظهرت شركة A K Comics والتي أصدرت عدد من المطبوعات للقصص المصورة الموجَّهة للمراهقين لأول مرة في مصر تحت عنوان ( أبطال العرب الجبابرة Middle East Heroes ) … وكانت حول أربعة شخصيات وكانت متأثرة بالكوميكس الأمريكي تمامًا وشخصياته الخارقة:

زين: أستاذ فلسفة، والأخير من سلالة الفراعنة، يعيش بالقاهرة ويستخدم قوته الخارقة وتكتيكات فرعونية ليحارب الشر.

آية: طالبة حقوق، تندفع لمحاربة الجريمة عندما يتم اتهام والدتها زورًا بقتل زوجها. لا تملك قوة خارقة لكنها تحارب من أجل مساواة النوع الاجتماعي.

جليلة: عالمة، اكتشفت في عمر الـ 16 مفجر نووي زرعته إسرائيل، وتبدأ بتوجيه قوتها الخارقة لحماية القدس، فلسطين.

أركان: محارب من العصور الوسطى، نجا من الغزو المغولي لبلاد ما بين النهرين. يُقدَّم باعتباره المحارب الذي لا يُقهَر.

كان المميز في التجربة، وجود إنتاج قصص مصورة باللغة العربية موجهة لفئة أكبر من الأطفال، وتستقي قصصها من السياق العربي.

أفلست الشركة بعد إنتاج ستة أعداد من كل شخصية وتوقفت.

في عام 2008، ظهرت أول رواية مصرية مصوَّرة للكبار على يد كاتبها “مجدي الشافعي”، رواية مترو، و التي جعلت منه صاحب أول نقلة ملحوظة في مشهد الكوميكس المصري للكبار.

6013860

صودرت الرواية لأسباب سياسية و لكن أُعيد نشرها بعد تغير نظام الحكم.

تعددت محاولات فناني الكوميكس لأن يجتمعوا و يصدروا مجلة، إلا أن هذا لم يحدث سوى في يناير عام 2011م، وتحديدًا قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير بأيام، حيث شهدت تلك الفترة ظهور مجلة (توكتوك) لتُقدِّم مادة قصص مصورة تُعبِّر عن الواقع المصري سياسيًا واجتماعيًا من خلال تجمُّع فنانيها (مخلوف، أنديل، هشام رحمة، توفيق) و محررها (شناوي). وهنا دخل الكوميكس المصري مرحلة المجلات، حيث تلى مجلة توك توك، “الدوشمة” وهي المجلة التي أصدرها مركز “هشام مبارك لحقوق الإنسان”، وكان يقوم على تحريرها مجدي الشافعي.

ظهر بعد ذلك كتاب (خارج السيطرة)؛ وهو أول كتاب كوميكس تأليف جماعي، ونُعد أهم مميزاته أنه قدَّم تجربة مختلفة ومهمة في محاولة توفير مادة للكبار. كان ذلك نتاجًا لورشة تأليف ورسوم تحت عنوان” كادرات الكتابة”. أعدت له الفنانة، رانيا أمين، وحرَّره الشاعر أشرف يوسف، وصمَّم الغلاف، مريم صلاح. واشترك فيه ١٩ فنانًا من الرسامين والكُتاب، أمثال محمد توفيق، أشرف حمدي، أحمد قشوش، شيرين هنائي، باسم موسي، جابر خليل، حاتم فتحي، حنان الكرارجي وآخرين.

جمع الكتاب بين المغامرة والفانتازيا واتسم بالجرأة. وكان دفعة قوية لمنتج مصري من فن الكوميكس[11].

ظهور مؤسسة مزج كنقد لامتياز مركزية العاصمة

مزج؛ مؤسسة ثقافية (شركة ذات مسئولية محدودة )، أُنشئت في يناير 2013م، بهدف دعم أشكال جديدة من الفنون غير المدعومة من مؤسسات الدولة والتي لا تجد انتشارًا واسعًا بين أفراد المجتمع.

11229695_806046719481270_4082082510898410795_n

تعتمد المؤسسة على اختيار ودعم نوع محدد من الفنون الجديدة والعمل على نشرها لمدة عام.

تسعى مزج إلى إنشاء دوائر اتصال بين الفنانين المصريين وأقرانهم في الدول العربية ومختلف دول العالم، وإلى خلق مساحات لتبادل ثقافي وفني لنقل خبرات تُتيح لهذه الفنون التطوُّر والانتقال إلى الدائرة الأوسع من الهواة والمهتمين والمتلقين في المحافظات والأقاليم.

تعمل المؤسسة على تفعيل سياسة اللامركزية انطلاقًا من إيمان مؤسسيها بضرورة انتشار كل أنواع الفنون الجديدة ووصولها لمختلف محافظات مصر، وذلك للمساهمة في تحسين جودة الحياة لسكان القرى والأقاليم وزيادة تفاعلهم مع الثورة الاجتماعية والفنية التي تحدث بالفعل داخل المجتمع المصري[12].

بدأت مزج بالعمل على هدفها من خلال عدة ورشات. بدأت بورشة “عبَّر بالكوميكس” في فبراير 2013م بالتعاون مع مؤسسة حرية الفكر والتعبير لتدريب طلبة الجامعات على فنيَّات الكوميكس، ثم بسلسلة ورش في محافظات الإسكندرية والمنصورة وأسيوط.

أصدرت مؤسسة مزج، كتاب قصص مصورة تحت عنوان، الإكسبريس، كان نتاج ورش تدريبية بدأتها مزج في شهر يونيو 2013م تحت اسم “فروق توقيت” في أربعة محافظات الإسكندرية، المنصورة، سوهاج، والمنيا. واختتمت بورشة “مصنع الكوميكس” في لقاء يجمع بين فناني الكوميكس المختلفين من المحافظات لإنتاج كتاب “الإكسبريس”[13].

أجمع عدد كبير من الفنانين ما بين مؤلفين ورسامي كوميكس على تغيُّر المشهد في مصر بعد الثورة بشكل ملحوظ. ومن أجل معرفة أفضل بالمشهد المصري للقصة المصورة، كان لزامًا علينا أن نأخذ الكلمة من الرسامين والمؤلفين أنفسهم/ن، و ذلك لندرة المحتوى الرقمي الموثَّق لمشهد الكوميكس في مصر.

مقابلات

هذا الجزء عبارة عن مقابلات مع عدد من المنتجين لفن القصة المصورة في مصر. يتحدثون فيه عن أعمالهم/ن وعوائق النشر لفن القصة المصورة ورؤيتهن/م لواقع فن القصص المصورة في مصر.

مخلوف

5e3c6e86b73527a6948246240b411ddd

رسام كاريكايتير، شارك في العديد من ألبومات الكومكس. كان أشهرها مجلة (توكتوك).

واقع ومستقبل صناعة الكوميكس في مصر

تحدث في مصر اليوم فعاليات عدة تشير إلى وجود صناعة ناشئة للكوميكس. حيث تجد في المكتبات -الآن- رف “كوميكس عربي للكبار. وهو ما لم نكن نراه من قبل.

العام الماضي عملنا على مطبوعة تُسمى (الفن التاسع)؛ شهرية تهتم بأخبار الكوميكس العالمي والعربي وتحتوي على مقالات نقدية وخبرية.

توك توك فتحت المجال بشكل كبير، نُشرت قبل الثورة في 2011م، ثم جاءت الدوشمة ومجلة مجنون الرقمية، وتلاهم ظهور مجلة “جراج” في 2015م.

وافتُتِحَ محل مختص لبيع الكوميكس، يحتوى على رفوف عربية ولها جمهور. كل هذا يدل على أن الصناعة بدأت تنشط قليلًا، وأن من يريد أن ينشر كوميكس يعرف ماذا يفعل ومن أين يبدأ.

doshma2_0001_zps5cfcc636

ظهرت ثقافة الكوميكس في الصحافة المصرية من خلال ما يُعرف بالشريط المرسوم ذو الأربع كادرات أي القصير، في أول التسعينات في صحيفة الجمهورية بصفحة الرياضة وكان يتناول الفنان الأخبار الرياضية بشكل ساخر، والبطل كان قرد صغير، وكان رسامها هو سمير عبد الخالق ، وكان يسمي هذا الركن (تلاتة بس).

في عام 2005، ظهرت جريدة الدستور، وعاد الكوميكس من خلال ركن يكتبه، أحمد العايدي، ويرسمه الفنان، عبد الله أحمد. واللذان طوَّرا من خلال أعمالهما المختلفة شخصيتين؛ بوكو وسكمنوس. وهما طفلان مراهقان يُعلِّقان بشكل فانتازي على الأحداث السياسية في مصر.

ثم تعاونت أنا وأنديل. وبدأنا نرسم ونعمل على نشر أعمالنا الأقرب للكاريكاتير بعدة صحف.

يمكنني القول أنه لا يوجد صناعة كبيرة وواسعة للقصص المصورة في مصر، لكن لا يُمكِن إنكار أننا انطلقنا نحو ذلك. و هو الأمر الذي إن كُتِب له أن يستمر دون معوقات تطفئ جذوته وتقتله فسوف تكون هناك صناعة كوميكس قوية وواعدة في مصر.

الجيد الذي يحدث الآن وقد يدفعنا للأمام هو أن، مجدي الشافعي، مثلًا؛ يعمل على روايته المصورة الثانية. وهناك فنانة مثل، حنان الكرارجي، لديها ثلاث قصص مصورة منشورة ومطبوعة بالفعل. هناك أيضًا مجلة”توكتوك” والتي تصدر على مدار أربع سنوات بلا توقف.

كما أن هناك ورش تحدث للكوميكس ويصدُر عن نتاجها كتب مطبوعة مثل كتاب “الإكسبريس” لمؤسسة مزج.

ورش مزج أخرجت رسامين جيدين حقًا، وننتظر قريبًا أول مهرجان كوميكس في مصر.

كذلك هناك تجربة مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، والتي رأت أنها تستطيع أن توصِل أفكارها بشكل أقوى من خلال الفن البصري، وأصدرت مجلة الشكمجية. والكثير من المنظمات بدأت تعمل على توصيل مبادئها من خلال استغلال فن الكوميكس.

مشكلتنا في مصر أن هناك دائمًا فجوة، اختفاء جيل وانشغال جيل من الأشخاص القائمين على الصناعة. أو أن يحدث تجاهل من أحد أطراف إنتاج الصناعة كالناشرين على سبيل المثال.

يمكنني القول أنه إذا رأى كل ناشر أن المساهمة في إنتاج كتاب أو مجلة للكوميكس سيُحدِث طفرة. وأن هناك أفق واعد لمصر أن تكون من أكثر الدول المنتجة لفن الكوميكس. وهو ما سيؤدي بالضرورة لجذب الأنظار وترجمة الأعمال. وهو ما سيجعلها مؤهلة للمشاركة بالمهرجانات الإقليمية والدولية. هنا يحدث التطور.

لم يُعرف خارج مصر حتى الآن بشكل كبير غير رواية “مترو”. وتُرجِمَت إلى لغات عدة.

وفي هذا الإطار اعتُبرَت توكتوك كتجربة مستقلة قوية مثلها مثل؛ السمندل في لبنان، و كسكسي باللبن في تونس.

توكتوك

toktok

نشرت مجلة “توكتوك” بشكل مستقل وجهود ذاتية منَّا نحن المؤلفون والرسامون، جعلت هناك مساحة أكبر لحرية التعبير عن أفكارنا، وعندما عَرَض عدد من الناشرين أن يتبنوا إنتاجها ونشرها، رفضنا خوفًا من فقدان تلك المساحة. ومن أن تتحول لمجلة تجارية، فقط، ولأن كل ناشر -بشكل ما- يفرض رأيه وسياسته وشروطه.

 

ظللنا لعدة شهور قبل نشر العدد الأول نناقش السياسة التحريرية لتوكتوك، وما هي القواعد التي يجب أن يلتزم بها فريق العمل، حتى رأينا أنه لا يوجد داعي لأي قيود أو قواعد من الأصل. وبالفعل خلال عملنا ظل كل “تابو” ينكسر في محله، سواء كان دينيًا أو مجتمعيًا.

ليس شرط أن نُعيد إنتاج تجارب شبيهة بـ”توك توك”، لأنها في النهاية مبادرة ذاتية معتمدة بالأساس على مجموعة من الفنانين يتحملون تكلفة نشرها من أموالهم الخاصة. ويجب التأكيد على أن العمل مع المؤسسات ودور النشر ضروري، لأن الواقع الآن يُشير إلى أنه لا يوجد كوميكس جيد موجَّه للأطفال أو المراهقين.

الرقابة

أواجه مشاكل في عملي أكثر مع الكاريكاتير، ليس من الجريدة ولا الهيئات الرقابية بل من الشارع، فالتعاطف الشعبي -عقب مظاهرات 30 يونيو و قرارات 3 يوليو- مع الحكومة والرئيس السيسي كان واسعًا بدرجة كبيرة، فبالتالي عندما نسخر منهم لا يكون رد الفعل على ذلك إيجابي ولم يكن مُتقبلًا. وهو ما يختلف عن فترة حكم الأخوان.

من المشاكل التي واجهتها مجلة “توكتوك” رغم أنه مكتوب عليها، للكبار فقط، أنه عندما اشترت أحد السيدات عدد من المجلة من مكتبة الشروق لطفلها، بلَّغت إدارة المكتبة أن المطبوعة بها ألفاظ ومشاهد إباحية. حاول القائمين على الأمر أن يقنعوها بأنها مجلة كوميكس للكبار وليست للأطفال. إلا أن هذه الحادثة تسببت في توقُّف تسويق (توكتوك) في جميع مكتبات الشروق. وهو ما يؤكد أن الثقافة في مصر ما زالت تستقبل الكوميكس باعتباره فن موجَّه للأطفال على عكس اليابان مثلًا، والتي تُنتج كوميكس موجه لكل الفئات المجتمعية باختلاف الأعمار والطبقات والمهن، لدرجة أن هناك كوميكس موجَّه للرسامين أنفسهم، والمهتمين بالتاريخ. وهذا بالطبع نتاج صناعة بدأت منذ الستينات ولم تواجهها فجوات تعوق مسيرتها، بل تراكمات طوَّرت الإنتاج. وهو ما نفتقده هنا في مصر، لأن تلك التراكمات هي الفاعل الحقيقي وراء تطور أفكار المُتلقي أيضًا.

النشر الرقمي

هناك بالفعل مهووسون بالكوميكس يدفعون الصناعة وانتشار الفن للأمام من خلال المنتديات مثل؛ بوابة الكوميكس وكومكساوي. وذلك من خلال نقلهم لأعمال بالعربية بالإضافة إلى الأرشيف الضخم الذي يمتلكونه، وهم لا يستفيدون أبدًا من وراء ذلك بشكل مادي، هم -فقط- يترجمون ويوثِّقون بدافع حبهم وإيمانهم بصناعة الكوميكس.

واجهوا في فترة ما مشكلة متعلقة بالملكية الفكرية وأغلقت لهم شركة DC الموقع، ومنذ وقتها وهم يعملون في خفاء أكثر، بالرغم من أن كل هذا لم يكن بغرض تجاري.

بوابة الكوميكس، تحتفظ بنسخ نادرة ومفقودة من الكوميكس، مثل تان تان التي كانت تصدر هنا في مصر. وهذا يحدث في كل مكان في العالم من المهووسين بالكوميكس، مثل الكثير من الهواة الأمريكان ممن يترجمون الكوميكس اليابانية. حتى أن الشركات أصبحت تتفق معهم بشكل شرفي، على سبيل المثال، إذا قامت الشركة الناشرة بترجمة العمل، فعليكم أن تحذفوا ترجمتكم أنتم من على الأنترنت.

حقيقة الأمر؛ أن استمرار وجود العاملين على تلك المنتديات مهم للغاية لأنهم أيضًا مستقلين، وكل هذا يتم بشكل رسمي.

الترجمة

تُرجِمَت مؤخرًا رواية إيرانية للعربية (ما وراء الفردوس)، وكانت تجربة مهمة. وعلينا أن نسأل أنفسنا؛ من كان سيقرأها هنا إذا لم تترجم للعربية؟. مسار الترجمة مهم ولا يمكن الاستغناء عنه لأن النقل للعربية يفتح مساحة أكثر للتطور هنا.

عرب كوميكس يبذلون مجهود أكثر مما تبذله أي مؤسسة معنية بالكوميكس وتربح منه -أيضًا-، هم كُثُر ولديهم شغف بالموضوع. كما أن لديهم جمهور واسع ينتظرهم، ونحن كفنانين نلجأ إليهم عند البحث عن نسخ غير متوفرة.

نعاني هنا من مشكلة كبيرة عنوانها، أنه لا يوجد محتوى أرشيفي على الأنترنت وبالذات الرسم، على عكس دول أخرى تعمل حكوماتها على بناء أرشيف أو مؤسسات مدنية أو دعم تجارب لمجموعات من المتطوعين بهدف تيسير عملية بحث المهتمين عن ما يريدونه.

انتعاش الكوميكس الذي حدث في مصر كان على يد فنانين ليسوا رسامين مختصين بالأساس، فمجدي الشافعي كانت رواية “مترو” تجربته الأولى، وأنا وقنديل وغيرنا من فريق عمل مجلة “توكتوك” رسامين كاريكاتير بالأساس، وشناوي مصمم، وتوفيق كان يرسم كوميكس للأطفال، وهشام رحمة “أنيمتور”. إذًا كل مجموعة لملمت نفسها ووجدت فرصة للنشر لم تتأخر. فتراكُم الإنتاج الفني يساهم في تطويره وهو ما يساعد بشكل فعلي على تطوُّر الفنانين أنفسهم -أيضًا-.

كان تأثري الأساسي، بمدرسة الكوميكس الفرنساوي، وبعد فترة من العمر انشغلت بمجلات الكوميكس اليابانية، خاصةً أنها بدأت من الصفر بعد حادث القنبلة النووية.

بالرغم من أن المشهد يملأه الكثير من المتخبطين والمجربين، إلا أن هذا جيد ومنطقي، الخوف الوحيد هو من حدوث فجوة، فعلى سبيل المثال لدينا رسام شاطر جدًا اسمه، أشرف عبد العظيم، يُجهِّز لنشر رواية كوميكس جديدة، لكنه يعمل بمجال الإعلانات لكي يوفِّر رزقه، ونحن خائفين من أن نخسره كرسام مهم يُعوَّل عليه أن يضيف الكثير. كذلك فإنه من بين فناني “توكتوك” من قد نخسرهم لاهتماماتهم بأشياء أخرى. وكذلك نتيجة لإحباطات واسعة بين الناشرين الذين يهدفون للنشر بشكل تجاري جدًا. وهو ما قد يجعلنا نخسر الجمهور الذي تمكنَّا جميعًا من كسبه خلال السنوات السابقة. لذلك يجب على المنظومة بأكملها أن تكون داعمة للصناعة بداية بالمناخ ومرورًا بالدعم والتسهيلات من أجل إثراء تلك الصناعة الهامة.

ذات مرة في 2006، قال لي أحدهم أن وزارة الثقافة تُقدِّم منح للفنانين الشباب، وكنت -حينها- أريد أن أُنتِج رواية كوميكس، فاكتشفت أن أعضاء اللجنة لم يكونوا على وعي بماذا أقصد بالـ”كوميكس”، فظللت أشرح لهم وأفهمهم، أنها قصة تحاكي واقع ما من خلال الرسومات، وبالطبع رفضوا مشروعي للحصول على منحة.

الكوميكس فن صعب، يأخذ مجهود للرسم والعمل قد يستغرق عام، ثم يذهب العمل للناشر، الذي يتردد، بطبيعة الحال، لأنه يريد أن يبيع قبل كل شيء، وإلا فهو يخاطر برأس ماله. على جانب آخر لم تأتِ روايات الكوميكس المكتوبة والمرسومة بالشكل الذي يستفز الناشر أن يتحمل المغامرة ويقوم بنشرها، فالمحتوى ليس بهذا القوة.

مشهد الكوميكس في مصر يضم كُتاب متميزين أفضلهم وأكثرهم اجتهادًا، محمد إسماعيل أمين وتامر عبد الحميد.

أتمنى أن يخرج فن الكوميكس بعيدًا -بعض الشيء- عن الأطر السياسية، فعلى سبيل المثال، عند العمل على العدد الأول من توكتوك اتفقنا على ألا يكون في قالب سياسي، خاصةً أنني وأنديل كنا نعمل -فقط- في الكاريكاتير السياسي الساخر، لكن بعد الثورة تحوَّلت كل الأعمال إلى السياسة بداعي التفاعل الطبيعي مع الموقف. وأصبحنا رسامي مصر الذين يُعبِّرون عن مرارة الواقع بخطوطهم. وخاصةً أن أغلبنا منتمي للثورة، ومعارض -بدرجات- لسياسات النظام القائم. حيث لدينا القدرة على لمس الدولة في أبسط المشاهد وتعريتها باعتبارها دولة بوليسية فاشلة ينخرها الفساد. وذلك من خلال أبسط المواقف وليس في القضايا الكبيرة فقط. كما أستطيع أن أقول أن تجربة” جراج” استطاعت أن تتحرر من الأطر السياسية.

كنت أراجع أرشيف مجلة كاريكاتير في التسعينات، أثناء حكم الرئيس المخلوع، مبارك، حيث كان هناك استقرارٌ ليس بالضرورة جيدًا بل نستطيع توصيفه باعتباره جمودًا يحاصر كل شيء، لكن الفن كان مُتجِه لأشياء أخرى مجتمعية غير سياسية وكان هذا مُرضي وجيد بالنسبة لي كفنان.

الكوميكس فن شعبي، وتلك المرحلة هي التي تفرض علينا هذا، لأننا جزء من نبض وحركة الشارع، والفن انعكاس لضجيج الحياة في الشارع.

1935481_10151242082780431_1619373129_n

محمد إسماعيل أمين

سيناريست، ومؤلف للكثير من القصص المصورة، ومخرج فيلم (كوميكس بالمصري) ومهتم بالتوثيق.

الكوميكس بالنسبة لي هواية أكثر من كونه عمل، ذلك لأني لا أستطيع أن أؤمن نفسي ماليًا منه، لذلك أعمل بكتابة السيناريو وأتمنى أن أستطيع التفرغ للكوميكس وأوفر ربح منه. ولكن على أية حال، المهم أنه يَكبُر.

نشاطي في الكوميكس هو كتابة القصص، ويرسمها الفنانين.

عملت مع أغلب المتواجدين في مشهد الكوميكس في مصر.

 

مشهد الكوميكس قبل الثورة

الكوميكس بدأ ظهوره منذ زمن بعيد في مصر، لكنه كان موجَّهًا للأطفال فقط مثل (علاء الدين، وبلبل، ومجلة ماجد التي كانت تصدر من الإمارات)؛ بدأ الالتفات له كفن موجَّه للكبار على يد مجدي الشافعي في روايته المصورة (مترو). الجيل الذي تربى على قراءة القصص المصورة في طفولته كبر ويريد قراءة قصص مصورة تناسب مراحل عمرية وعقلية مختلفة وخاصة لتدني مستوى إنتاج تلك السلاسل من القصص وتحولها لسبوبة لا تتطور.

وكان صدور “سيف بن زي يزن[14]” نقلة كبيرة ، كان ذلك من خلال ورشة عمل في “تاون هاوس”، في 2003م، حيث اجتمع عدد من الرسامين والمؤلفين واختاروا تلك الشخصية الشعبية ليرسم ويؤلف كل فرد أربع صفحات حسب تصوره عن الشخصية. واختلفت القصص ما بين سياسية وسخرية اجتماعية. ونُشِرَت في مطبوعة.

بعد ذلك ظهرت رواية (مترو)، عَمِل مجدي الشافعي على الرواية وكان جزء من المجموعة التي عملت من قبل على مطبوعة (سيف بن زي يزن).

كنت سأندمج في عمل آخر مع مجدي الشافعي لكن مع ظروف النشر وانعدام المكسب الربحي، اتجهت لكتابة السيناريو في تلك الفترة واستمررت في متابعة التجارب واحتمالية الاشتراك معها.

ظهرت في ذلك الوقت أيضًا، وتحديدًا في فبراير 2004 شركة A K Comics وأصدرت عددًا من المطبوعات للقصص المصورة الموجهة للمراهقين تحت عنوان ( أبطال الشرق الأوسط Middle East Heroes ) … وكانت حول أربعة شخصيات.

وعملت معهم على إصدار جليلة، استمرت تلك الشركة لمدة قاربت الثلاث أو الأربع سنوات، وأصدرت من كل شخصية ستة أعداد شهرية قبل أن تتوقف. الشركة أُغلقت بالفعل، ولكن ما زالت أعدادها تُباع في سور الأزبكية.

أصدر مجدي الشافعي مترو، ثم حدثت ضجة عليها بهدف الانتباه لصناعة الكوميكس، والتأكيد على أنه ليس مجرد فن للأطفال، ولكن استُخدِم كفن للمعارضة السياسية يصل إلى عدد مهم من الناس. وهو ما كان تأكيدًا على أن الكوميكس فن شعبي بالأساس يصل إلى الكثيرين.

انتبهت دور النشر بعد رواية مترو التي نشرتها دار (ملامح) لأهمية وجود الكوميكس، فنشرت دار (العين) كتاب جمع عدد من القصص المصورة لرسامين ومؤلفين مختلفين في كتاب (تحت السيطرة) في عام 2011م.

ثم حدث الانفجار على يد رسامين وكتاب مجلة (توكتوك)، جاء ذلك بعد تأثر كثير من هواة الكوميكس بأعداد مجلة (السمندل) اللبنانية ، كان مؤسس وصاحب الفكرة (شناوي)، ونشر أول عدد في يناير 2011م، قبل الثورة بعدة أيام. ثم انضم عدد من المؤلفين والرسامين. وانتشرت على مدى واسع وأستمر نشرها حتى الآن ليكون العدد 13 في أغسطس 2015م، وبيعت كل النسخ في العددين الأولين مما شجع العاملين عليها.

عمِلت مع مزج على ورش للكوميكس في محافظات مختلفة. كذلك عملت بالتعاون مع مجدي الشافعي في سوهاج والمنصورة والقاهرة على إعطاء ورشة عمل لعدد من المهتمين، بحيث نبلور أفكار ونكتبها ونرسمها وكل هذه الأعمال تم جمعه في كتاب حمل عنوان “الإكسبريس”.

ظهور مجلة جراج ومجنون

free-1307784281684671710

مجنون أصبحت تملُك دعم مؤسسي، تابع لمؤسسة نهضة مصر، ظهر منها أكثر من عدد رقمي، ثم أصبحت تُنشَر بشكل مطبوع مع نهضة مصر.

إذا لم يبقى الكوميكس صناعة فنية مستقلة بذاتها؛ سيظل هناك عقبة في تطوُّر المنتج والمحتوى.

عودة لمزج، العمل في المنصورة كان تجربة أفضل من محافظات أخرى، حيث يوجد حركة فنية بسيطة، ليست باتساع وتطوُّر الحركة في القاهرة، لكنها بالطبع أفضل من سوهاج.

في سوهاج كان المشتركين يقولون لنا أننا أول فنانين نعمل معهم، عدد منهم لم يفهم معنى كلمة (كوميكس)، لكن لوجود نشاط فني أرادوا أن يشتركوا ويضيفوا لأنفسهم تجربة جديدة. كنَّا نواجه معاناة، حيث كان علينا أن نقنعهم أولًا إن هناك أشياء أخرى قد يفعلها البشر وأن الحياة ليست فقط مجرد وظيفة وزواج. شاهدنا معهم أفلام، ثم تدريبات كتابة، ثم كتابة سيناريو ثم رسم. أزعم أننا خرجنا من الورشة بمكاسب، وأصبح هناك تواصل وتخطيط لعمل للنشر لكنهم لم يستمروا لينشروا .

قصور الثقافة -أيضًا- في المحافظات سيئة جدًا، ولم يتعاونوا معنا لعقد الورشة في الأماكن التابعة لهم. مما اضطرنا لحجز غرفة في فندق. في سوهاج الطبيعة جميلة جدًا بشكل يحُث على الإبداع حيث النسل والآثار الفرعونية (يوجد حرفيًا متحف مهمل منثور في الشارع)؛ قصة في حد ذاته. المدينة كلها أساطير.

الشمال متقدم عن الجنوب، فتجربة المنصورة كانت أفضل حيث مكتبة (بوكس أند بينز) التي أضفت على مدينة المنصورة جانب آخر من الحياة غير الشغل والزواج.

افتُتِح في القاهرة محل لبيع الكوميكس منذ ثلاث سنوات، وحلم صاحبه أن يملأ رف من كوميكس عربية للكبار. ومالك المكان هو نفسه مؤسس مجلة كومبو.

جهودي حاليًا منصبة على المساهمة في إخراج مجلة “توكتوك” فقط.

مجلة مجنون لطيفة لكن الأفكار قديمة. توكتوك أفضل ما فيها أنهم شباب يافع يحاربون من أجل كسب مساحة أرحب لدفع صناعة فن الكوميكس للأمام.

يوجد فيلم وثائقي عن الكوميكس من دعم مزج وإخراجي. وما زال يتم عرضه في عدة مهرجانات.

الفيلم تحت عنوان (كوميكس بالمصري)، الحركة الجديدة منذ بداية عام 2000م.

بخصوص الإنترنت؛ يوجد حركات عظيمة مثل، عرب كوميكس، لديهم أرشيف ضخم جدًا، ودخلوا في مرحلة أنهم بدؤوا يطبعون مجلات، وذلك كله بمجهودات فردية؛ كلها مجلات قديمة لكنها نادرة جدًا فجمعوها. وفي شهر واحد استطاعوا جمع 750 ألف جنيهًا للطباعة من الوطن العربي بأكمله بهدف إعادة طبع 50 نسخة.

يعملون الآن على مشروع آخر مع متطوعين لترجمة كل المحتوى الأجنبي سواء فرنسي أو إنجليزي. ومنهم من يترجم عن اليابانية. شخص عراقي ولبناني الآن يقومون بطبع تلك الترجمات.

المنتديات ظهرت منذ 2005م وكانت دفعة قوية للفنانين.

أحمد أباظة

kryptonite

أنيمتور ومؤسس محل (كريبتونايت) المختص لبيع الكوميكس.

أهوى الكوميكس منذ صغري حتى من قبل أن أتعلم القراءة. كنت أشاهد الرسومات ثم أقصهم لأعيد رسمهم، ثم أكتب وأرسم من خيالي، درست (تسويق) وعملت في شركة (طارق نور) للإعلانات لمدة أربع سنوات حتى أصبحت مدير فني بالشركة، لكن في ذلك الوقت أدركت إن الإعلانات ليست الشيء الذي أريد أن أفعله في حياتي، وأنها لا تعني شيئًا وتبيع ترهات. وقتها سافرت إلى ماليزيا ودرست Animation وهو ما يُعرف بفن الرسوم المتحركة، لمدة ثلاث سنوات، وعملت هناك. وعند عودتي إلى مصر، فتحت أول محل يبيع منتجات للكوميكس فقط في مصر (كريبتونايت)، وفتحت أستوديو للرسوم المتحركة، حيث نعمل على إنتاج أفلام كارتونية وخط أخر لإنتاج ألبومات الكوميكس.

الاستوديو يسير بشكل مستقل قائم على تطوُّع وتحمُّس الكثيرين، أنا -فقط- أخذت شقة ووضعت بها عدة مكاتب وحواسيب، يضم الفريق الأساسي ثلاثة أشخاص بينما البقية من متطوعين ومتحمسين انضموا للتجربة، أول حلقة عملنا عليها؛ تطوَّع أشخاص للتمثيل الصوتي ووضع المزيكا بدون أي مقابل مادي. نحاول أن نُخرِج منتج ونعمل على تسويقه، ليكون نقطة انطلاقنا للأمام.

في رأيي حدث انتعاش للكوميكس في مصر بعد الثورة لكنه لم يكن على مستوى الأشخاص المنتجين للكوميكس، كما أننا كفناني كوميكس لم نبذل المجهود الكافي لإنتاج محتوى أفضل.

الكوميكس في رأيي ليس مجرد قصة توضع في صفحتين أو ثلاث؛ أعني أنه لا يوجد قصة قد تتطور وتصبح سلسلة شهرية ذات أعداد متتالية. الأغلبية من فناني الكوميكس يتخذونه كنشاط جانبي وليس كشغفهم وعملهم الأساسي. وربما هنا تقع المشكلة، وهذا بسبب دور النشر والتسويق حتى إذا تحمل الفنان تكلفة طبعها على حسابه فلن يستطيع أن يسوقها جيدًا.

الجيد في المشهد حاليًا هو وجود حركة فاعلة للكوميكس، لكن مع مرور السنوات لم يتمكن القائمين على إنتاج الكوميكس من تطوير جودة المحتوى. وظللنا مكتفيين بأن هناك منتجات تُشير إلى أن مصر بها إنتاج للكوميكس. المهمة العاجلة حاليًا تتلخص في أن نعمل على تطوير المحتوى وثقل خبرات وإمكانات الفنانين العاملين في صناعة الكوميكس. ولا يمكننا إنكار أن الوضع بالطبع أفضل من ثمانِ سنوات سابقة، حيث يوجد عدد من مجلات الكوميكس المصرية في السوق.

توكتوك مثلًا “ستايل” معين لكنها ليست تفصيلية، وعلى مدار الأربع سنوات السابقة لم يخرج الكوميكس خارج الإطار الكاريكاتوري، وهذا بسبب الاستسهال، حيث أصبح أغلب الإنتاج بهذا الشكل.

للآسف الأشخاص الذين يتفرغون لصناعة كوميكس مفصل ويعملون على بناء شخصيات جيدة تسطيع أن تُكمِل، يقعون في السكة ويختفون لمختلف الأسباب.

أرى أن المشهد قد يتطور من التعليم نفسه، في كلية الفنون الجميلة مثلًا، كتفريغ وقت ومجهود جيد، لكن للأسف التعليم سيء. وعندما استهدفُ أشخاص درسوا في مصر، يتم نصحي أن اتجه إلى معهد السينما حيث قسم الرسوم المتحركة، لأن كلية الفنون الجميلة سيئة للغاية بالرغم من وجود قسم للرسوم المتحركة.

من خلال رؤيتي للسوق من محل كريبتونايت، أرى أن الترجمات للأعمال الأجنبية ستقتل السوق المصري باستثناء (توكتوك) و(فوت علينا بكرة)؛ أرى قراء يأتون لشراء أي منتج مصري موجود حتى إذا لم يعجبهم، لكن رؤية منتج مصري تسعدهم.

“فوت علينا بكرة”؛ سبب نجاحها هي الاستمرارية حيث وجدت مساحة للثقة بين الفنان والكاتب والقارئ وتباع كل النسخ، ويأتي القراء ليسألوا عنها.

أول أعمال خرجت بعد الثورة كانت روايتين يحملان نفس الفكرة، أحدهم بالإنجليزية والأخرى بالعربية. ويجري تقييد الكوميكس في الأطر السياسية، وأتمنى أن أرى أحد يُضيف حقًا عملًا خارج السياسة لكن ذو فكرة جيدة ليس ليبيع فقط.

قبل الثورة، لا أتذكر أي منتج غير رواية (مترو)، والإنتاج الموجَّه للأطفال في مجلة (ميكي). ولا أتذكر أني اشتريت أي كوميكس من مصر.

حاليًا أرى أنه من الجيد أن نعمل على تطوير ثقافة إقبال الكبار على الكوميكس، فبمقتضى عملي أرى جمهور كريبتونايت المستمر، حيث الأغلبية من سن 18 سنة حتى الثلاثين والأربعين، لأن الكوميكس -أيضًا- سعره غالي.

نعمل حاليًا في الاستوديو، غير أفلام الصور المتحركة على تقديم أنفسنا لدول أخرى، ونعمل على نشر كتاب كوميكس قريبًا. كنت عملت على نشر مجلة تسمى (كومبو) حيث مجموعة من الفنانين، رسم كلًا منهم عشرة صفحات وتم الانتهاء منها في سبعة أيام، لأننا كنا نريد أن يُعرَض العمل في مهرجان كوميك كون في دبي، فلم تأخذ وقت كافي لتخرج بالشكل المأمول.

أنا لم أكن راضٍ عنها، وأعرف أنها كان يجب أن تأخذ وقتًا أطول من هذا بالرغم من التعليقات الجيدة عليها، وأعتقد أن هذا الفرق يكمُن في معرفتي بأنني أستطيع أن أقدم أفضل من هذا.

الكثير من الفنانين يتوقفون عند مرحلة ما، ولا يتطورون لمجرد استقبالهم لتعليقات جيدة.

مع مطلع العام 2016م سأنشر عدد أفضل بالشراكة مع فنانين آخرين متحمسين، وما زالنا نعمل على تطوير الفكرة، حيث لا أريد أن أعيد تجربة كوميكس الثلاث صفحات، أريد أن أحمس القراء لمتابعة الأعداد. وأعتقد أنه لا يوجد مساحة كبيرة لتحميس القارئ بقصص مختلفة كلها لا تتعدى ثلاث صفحات لأن هذا الإنتاج يترك القارئ بلا أثر من العمل.

أريد أن أؤكد أن مشكلة العقلية في مصر تقع مع دور النشر، لأنهم من يرون الكوميكس باعتباره فن موجَّه -وفقط- للأطفال، فإذا لم تأتِ لهم بفكرة للأطفال، فقد يتهمونك بتسويق فكر فاسق وإلحادي ولديك أجندة إرهابية، خاصة دور النشر التابعة للدولة. والحقيقة يجب أن يأتي الدعم من الناشرين لأنه من المفترض أنهم يمتلكون الرؤية الجيدة، لكن الذي يحدث أن الكاتب في اتجاه والرسام في اتجاه والناشر في اتجاه أخر.

أنا أعمل بشكل مستقل تمامًا، وفي محل كريبتونايت، أي أحد يأتي بعدد طبعه ويريد أن يبيعه، أسوقه له بدون أن أسأل على سجل تجاري. ونتفق على ثمن بيعه ونمضي ورقة، وهذا يشجع الكثير من الفنانين.

20611407

حنان الكرارجي

أنيمتور بالمركز القومي للسينما ورسامة قصص مصورة ولديها عدة روايات مصورة.

كنت أحلُم منذ صغري برسم كوميكس لأي من أعمال أحمد خالد توفيق أثناء قراءتي لرواياته، وظل هذا حلمًا حتى تعرفت عليه في عام 2005م من خلال موقع (روايات) وكان موقع متخصص للروايات. عملت معه على كوميكس كوميدي ساخر لكن المشروع لم يكتمل لوقوع الموقع، ونظرًا لأن فن الكوميكس في تلك الفترة لم يكن له أي تقدير.

جاءت الفرصة لرسم رواية، تأثير الجرادة، بعد تقديمي لتجربة له واتفاقنا معًا حتى أنهيت رسم الرواية؛ الرواية كان من المفترض أن تُعرَض بالأسواق بعد ثورة يناير، وتحديدًا في منتصف 2011م، لأنها كانت عبارة عن فواصل كوميديا سوداء عن الثورة. وكانت من نشر دار (كوميكس). وحققت نجاحًا بالغًا.

لم تكن تلك تجربتي الأولى مع دار (كوميكس)، حيث كانت أول تجربة هي رواية (18 يوم)، وكانت رواية مرسومة توثيقية للثورة، حققت نجاحًا بالغًا وكانت تجربة انطلاقي.

تحديدًا بعد الثورة حدث انفجار لفن الكوميكس في مصر، وأرى أن هذا يرجع إلى أننا قبل الثورة كنا مقيدين ولا يوجد حرية فكر وإبداع حقيقية تسمح لنا بتقديم تجارب مستقلة، بالإضافة لأن سوق الكوميكس كان غائبًا تمامًا عن المشهد. لأن دور النشر الكبيرة لم تعمل على نشره. وكان من الصعب أن تُؤسس دور نشر صغيرة بفكر أكثر رحابة وتفهُّم لفن الكوميكس.

كان هناك بالفعل محاولات لإنتاج كوميكس قبل الثورة، ولكنها لم تكن بالقوة الكافية، وكان يوجد استسهال لترجمة أعمال كوميكس أجنبية. كان هذا أرخص وأسهل من أن تتعاوني مع كاتب ثم مع رسام. أضيفي إلى ذلك أنه لم يكن هناك أية حقوق للرسامين والفنانين، وبالتالي رأوا أنه لا يوجد داعٍ بالأساس لمحاولات نشر كوميكس ليس لها سوق في كل الأحوال. فصناعة الكوميكس قد تأخذ وقتًا طويلًا لرسم رواية واحدة. والعائد المادي قليل جدًا. إلى جانب غياب حرية التعبير بشكل كبير. كنا نخاف.

في تلك الفترة ظهرت رواية (مترو) لمجدي الشافعي، من دار (ملامح)، وبحدوث ضجة كبيرة بسبب منعها لأسباب سياسية، كان الجمهور بدأ يفهم بعض الشيء معنى الكوميكس. ولكنه ارتبط لديهم بالإساءة وهذا جعل الإنتاج ومحاولات النشر أكثر سوادًا.

بعد الثورة، كان الترخيص لدور النشر في مصر أسهل فظهر عدد من دور النشر الصغيرة، وكان، هاني عبد الله، مالك دار (الرواق)، يحلم بأن ينشر كوميكس، فأسس دار مختصة لنشر الكوميكس بالشراكة مع يوسف ناصف وانطلقت رواية (18 يوم) في مارس عام 2012م. في تلك الأثناء كان الكوميكس في ازدهار ملحوظ.

كانت تواجهني مشكلة عندما كنت أتوجه إلى دار نشر لعرض أعمالي، كانت ترتبط فورًا بأنها للأطفال لمجرد أنها كوميكس، فإذا وجد الناشر بها مشاهد عنف أو مشاهد خارجة كانت تُرفَض مباشرةً باعتبارها مادة ليست قابلة لأن يقرأها أطفال. كنت دائمًا ما أصحح بأنه كوميكس موجَّه للكبار، فكانوا يرفضون لأن الفكرة السائدة عند الأغلبية بأن الكوميكس فن موجَّه للأطفال. وأن أحدًا لن يشتري رواية كوميكس للكبار. بعد نشر روايتي الأولى كان يتم وضعها في المكتبات في قسم الأطفال، فكنا نطلب منهم أن يضعونها في قسم آخر للكبار لكي نساهم في نشر تلك الثقافة.

كنت قد عملت مع فنانين آخرين على سلسلة كوميكس رعب تحت عنوان (حكايات الظلام المحظورة)، عن الموت. لكن لم يستوعب أحد الفكر نظرًا لنفس الثقافة التي ترى في الكوميكس فنًا موجَّهًا للأطفال فقط.

هناك أيضًا مشكلة أخرى؛ أن كل هواة الكوميكس ليس لديهم ثقافة أن ينفقوا أموالهم على محتوى عربي، لأن هناك قناعة أنه سيكون سيئًا مقارنة بالأعمال الأجنبية. ومازال الصراع مع دور النشر والفنانين على ذلك قائمًا.

عملت لفترة طويلة منذ تخرجي في عام 2003م في مجال الأنيميشن، كانت هناك مشاكل عدة في هذا المجال، فتوقفت لفترة، ولكن ظل لدي شغف دائم بالكوميكس، فتفرغت له. كان تأثري الأساسي هو (المانغا) وكنت أحلم بأن أعمل على مانغا مصرية. وبالفعل كانت هناك محاولات للقيام بذلك في مجال الأنيميشن لكنها لم تنجح.

ثقافة الأنيمي في مصر ضائعة، لم تخرج عن مجلة ماجد، ولم تنجح لأن المنتجين رأوا أنها ستتكلف كثيرًا ولن تلقى قبولًا لتأثرها بأصل المانغا وهو اليابان، فكانت هناك محاولات لإقناعي بتغيير الملامح والتفاصيل.

كان لدي رحلة تأثر -أيضًا- بديزني ومارفل ودي سي كوميكس ومارفل والأبطال الخارقين؛ يتم اعتباري بالبنت الوحيدة في مصر التي ترسم أبطال ذو قوة خارقة.

أدمجت كل تأثراتي وحاولت أن أجعلها مصرية أكثر في أول عمل “مانغا” مصرية، وهو (الموت يومًا آخر)، كنت أعمل على أن تكون الوجوه مصرية تمامًا وكنت أدرسها من الشارع.

عملت -أيضًا- مع مجلة (إعصار)؛ وهي أول مجلة “مانغا” عربية تصدُر من السعودية تحت إشراف مالكها محمد التميمي، لكن لم أستطع الالتزام طويلًا مع تلك المجلة. واستكملت مسيرة عملي.

من خلال تجربتي؛ الرقابة تحدث أكثر من دور النشر. نشرت روايتين سياسيتين، أحدهم عن الثورة. الناشر دائمًا يبحث عن الربح ويتكلم بلغة السوق، فإذا كان الجمهور متأثرًا بشيء ما يجب علينا أن نستهدفه من خلال أعمالنا. لذلك كان هناك دائمًا فرض من الناشرين عن ما يجب أن يكون عليه المحتوى، ولكنني كنت أفعل ما أريد في كل الأحوال. وبالنسبة لي فقد وثَّقت الثورة في رسومات، وهذا جيد لأن التاريخ يُحكى بطرق مختلفة عندما تتغير مشاعر الناس والرواية التي تحكيها السلطة.

الكوميكس -أيضًا- فن شعبي يُفترض أن يصل إلى الناس، وهذا ما آمله في مصر، هذا يحدث أكثر في الثقافات الأجنبية؛ كاليابان فصناعة الكوميكس هناك قائمة بشكل أساسي على “المانغا” والأنيمي. وأي رسالة يريد أن يوصلها الفنان، يقوم بذلك من خلالهم، وكل فئة لها من يخاطبها. أمريكا أيضًا تفعل هذا من خلال تقديمها الأبطال الخارقين والرسائل السياسية التي تقولها.

هنا يحدث هذا بشكل ما من خلال الكاريكاتير فقط، وهو عبارة عن مشهد واحد ساخر.

أري أن لدي رسالة وأريد إيصالها من خلال الرسم، بأن أغير من أفكار المجتمع السائدة السلبية التي تقيدنا. ومن خلال رسمي أجد مساحة حُرة ورحبة لكي أعبر عن وجهة نظري. لدي شخصية في رسمي تُعبِّر عن الحرية والإبداع، وعن كيف يمكن أن نفكر بشكل مختلف ونجد السعادة في أماكن غير الصناديق التي يخنقنا المجتمع بداخلها. وأرى أن كلًا منّا يبحث عن أن يجد نفسه، وأنا من خلال رسمي أحاول أن أجد نفسي، وأنشر تلك الأفكار. تلك الشخصية الفنية التي خلقتها ظلَّت معي تتطور مع كل تطور يحدث في شخصيتي، ورسمتها في عدة أشكال.

يوجد اتجاه لدى الكثيرين ممن يعملون على نشر التوعية بمبادئ حقوق الإنسان لنشر تلك المبادئ من خلال رسومات. وأرى أن هذا قد يحدث اختلافًا جدًا ويجعل من يطِّلع عليه يفكر خارج الصندوق، وهنا يحدث التغيير، الرسم أكثر شيء يؤثر في اللاوعي، الفنان يرى كل شيء بعين مختلفة.

أما عن مجلة مجنون، فهي تجربة كنت جزء منها، قررنا أن نعمل على نسخة مصرية من مجلة Mad توثِّق كل شيء يحدث في المجتمع المصري على مختلف الأصعدة سياسية و اجتماعية بشكل ساخر أو غيره، والمجلة جمعت الكثير من رواد الكوميكس في مصر مثل؛ فواز ومعلوف، والكثير من الكُتاب الكبار. وطُبعَت أول نسخة منها في سبتمبر 2015م، من خلال مؤسسة نهضة مصر. وكانت هذه خطوة كبيرة في المشهد في مصر. أنا أعمل فيها منذ عام 2012م، وكنّا ننشر أعمالنا رقميًا بشكل دوري.

أرى أن الترجمة إلى العربية مهمة، لكن أرى أن الأهم هو أن نطوِّر نحن الفنانين المصريين منتج فكري خارج من قلب واقعنا، أمثال مجلة توكتوك ومجنون والشكمجية وغيرها.

كوميك كون، هو مهرجان يحدث كل عام في الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ يحدث في دبي، وبالطبع يجمع الشرق الأوسط مع نجوم الكوميكس في أمريكا واليابان ومن حول العالم وكل الشركات المعنية بالكوميكس والأنيميشن، وكلًا منّا يعرض أعماله، كان عام 2015م ثالث سنة لمشاركتي في المهرجان، وكانت فرصة للتفاعل وعرض أعمالي. العام السابق شاركت في مسابقة لبناء الشخصيات وأخذت المركز الأول، وكانت تجربة مهمة في عملي.

______________________________________________
[1]                            تامر عبد الحميد- قصة مصورة.. عن ماذا؟- الفن التاسع عدد(7) مارس 2013.
[2]                            – الكوميكس: عالم خيال يقوده البشر- دراسة- http://www.ertikaz.org/?q=node/7621
[3]                            – موقع عرب كومكس.
[4]                            – محمود سالم- جريدة الأهرام- أبريل 2007
[5]                            – آنا جاباي- غوته- سبتمبر 2012 http://bit.ly/1QaYnc6
[6]                            -مخلوف- مطبوعة (الفن التاسع) المصرية- عدد (2)- أبريل (2012)
[7]                            – موقع كوميكس جيت http://comicsgate.net
[8]                            أحمد وائل- محطات الكوميكس – محطات الكوميكس العشر- مجلة هيباتيا الصادرة لمؤسسة حرية الفكر والتعبير عام 2013
[9]                            – أضف http://bit.ly/1Pdmf1I
[10]                          – مقابلة أجرناها مع الفنان الموثق لمشهد الكوميكس في مصر (محمد إسماعيل أمين)- سبتمبر 2015
[11]                          – بوابة الكوميكس- http://bit.ly/1StuKWY
[12]                          – ويكي- أضف http://bit.ly/1Zy7XIH
[13]                          – من خلال التواصل مع أحدى المؤسسات لمجموعة مزج.
[14]                مجلة
للإطلاع على الورقة بصيغة PDF

فيديو الواقي الذكري وتناقضات ردود الفعل تجاهه

$
0
0
تامر موافي
الباحث بمؤسسة حرية الفكر والتعبير

مقدمة

فجر الفيديو الذي نشره كل من شادي أبو زيد (فلوجر ومراسل لبرنامج فكاهي) وأحمد مالك (ممثل)، ويظهران فيه وهما يقدمان واقيات ذكرية منفوخة على شكل بالونات إلى جنود اﻷمن المركزي الموجودين في ميدان التحرير في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير التي توافق عيد الشرطة المصرية، عاصفة من المطالبات الغاضبة بإنزال أقسى عقوبة ممكنة بهما جزاء ما أعتبر إهانة بالغة لجهاز الشرطة يسقط هيبته وهيبة الدولة. وفي حين يمكن تفسير المبالغة الكبيرة في تعليقات كثير من الغاضبين من المحسوبين على تيار الولاء والدعم للنظام السياسي الحالي بواقع الاستقطاب السياسي الناشئ منذ بدأت الثورة المصرية في يناير 2011 والمتزايد خلال اﻷعوام التالية وبصفة خاصة في أعقاب اﻹطاحة بالرئيس اﻷسبق محمد مرسي، إلا أن تعبير كثير من المعارضين للنظام عن إدانتهم للفيديو ﻷسباب أخلاقية يجعل من قراءة الموقف ككل من خلال السياق السياسي وحده قاصرة إلى حد بعيد.

لا شك أن الواقع الذي تمر به مصر حاليا مسؤول بشكل مباشر وغير مباشر عن جانب كبير من المناخ السائد والمعادي بشكل واضح لحرية التعبير واﻹبداع. فالدوافع السياسية واضحة تماما في عديد من الملاحقات اﻷمنية والقانونية للآلاف من معارضي النظام على خلفية ممارسات تندرج تحت أشكال مختلفة من التعبير؛ بدءا من التظاهر السلمي ومرورا بالتدوين والنشر على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، وصولا إلى الكتابة الصحفية والأدبية وأشكال التعبير الفني المختلفة. ولكن الفترة اﻷخيرة قد شهدت ملاحقة عدد من المؤيدين للنظام بشكل واضح، كما طالت الملاحقة عشرات ممن ليس لهم توجه أو موقف سياسي من أي نوع، وكان ذلك على خلفية ممارسات لحرية التعبير واﻹبداع أيضا.

حتى نضع الأثر الحقيقي للاستقطاب السياسي في حجمه الصحيح فعلينا أن ندرك أن الفعل السياسي لا ينشأ في فراغ، وهو في حاجة إلى تبرير نفسه من خلال الاعتماد على بعض من ثوابت الثقافة السائدة في المجتمع، كما أنه يلجأ في معظم الوقت إلى ممارسات ذات سوابق مقبولة مجتمعيا. ويمكن التدليل على ذلك من خلال ملاحظة أن الملاحقات الأمنية طالت كثيرين تكرر أنماطا شائعة لم تخل منها أي فترة سابقة من تاريخ مصر المعاصر. فملاحقة أصحاب رأي أو مبدعين بدعوى تعديهم على هيبة الدولة أو ثوابت الدين واﻵداب العامة هي ممارسة مستقرة في الواقع المصري وعابرة للأنظمة السياسية المختلفة منذ ما قبل عهد الملكية وحتى اليوم. وفي هذا اﻹطار فإن ما يشهده الواقع الحالي هو ازدياد في معدل الملاحقة لا يزال يعتمد على القبول المجتمعي كما أنه في حالات كثيرة يستهدف منافقة هذا القبول.

أرضية القبول المجتمعي التي تنبني عليها جميع صور الملاحقة للمبدعين وأصحاب الرأي تواجه المدافعين عن حقوق اﻹنسان بإشكاليات تتجاوز أدواتهم المعتادة في التعامل مع الانتهاكات الشائعة لحرية التعبير واﻹبداع. لا يتعلق اﻷمر دائما بتفسير نصوص العهود والمواثيق والاتفاقات الدولية ومعاودة التأكيد على كونها ملزمة للدولة، كما أنه لا يتعلق فقط بالمطالبة بإعمال مواد الدستور وتنقية القوانين من النصوص التي تطولها شبهة عدم الدستورية. فعلى مستو أكثر أساسية من ذلك ثمة اﻹطار المرجعي الذي يحكم تفسير النصوص والتطبيق العملي لها، واﻷهم من ذلك أن هذا اﻹطار يحكم المفاهيم والمصطلحات والعلاقات اﻷساسية التي يدور في فلكها كل خطاب حول حرية التعبير واﻹبداع. ويشمل ذلك تعريفات أساسية كتعريف المنتج اﻹبداعي والممارسات التي يمكن اعتبارها محمية بحرية التعبير، وحدود مفاهيم مثل اﻷمن القومي والآداب العامة إلخ. فينبغي ملاحظة أن هذه المصطلحات والمفاهيم لا تخضع بشكل كامل لمعايير موضوعية واضحة ولكنها تستمد تعريفها من الثقافة السائدة، ويخضع الاستخدام العملي لها لتناقض رئيسي دائم في أي ثقافة بين واقعها اليومي المعاش وبين الذات الجمعية المثالية المتخيلة لها. وتكمن اﻷزمة الرئيسية للمجتمع المصري بهذا الخصوص تحديدا في رفض عنيد ﻹيجاد مساحة تصالح مستقرة لهذا التناقض. فالمجتمع بمؤسساته المختلفة يفضل التعامل مع التناقض على كونه عابر ومؤقت وناتج عن مؤثرات خارجية دخيلة. وفي هذا اﻹطار يتخذ من أصحاب الرأي والمبدعين هدفا دائما للاتهام بانهم أحد أدوات التأثير على الواقع المعاش ودفعه بعيدا عن الصورة المثالية اﻷصيلة والحقيقية للمجتمع.

في الضجة المثارة حول فيديو الواقي الذكري ملامح عدة لبعض المحاور التي تتقاطع فيها العناصر السابق اﻹشارة إليها. فثمة أولا الاختلاف حول اعتبار الفيديو عملا إبداعيا باﻷساس، فقد فضل أغلب من علقوا عليه وصفه بالنكتة العملية أو المقلب باللغة الدارجة. وفي خلفية هذا التفضيل الاعتماد على تصور شائع لضرورة توافر شروط شكلية محددة لعمل ما حتى يمكن اعتباره عملا إبداعيا ومن ثم الدفاع عنه تحت مظلة حرية اﻹبداع. وثمة ثانيا الاختلاف حول تنزيه مؤسسات بعينها عن السخرية إما لأن تمثل هيبة الدولة بشكل مباشر أو ﻷن دورها تجاه المجتمع ينبغي أن يعامل بقدر استثنائي من الاحترام، وينطوي هذا الطرح على وضع حدود لما ومن يمكن أن تتناوله صور التعبير المختلفة بطريقة سلبية في المطلق أو باستخدام أساليب بعبنها مثل السخرية. وثمة أخيرا الاختلاف حول أخلاقية استغلال جهل مجندي اﻷمن المركزي البسطاء لتمرير نكتة تستهدف السخرية من جهاز الشرطة.

هل يعتبر الفيديو عملا إبداعيا؟

تقييد تعريف العمل اﻹبداعي بقيود شكلية إما بقصره على مجموعة من الفنون وحدها واستبعاد غيرها أو بقصره على ما يحقق مستوى فني معين وفق تقييم المختصين هو أمر مستقر في التعامل اليومي مع المنتجات الفنية المختلفة. وهو يستخدم بصفة دائمة في حجب مظلة حماية حرية اﻹبداع عن عديد من الممارسات. ويتداخل هذا التقييد في حالات كثيرة مع شكل آخر من القيود المفروضة على تعريف العمل اﻹبداعي وهو القيد اﻷخلاقي، ففي حين تعتبر بعض أساليب التعبير الساخر أدنى من أن توصف بالعمل الفني، فإن فنونا كالرقص الشرقي تستبعد أيضا لخليط من اﻷحكام الشكلية الفنية هي في اﻷساس تغلف أحكاما أخلاقية.

في واقع اﻷمر لا يوجد تعريف موضوعي للعمل اﻹبداعي أبعد من كونه شكلا من أشكال التعبير لا يستخدم الخطاب المباشر. بخلاف ذلك فإن الحكم على قيمة أي عمل هو أمر نسبي حتى إذا اعتمد على الجهد اﻷكاديمي الضخم لدراسة الفنون واﻵداب وللنقد الفني واﻷدبي بصفة عامة، فعلى أهمية هذا الجهد اﻷكاديمي فإن العاملين في إطاره لا يحق لهم نزع صفة اﻹبداع عن أي ممارسة للتعبير ما دامت قد خرجت عن الشكل التقريري المباشر واستخدمت أدوات وتقنيات فنية مختلفة. وفي هذا اﻹطار فإن فيديو الواقي الذكري هو عمل إبداعي بلا أدنى شك بغض النظر عن تقييم أي أحد لقيمته الفنية أو حتى نزعه ﻷي قيمة فنية عنه. وفي سياق متصل لا يمكن التذرع باستخدام الفيديو لإيحاء جنسي واضح لنزع صفة العمل اﻹبداعي عنه، ففي التجربة التاريخية لكل أنواع الفنون كان الجنس حاضرا بالتصريح أو اﻹيحاء أو اﻹشارة طول الوقت.

في سياق الواقع المصري تحقق أعمال شبيهة بفيديو الواقي الذكري نجاحا كبيرا يدلل عليه الزيادة الكبيرة في معدلات إنتاجها وانتشارها وبصفة خاصة من خلال شبكة اﻹنترنت، وانتقال كثير منها إلى شاشات القنوات الفضائية لتحقق نسب مشاهدة لا يضاهيها أي مادة أخرى تقدمها هذه القنوات. أعمال شادي أبو زيد نفسه نموذج واضح لهذا النمط فقد حققت أعماله التي نشرها من خلال موقع يوتيوب YouTube نجاحا كبير جذب اهتمام أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة فاستعان بعمله كمراسل له، وهذا البرنامج نفسه انتقل إلى شاشة التليفزيون بعد تحقيق الشخصية المحورية فيه لنجاح كبير من خلال شبكة الإنترنت. وفيما يتعلق باستخدام الفيديو لإيحاء جنسي فإن النوعية الناجحة التي ينتمي إليها من اﻷعمال تكاد لا تخلو من هذه اﻹيحاءات بما في ذلك ما انتقل منها إلى شاشات التليفزيون ليصل إلى شرائح أوسع من المشاهدين من كافة اﻷعمار في بيوتهم.

على أرض الواقع إذًا لا يمثل نزع صفة العمل اﻹبداعي عن الاسكتشات الساخرة عقبة دون إقبال الملايين على مشاهدتها، ومع ذلك فهم لا يجدون مشكلة في تقبل القول بأنها ليست أعمالا إبداعية حقيقية. هذه الازدواجية بين ما يمكن قبوله في الواقع وبين رفضه في الخطاب الرسمي هي المدخل الرئيسي الذي يجعل باﻹمكان ملاحقة أي عمل في أي وقت مع استخدام تبرير كونه ليس عملا إبداعيا ينبغي تمتعه بالحماية المفترضة لحرية اﻹبداع. ويمثل ذلك نمطا سائدا في التعامل على كافة المستويات بما في ذلك التعامل القانوني نفسه. فالقانون وفق نصوصه يجرم بعبارات فضفاضة كل ما من شأنه خدش الحياء العام، وفي التطبيق العملي تتم ملاحقة بعض اﻷعمال فعليا بهذه التهمة وما شابهها، في الوقت الذي يوجد فيه آلاف الأعمال المماثلة تماما لها والتي لا تلاحق من قبل القانون. ولا تمثل هذه المفارقة إشكالية لدى جمهور المستهلكين لهذه اﻷعمال، كما أنها لا تستخدم للتشكيك في شمولية نصوص قانونية يستحيل عمليا تطبيقها على كل الحالات التي تنطبق عليها نظريا، مما يعني أن كل تطبيق لها هو تمييز في المعاملة ضد من يلاحق بها سواء كان ذلك متعمدا أو عن طريق الصدفة. ولا يمكن تفسير هذا التناقض المنطقي إلا من خلال التناقض اﻷعمق الذي يجمع فيه المجتمع بين إفراز أشكال للتعبير تمثل ذائقته الفنية وموضوعات اهتمامه وبين إدانة هذه اﻷشكال في خطابه الرسمي واستبعادها من صورته المتخيلة للذات الجمعية واعتبارها دخيلة عليها!

هل ينال الفيديو من هيبة الدولة ومؤسساتها؟

يتكرر استخدام مصطلح هيبة الدولةفي الخطاب الرسمي والخطاب اﻹعلامي الداعم له بمعدل متزايد بصفة خاصة في أعقاب ثورة 25 يناير التي كانت أهم محطاتها هي كسر الذراع اﻷمني لنظام الرئيس المخلوع مبارك في يوم جمعة الغضب (28 يناير 2011). ويتعلق هذا المصطلح باﻷساس بالحاجز النفسي الذي يجمع بين الاحترام والخشية والذي يفترض قيامه في نفوس المواطنين تجاه الدولة ممثلة بصفة خاصة في مؤسستها العسكرية وفي مؤسساتها اﻷمنية والاستخباراتية وقبل ذلك في شخص رئيس الجمهورية نفسه. وكان انهيار هذا الحاجز بشكل علني فاضح خلال أحداث ثورة 25 يناير سببا رئيسيا لفزع مؤسسات الدولة بصفة خاصة، ولكن هذا الفزع قد امتد إلى الكثيرين بما فيهم معارضي نظام مبارك والثائرين ضده الذين شاركوا مؤسسات الدولة تصورا يماثل بين هيبة الدولة ووجودها ومن ثم لم يكن الانتقال من إسقاط الهيبة وإسقاط الدولة ذاتها أمرا مستبعدا لديهم.

ينطوي مفهوم هيبة الدولة أيضا على تصور لعلاقة أبوية بين الدولة ورعاياها مما يؤدي أولا إلى توسيع مفهوم احتكار الدولة لاستخدام القوة لينفي عنه ضمنيا شرط الضرورة ويجعله تقديريا واختياريا، وهو ما يفسر تقبل المجتمع لاستخدام المؤسسات اﻷمنية العنف في حالات لا تستدعي استخدامه أو اﻹفراط في معدل استخدام العنف بقدر غير متناسب مع الضرورة التي تبرره. هذا التقبل قائم على تصور أن السلطة بالتعريف تستلزم العنف لفرض احترامها من قبل الخاضعين لها، وهو امتداد للقبول المجتمعي لاستخدام اﻵباء العنف في تأديب أبنائهم، ويظهر التماثل بين النموذجين بشكل صريح في الخطاب العلني للدولة ومؤيديها في كثير من اﻷحيان. من جانب آخر فإن نموذج العلاقة اﻷبوية التراتبية والتي تحدد لطرفيها حقوقا ومسؤوليات غير متكافئة يمتد إلى عدم قبول تطاول الرعية على السلطة وممثليها بنفس الطريقة التي يعد فيها تطاول الابن على أبيه مرفوضا ومستنكرا. ويؤدي عدم التكافؤ في هذه العلاقة إلى تقبل عقابا غير متناسب في حال وقوع هذا التطاول فعليا. ويندرج العقاب في هذه الحالة تحت مفهوم التأديب مما يخرجه عن المفهوم القانوني للعقوبة والذي يشترط التناسب بينها وبين الفعل المرتكب وأهم من ذلك أنه لا يجيز تغليظ العقوبة حسب أي اعتبار لمكان من صدر الفعل في حقه أو علاقته بالفاعل. وذلك في إطار مبدأ تساوي طرفي أي خصومة أمام القانون.

عدم تكافؤ العلاقة بين الدولة وممثليها من جانب وبين مواطنيها يفسر أن المقارنة بين انتهاكات الشرطة وما تمارسه من عنف وقد طال بعضه بالفعل منتجي الفيديو، وبين رد فعلهما المتمثل في نشر فيديو يتضمن سخرية من جهاز الشرطة، لم تحدث الصدى المنطقي المتوقع لما تظهره من مفارقة واضحة. فهذه المفارقة تبدو في عرف الكثيرين طبيعية ومتوقعة. في المقابل لم تحدث مطالبات من أدانوا الفيديو بإنزال عقوبات قاسية بمنتجيه لا تتناسب بأي حال مع الفعل نفسه، قدرا كبيرا من الدهشة لدى المتابعين العاديين.

برغم ما سبق إيضاحه فإن مفهوم هيبة الدولة ينطبق عليه أيضا التناقض بين الممارسات اليومية السائدة في المجتمع وبين الخطاب المسموح بتداوله في المجال العام والمُطَالب بأن يلتزم بالصورة المتخيلة للذات الجمعية لا أن يعبر عن الواقع المعاش. ففي هذا اﻹطار يجتهد كثيرون في محاولة تصوير ما شهدته وقائع الثورة من تحطيم للحاجز النفسي لهيبة مؤسسات الدولة على أنه حدث عارض في تاريخ المجتمع المصري. ويتجاهل هؤلاء أنه في جميع حالات انفجار الغضب الشعبي في مصر كانت المؤسسات الممثلة لسيادة الدولة الهدف الرئيسي لهذا الغضب. وفي سياق الممارسة اليومية فإن هذه المؤسسات وشخص رئيس الجمهورية قبلها كانت دائما هدفا مفضلا للسخرية الشعبية من خلال النكات المتداولة والشائعة بين مختلف الطبقات واﻷعمار. وتشيع السخرية غير المباشرة من ممارسات مؤسسات الدولة كذلك في اﻷعمال الدرامية اﻷكثر نجاحا، ويلاحظ هنا أن درجة التسامح مع هذه اﻷعمال قد اختلفت من فترة إلى أخرى، واشترطت غالبا عدم المباشرة وفي أحيان كثيرة خاصة في الفترة الحالية يضاف شرط تقديم صورة (متوازنة) لممثلي هذه المؤسسات في اﻷعمال المعدة للعرض العام حتى تجيزها الرقابة. وبالتالي تظل الدولة حريصة على ألا يتسرب إلى المجال العام (الرسمي مقارنة بمجال عام غير رسمي وأقل وزنا) خطاب يهدم بوضوح هيبة مؤسساتها. وتجد في ذلك دعما من قطاع مجتمعي واسع يمارس أفراده أنفسهم السخرية من مؤسسات الدولة في مجالهم الخاص ولكنهم يعتبرون شيوع خطاب مشابه في المجال العام مهددا لوجود الدولة وتماسكها!

هل يستغل الفيديو جهل مجندي اﻷمن المركزي؟

يعرض فيديو الواقي الذكري مشاهد لمجندين باﻷمن المركزي يتلقون من منتجي الفيديو بالونات هي في الواقع واقيات ذكرية منفوخة. ويفترض ﻷول وهلة أن عنصر السخرية في الفيديو يرتكز على أن المجندين لا يدركون حقيقة أن ما يقدم لهم هو واقيات ذكرية غالبا ﻷن أيا منهم لم ير واقيا ذكريا من قبل. وقد انتقد كثيرون ذلك بوصفه سخرية من جهل المجندين الناتج عن انتمائهم الطبقي ومستواهم التعليمي. وفي الحقيقة يظهر في الفيديو ضباط يقبلون البالونات بدورهم دون ملاحظة أنها واقيات ذكرية، ولا يمكن عزو جهلهم لحقيقتها إلى الانتماء الطبقي أو المستوى التعليمي. في الواقع يبدأ مقطع الفيديو بمشهد يوضح أن البالونات هي في الحقيقة واقيات ذكرية ﻷنه ببساطة ليس صحيحا أنه من السهل تماما اكتشاف حقيقتها بعد نفخها مما يفوت على عديد من مشاهدي الفيديو النكتة التي ينطوي عليها إن لم يتح لهم معرفة الحقيقة مسبقا.

افتراض أن المجندين كانوا ضحية استغلال لبساطتهم وجهلهم هو في الواقع مبني على تسليم مستخدميه بأن المجندين بسطاء وجهلة مما يعني أن استخدام هذه الحجة لانتقاد الفيديو بدعوى عدم اﻷخلاقية مبني في حد ذاته على أساس نظرة طبقية. في المقابل فإن استخدام التشابه الكبير بين واق ذكري بعد نفخه وبين البالون العادي ينتمي ببساطة إلى نمط شديد الشيوع من النكات العملية التي تستخدم بشكل مستمر في سياقات مختلفة أشهرها وأوسعها انتشارا هو البرامج الفكاهية المعتمدة على فكرة الكاميرا الخفية. فدائما ما تقوم الفكاهة في هذه البرامج على جهل الشخص بحقيقة أو أكثر متعلقة بالموقف الذي يوضع فيه. وفي حين أنه في الفيديو الذي نناقشه لا وجود ﻹمكانية وقوع ضرر مادي على من استهدفتهم النكتة، فإن بعض أكثر البرامج الفكاهية نجاحا المنتجة في مصر تضع ضيوفها في مواقف يمكن تصور وقوع ضرر عليهم نتيجة لها، ولم يحدث أن تم ملاحقة أي من منتجي هذه البرامج لهذا السبب رغم أنه مبرر وثمة ما يدعمه من الناحية القانونية. اﻷهم أنه لم تثر نتيجة ذلك أي انتقادات واسعة لهذه البرامج، ولم يؤثر يوما على معدل إقبال الناس على مشاهدتها.

حتى إذا ما سلمنا بأن فكرة الفيديو تعتمد على استغلال جهل المجندين وبساطتهم فإن هذا لا يجعله متناقضا مع الذائقة الشائعة مجتمعيا والتي تقبل بشكل كبير على النكات والتلميحات الساخرة من أفراد حسب انتماءات طبقية وجغرافية ووظيفية وحسب تصنيفات من حيث اللون والعنصر والديانة والنوع الاجتماعي والميل الجنسي إلخ. وفي هذه الحالة على وجه التحديد فإن التناقض بين الخطاب المقبول في المجال الخاص وبين ما يسمح به في المجال العام أقل حدة بكثير مما سبق التعرض له في النقطتين السابقتين. فالمجتمع وكذا مؤسسات الدولة لديهم مساحة تسامح أوسع كثيرا مع هذا النوع من الخطاب إلى الحد الذي يمكن فيه أن يستخدمه ممثلو الدولة أنفسهم بشكل علني.

التناقض الحقيقي في هذه الحالة بين الشائع المجتمعي وبين الصورة الذهنية المتخيلة لا يكمن في قبول خطاب في الممارسة المعاشة في مقابل رفضه في المجال العام أو إدانته بصورة عشوائية حسب الظروف ولكنه يكمن في أنه رغم شيوع خطاب وممارسات تمييزية فإن الصورة الذهنية المتخيلة للمجتمع تصوره على أنه خال من التمييز. ولا يمكن تفسير استخدام تهمة الطبقية للفيديو إلا من خلال تصور أن الطبقية بصفة عامة مستهجنة في المجتمع بخلاف الواقع. وفي الحقيقة أننا إذا قبلنا بفرضية أن الفيديو ينطوي على طبقية فلا يمكننا إلا أن نعتبره منتجا للواقع المجتمعي وليس خروجا عنه.

المدخل الحقوقي

يبدو اﻷقرب للمنطق واﻷسهل عمليا أن تتعامل المقاربة الحقوقية مع انتهاكات حقوق اﻹنسان بصفة عامة ومع انتهاكات الحق في حرية التعبير واﻹبداع على وجه التحديد من خلال مبدأ الالتزام القانوني للدولة تجاه هذه الحقوق والذي يفرضه تصديقها على عهود ومواثيق دولية يأتي في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق اﻹنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وكذا تضمين الدستور المصري نفسه لنصوص تلزم الدولة باحترام هذه الحقوق. في المقابل فإن اﻹطار الاجتماعي المحيط بالتطبيق العملي لهذه الالتزامات يبدو عصيا على التعامل فيما يتخطى حملات المناصرة المتعلقة بحالات الانتهاك. ولكن ما لا يمكن إنكاره هو أن المردود الضعيف لهذه الحملات في معظم اﻷحيان وفشلها في تشكيل رأي عام داعم لحرية التعبير واﻹبداع يستلزم البحث عن سبل للتعامل مع الإطار الاجتماعي على مستو أعمق، وإلا فإن الحماية المطلوب توفيرها لها ستظل رهنا بإرادة سياسية قد تستجيب في حدود ضيقة لضغوط تتعلق بصورة النظام الحاكم في المجتمع الدولي، وهذا فقط عندما لا تحول المصالح السياسية والاقتصادية للقوى المؤثرة في هذا المجتمع دون ممارسة أي ضغوط ذات قيمة على النظام.

السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله أن تتحقق لحرية التعبير واﻹبداع حماية حقيقية من انتهاكات السلطة لها قبل غيرها من القوى الفاعلة في المجتمع، هو أن يتشكل رأي عام داعم لهذه الحرية يتمثل في كتلة ذات تأثير كاف ومن ثم قادرة على الضغط على السلطة من جانب وعلى التأثير على المجتمع الواسع من جانب آخر. وإذا ما افترضنا وجود نواة ما لهذه الكتلة فإن أحد أهم أسباب قصورها عن تقديم دعم كاف لحرية التعبير واﻹبداع في الوقت الحالي هو الاضطراب الشديد في المفاهيم الأساسية التي ينبغي أن ينبني عليها هذا الدعم، نتيجة أنها هي نفسها واقعة في التناقضات التي حاولت هذه الورقة إيضاحها. وفي حين أن مهمة مواجهة هذه التناقضات وخلق مساحة تصالح بينها تخرج عمليا عن مجال ما يمكن للعمل الحقوقي أن ينجزه، فإن المهمة اﻷقرب للتحقق عمليا تتمثل في جذب الكتلة المشار إليها إلى مراجعة مفاهيمها اﻷساسية المؤطرة لتعاملها مع الحق في حرية التعبير واﻹبداع، على أمل أن يكون لها دور أكثر اتساقا واستمرارية في دعمها لهذا الحق.

ما هدفت إليه هذه الورقة من خلال استخدام واقعة فيديو الواقي الذكري وما أثاره من ردود أفعال ومناقشات مختلفة هو طرح الحاجة إلى مناقشة الوقائع المشابهة في سياقها الاجتماعي إضافة إلى السياق السياسي الذي لا ندعو بأي شكل إلى التقليل من أهميته وإنما ندعو إلى وضع علاقة التفاعل المستمر بينه وبين السياق الاجتماعي في الاعتبار. ونرى أن مناقشة مثل هذه الواقعة من خلال ما تكشفه ردود اﻷفعال المختلفة تجاهها من تناقضات في الخطاب السائد ضرورة تستلزمها الحاجة إلى بناء موقف متسق من الحق في حرية الرأي والتعبير من قبل كتلة تدعم هذا الحق من حيث المبدأ ولكن يعوزها الخروج من دائرة هذه التناقضات.

“ممنوع الدخول” .. عن منع الباحثين والأكاديميين الأجانب من زيارة مصر

$
0
0
إعداد: محمد عبد السلام
مسئول ملف الحرية الأكاديمية

خلال شهر يناير الماضي منعت السلطات المصرية الأكاديمي عاطف بطرس والأكاديمية آمال قرامي من دخول مصر لأسباب وصفتها المصادر الأمنية بمطار القاهرة أنها “تشكل خطورة على الأمن القومي”. وهناك عدد من الأسئلة تثار بشأن هذه الإجراءات، منها ما يتعلق بحرية التنقل وحق المواطنين الذين يحملون جنسية أخرى ولكنهم من أصل مصري في دخول مصر، ومنها ما هو أبعد من ذلك عن مناخ حرية التعبير في مصر، وموقف السلطات المصرية من آراء الأكاديميين والباحثين ممن يحملون جنسيات أجنبية. تحاول هذه الورقة تناول أبرز الحالات التي تم فيها منع الباحثين والأكاديميين من دخول مصر، وإلقاء الضوء على السمات المشتركة بين هذه الحالات، وإيضاح جوانب انتهاك المواثيق الدولية ذات الصلة، وتوجه مؤسسة حرية الفكر والتعبير توصيات للحكومة المصرية وخطوات لازمة للعمل على توفير مناخ ملائم لحرية التعبير في مصر، يضمن مشاركة الباحثين والأكاديميين المتخصصين، وتبادل الآراء والمعرفة، بما يفيد المجتمع المصري.

أولا: حالات المنع من دخول مصر

منع الأكاديمي عاطف بطرس العطار من دخول مصر

تعرض عاطف بطرس العطار، وهو أكاديمي مصري يحمل الجنسية الألمانية، إلى الاحتجاز في مطار القاهرة، أثناء قدومه إلى مصر، في 29 يناير 2016. وقد أبلغ اﻷمن الوطني مسئولي السفارة الألمانية أن عاطف بطرس ممنوع من دخول مصر مدى الحياة، على أن يتم ترحيله إلى المانيا صبيحة اليوم التالي..

وقد نقلت صحيفة المصري اليوم عن مصدر أمني بمطار القاهرة قوله أن ” مطار القاهرة جهة تنفيذية، لا يملك منع أي أحد من دخول البلاد إلا بناء على حكم قضائي أو بناء على طلب إحدى الجهات الأمنية، أو الجهات القضائية، وقد أصدرت جهات أمنية بالدولة تقريرا بمنع الدكتور عاطف بطرس من دخول البلاد”.1

وقال العطار في اتصال مع مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أنه تعرض للاحتجاز في مطار القاهرة ﻷكثر من 24 ساعة وتم التحقيق معه من قبل جهاز الأمن الوطني، حيث تم التحفظ عليه و إجباره لأول مرة في حياته على شراء فيزا ثم ختمها بختم الدخول. ليتم بعدها التحقيق مع العطار لمدة سبع ساعات وممارسة ضغوط نفسية عليه للحصول على أسماء بعض أصدقاءه وأقاربه وبياناتهم، ونشاطاته في مؤسسة ميادين التحرير التي يعد واحدا من مؤسسيها في المانيا. وبعد الانتهاء من الحصول على المعلومات، أخبرته السلطات الأمنية أنه ممنوع من دخول مصر وبدأوا المساومة على إعادته إلى المانيا. 2

وكشف العطار كذلك عن تعرضه للاحتجاز غير القانوني من قبل في الإسكندرية في شهر مارس ٢٠١٥ لمدة ١٥ ساعة والتحقيق معه في مبنى سري لإحدى الجهات الأمنية وبعدها في قسم باب شرق بغرض إبعاده عن المعارضة.

ومعروف عن عاطف بطرس العطار تنوع نشاطاته بين مصر والمانيا سواء على مستوى عمله الأكاديمي في جامعة ماربورج أو مشاركته في تأسيس مؤسسة ميادين التحرير التي تقيم عدد من الفعاليات الثقافية والفكرية للمصريين في المانيا، كما أن له مواقف مناهضة لانتهاكات حقوق الإنسان التي يتكرر حدوثها في مصر3

منع الأكاديمية التونسية آمال قرامي من دخول مصر

منعت السلطات المصرية الأكاديمية التونسية آمال قرامي من دخول مصر، في 3 يناير 2015، بعد احتجازها في مطار القاهرة لمدة 16 ساعة، والتحقيق معها بشأن أسباب زيارتها لمصر. وتم ترحيل قرامي إلى تونس صباح اليوم التالي 4 يناير 2015 من مطار القاهرة، بعد أن أخبرتها السلطات الأمنية بالمطار أن سبب منعها من دخول مصر هو “تهديد اﻷمن القومي ولن يسمح لها بالدخول مرة أخرى”، بحسب ما أعلنته قرامي في مقابلة تلفزيونية. 4

وقد تلقت قرامي، وهي أكاديمية بجامعة منوبة التونسية، دعوة من مكتبة الاسكندرية للمشاركة في مؤتمر حول التطرف والإرهاب، وقد حاول أحد المسئولين بمكتبة الاسكندرية إقناع السلطات الأمنية بالسماح للكاتبة آمال قرامي بدخول مصر، إضافة إلى محاولات قامت بها الخارجية التونسية والسفارة التونسية بالقاهرة، ولكن رغم ذلك تمسكت السلطات الأمنية بترحيل قرامي إلى تونس، بعد أن تم احتجازها في المطار والتحقيق معها بشأن سبب زيارتها لمصر وعنوان المداخلة التي ستلقيها في مؤتمر مكافحة الإرهاب والتطرف.

وعلى إثر هذه الواقعة اعتبر اتحاد الكتاب التونسيين أن احتجاز قرامي ومنعها من دخول مصر بمثابة “معاملة مهينة”، منددا بهذه المواقف التي تصدر عن النظام المصري تجاه الكتاب والمفكرين العرب.5 وتعد قرامي من أبرز كتاب جريدة الشروق المصرية، حيث تكتب للجريدة منذ نهاية عام 2012، وتغطي في مقالاتها القضايا السياسية والاجتماعية في تونس.6

منع الباحثة الأمريكية ميشيل دن من دخول مصر

تعرضت الباحثة الأمريكية ميشيل دن إلى المنع من دخول مصر وتم ترحيلها إلى جهة القدوم “المانيا”، في 13 ديسمبر 2014، وأخبرت السلطات الأمنية في المطار دن أنها “ممنوعة من دخول مصر”، بحسب ما روته دن في مقابلة تلفزيونية،7 وكان لدى ميشيل دن، وهي باحثة بمركز كارنيجي للسلام الدولي، دعوة من المجلس المصري للشئون الخارجية لحضور مؤتمر ينظمه المجلس عن علاقة مصر بالعالم في ضوء التطورات السياسية التي تمر بالعالم العربي.

نقلت بوابة الأهرام عن أحد المصادر الأمنية أن الباحثة ميشيل دن على “قوائم الممنوعين من دخول مصر التي أعدها جهاز الأمن الوطني”.كما أرجع نائب رئيس مجلس إدارة المجلس المصري للشئون الخارجية محمد ابراهيم شاكر سبب منع دن من دخول مصر إلى قرار من الأجهزة الأمنية التي تقدر خطورة مثل هذه المواقف. 8

توجه ميشيل دن من خلال كتاباتها انتقادات وملاحظات على أداء النظام المصري القائم في عدد من الملفات مثل مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان والإصلاح السياسي.9

منع الباحثين كينث روث وسارة ليا ويتسن من دخول مصر

منع أمن مطار القاهرة المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، كينث روث والمديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة سارة ليا ويتسن، من دخول مصر في 10 أغسطس 2014، بعد احتجازهما في مطار القاهرة لمدة 12 ساعة. ونقلت مدى مصر عن مصادر أن روث وويتسن “خضعا في المطار لتحقيق استمر عدة ساعات قبل ترحيلهما”.

وقد قدم المسئولين في هيومن رايتس ووتش إلى القاهرة من أجل استعراض تقرير للمنظمة عن “عمليات القتل الجماعي في مصر خلال يوليو وأغسطس 2013″، ومناقشة التقرير مع جمع من الدبلوماسيين والصحفيين في القاهرة. 10

وتعد هذه المرة الأولى التي تقوم فيها السلطات المصرية بمنع أعضاء في هيومن رايتس ووتش من دخول مصر، بما في ذلك أثناء عهد الرئيس الأسبق مبارك.

ثانيا: سمات مشتركة بين حالات منع الأكاديميين والباحثين من دخول مصر

تعد هذه الحالات أمثلة بارزة عن التعامل اﻷمن المصري مع الباحثين والأكاديميين الذين يحملون جنسية أخرى، ويمكن استخلاص بعض الملاحظات العامة حول هذه الوقائع، لتحديد سمات مشتركة تجمع بين هذه الحالات، وهي:

(1) العلم مسبقا بنشاط وآراء الباحثين: إذ تظهر التصريحات الأمنية في حالات مختلفة وجود ما يعرف “بالقوائم اﻷمنية للممنوعين من دخول مصر”، وفي حالة الباحثة ميشيل دن ألمح محمد ابراهيم شاكر نائب رئيس مجلس إدارة المجلس المصري للشئون الخارجية أن دعوة دن لحضور مؤتمر المجلس كانت محاولة لتغيير “مواقفها وآرائها السلبية تجاه السلطة الحالية”. وفي حالة عاطف بطرس العطار كانت أجهزة اﻷمن قد أوقفته في مارس 2015 واستجوبته عن نشاطه وآراءه وموقفه من النظام الحالى في مصر.

(2) وجود دعوات من مؤسسات مصرية: في حالتي الباحثة ميشيل دن والأكاديمية آمال قرامي، وجهت مؤسسات مصرية دعوات لهما للمشاركة في مؤمرات، وهي مؤسسات غير محسوبة بأي حال كجهات معارضة، فمكتبة الاسكندرية تابعة قانونيا لرئاسة الجمهورية، وقد وجهت دعوة لقرامي لحضور مؤتمر عن مكافحة الإرهاب والتطرف، والمجلس المصري للشئون الخارجية منظمة مجتمع مدني مستقلة تعمل على تطوير ومناقشة السياسة الخارجية المصرية، وقد وجهت دعوة رسمية لميشيل دن.

(3) الحصول على تأشيرة أو وجود إمكانية للحصول عليها في المطار: فقد كان لدى آمال قرامي تأسيرة لدخول مصر استخدمتها من قبل، ويمكن للمواطنين الأجانب الحصول على تأشيرة من مطار القاهرة لزيارة مصر، وهو ما يتم التعامل به مع المواطنين الأمريكيين كما في حالات دن وروث وويتسن، وكذلك يحق للعطار الدخول بتأشيرة من المطار، إضافة إلى كونه من “أصل مصري”، ويتضح التمييز تجاه الباحثين ممن يحملون آراء لا تتفق وتوجهات السلطات المصرية، بالنظر إلى الحالات المماثلة التي يسمح لهم بدخول مصر بشكل طبيعي، فقد كان هناك عددا من الباحثين الأجانب تمكنوا من المشاركة في مؤتمر مكتبة الاسكندرية وكان الاستثناء حالة آمال قرامي، بينما اعتاد عاطف بطرس العطار زيارة مصر دون توقيف أو طلب الحصول على تأشيرة من المطار قبل واقعة ترحيله، ويتمتع المواطنون اﻷمريكيون بحرية الدخول إلى مصر بتأسيرة من مطار القاهرة.

(4) الاحتجاز والتحقيق والترهيب النفسي: يجمع بين الحالات الخمس التعرض للاحتجاز والاستجواب من قبل السلطات الأمنية في مطار القاهرة، وربما تعد حالة عاطف بطرس العطار اﻷكثر خطورة ﻷنه من أصل مصري، وتم استجوابه بشأن معلومات تتعلق بأقاربه وأصدقاءه في رسالة تهديد واضحة حول سلامتهم، وكذلك في حالة الكاتبة آمال قرامي تم سؤالها عن عنوان المداخلة التي ستلقيها في مؤتمر مكتبة الاسكندرية، باﻹضافة إلى تعمد السلطات اﻷمنية عدم تقديم معلومة عن القرارات بالمنع أو الترحيل إلا بعد مرور ساعات على الاحتجاز والتحقيق. وتعد هذه التحقيقات خارج البيانات الأساسية المتعارف عليها مثل إبراز الهوية والدعوة وبيان الغرض من الزيارة.

ويمكن القول أن السلطات الأمنية قيدت دخول الباحثين واﻷكاديميين بناءا على تقييم مواقفهم وآرائهم، ومحاولة منها لتقييد حرية التعبير باﻷساس، إذ كانت قرامي ودن ستشاركان بمؤتمرات داخل مصر، وعزم روث وويتسن التحدث في مؤتمر إلى صحفيين ودبلوماسين، بينما تم منع العطار من الدخول بسبب الآراء التي يعبر عنها تجاه سياسات السلطة الحالية.

ثالثا: المنع من دخول مصر بين حرية التنقل والتأثير على مناخ حرية التعبير

في حالة الباحث عاطف بطرس العطار، تنص المادة (12) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الرابعة على “لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده”.11 وفد فسرت اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية باﻷمم المتحدة هذه الفقرة في التعليق العام رقم (27)، أن نطاق لفظ “بلده” أوسع من مفهوم “بلد جنسيته” وهو ليس مقصورا على الجنسية بالمعنى الشكلي – أي الجنسية المكتسبة بالميلاد أو بالتجنس -، ولكنه يشمل على اﻷقل الشخص الذي لا يمكن اعتباره مجرد أجنبي، وذلك بحكم روابطه الخاصة ببلد معين أو استحقاقاته فيه.

وقد أشارت اللجنة إلى “التعسف” للتأكيد على ضرورة أن يكون أي تدخل حتى لو بحكم القانون، متفقا مع أحكام العهد وغاياته وأهداف. وترى اللجنة أنه قلما تكون هناك ظروف – إذا وجدت أصلا – يمكن أن تعتبر معقولة لحرمان شخص ما من الدخول إلى بلده، ويجب على الدولة الطرف ألا تقدم على منعه تعسفا من العودة إلى بلده – سواء بتجريد شخص ما من الجنسية أو بطرده إلى بلد آخر -. 12

لذلك يعد منع عاطف بطرس العطار من دخول بلده مصر انتهاكا للمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر، خاصة أنه يحمل ختم على جواز سفره بعبارة “من أصل مصري”، لتمكينه من دخول مصر دون الحصول على تأشيرة مسبقا.

صورة ضوئية

صورة ضوئية من ختم “من أصل مصري” من جواز سفر عاطف بطرس العطار

وفي حالة الباحثة آمال قرامي، التي حصلت على تأشيرة مسبقة لدخول مصر، فالسلطات اﻷمنية هنا تجاوزت القانون، إذ أن السفارة المصرية قد منحت قرامي تأشيرة للدخول، وترتب لها مركزا قانونيا، ثم ما لبثت السلطات الأمنية أن تجاوزت هذا الوضع القانوني، ومنعتها من الدخول رغم استيفائها لكافة الأوراق اللازمة.

وإن كانت المواثيق الدولية تمنح الدولة من حيث المبدأ أن تقرر من تقبل دخولهم إلى إقليمها، فإن ذلك يرتبط باعتبارات الأمن القومي، وهو سبب لا يمكن استخدامه لتبرير هذه الحالات، إذ أن إجراءات المنع طالت باحثين وأكاديميين، جاءوا إلى مصر للتعبير عن الرأي والمشاركة بفعالية في نقاش قضايا تهم المجتمع المصري.

ويعد التدخل في الشئون الخاصة للباحثين خلال فترة احتجازهم، بمثابة انتهاك للمواثيق الدولية، حيث ينص التعليق العام رقم (15) للجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية على “لا يجوز أن يخضع اﻷجانب لتدخل تعسفي أو غير قانوني في خصوصياتهم أو في الشئون الخاصة بأسرهم أو منازلهم أو مراسلاتهم”،13 وقد ذكر عاطف بطرس العطار في شهادته لمؤسسة حرية الفكر والتعبير أنه “تم سؤاله من قبل أفراد الأمن في مطار القاهرة عن جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به والهاتف ليتم مصادرتهم منه، ولكنه لم يكن يحمل معه أيا من هذه اﻷجهزة”. أما وقد قررت السلطات اﻷمنية عدم السماح للباحثين بدخول مصر، فمن الغريب أن تصر على استجوابهم والتحقيق معهم، في ممارسة وغير مشروعة.

إن الجهات الأمنية المصرية تقوم بمنع الباحثين والأكاديميين من دخول مصر، بهدف التأثير على مناخ حرية التعبير، وكأن هناك رسالة لمن يحملون جنسية أخرى، أن عليهم في بلدانهم الالتزام بإبداء آراء تتوافق وتوجهات السلطة المصرية، وإلا فلن يتمكنوا من دخول مصر والتواصل مع المجتمع المصري، والتعبير عن آراء مدافعة عن حقوق اﻹنسان واﻹصلاح السياسي. ويمثل ذلك خطورة كبيرة على المصريين في الخارج ممن يحملون جنسية أخرى ويسعون لزيارة بلدهم وأقاربهم من حين إلى آخر، حيث ستؤدي هذه اﻹجراءات التعسفية إلى التأثير على اهتمام ومشاركة المصريين في الخارج بقضايا وشئون وطنهم.

وحيث أن الأجانب يتمتعون عند إقامتهم في دولة ما بالحق في حرية الفكر والوجدان والدين، والحق في اعتناق الآراء والتعبير عنها، وفقا للتعليق العام رقم 15 بشأن وضع الأجانب بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن السلطات المصرية تسعى من خلال منع الباحثين والأكاديميين من دخول مصر إلى تقييد هذا الحق وفرض القيود على حرية التعبير.

ومن ناحية أخرى، تؤثر هذه القرارات بالمنع من دخول مصر على عمل المؤسسات والمنظمات البحثية المصرية وحريتها في اختيار ضيوفها الأجانب ودعوتهم للحضور، ويمتد التأثير كذلك إلى إمكانية إحجام باحثين ومفكرين أجانب عن المشاركة في فعاليات بحثية وفكرية في مصر، تجنبا لهذه اﻹجراءات غير المتسقة مع حقوق الإنسان.

رابعا: توصيات مؤسسة حرية الفكر والتعبير بشأن حماية حق الباحثين والأكاديميين الأجانب في التعبير عن الرأي

تقدم مؤسسة حرية الفكر والتعبير التوصيات التالية إلى الحكومة المصرية

1 – على الحكومة المصرية أن تلتزم بحق كافة الباحثين والأكاديميين من أصل مصري في الدخول إلى مصر وزيارتها، والتعبير عن الرأي بها بحرية تامة، التزاما بالمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر.

2- على الحكومة المصرية ألا تقيد استضافة المؤسسات المصرية لباحثين وأكاديميين، وألا تقوم بممارسة الضغوط على هذه المؤسسات لمنعها من دعوة بعض المفكرين والأكاديميين ممن يحملون آراء تنتقد سياسات النظام الحالي.

3- على الحكومة المصرية أن تلتزم بالإجراءات القانونية التي تمنح من خلالها تأشيرات الدخول لمصر، وأن تتوقف عن تجاوز هذه الإجراءات تجاه بعض المواطنين الأجانب، لمنعهم من التعبير عن الرأي داخل مصر.

4- على الحكومة المصرية أن تعلن بشكل واضح الأسس القانونية لمنع الباحثين والأكاديمين من دخول مصر، ومعايير تقييم الخطورة على “الأمن القومي”.

____________________________________________________
1- المصري اليوم، منع أكاديمي مصري من دخول البلاد بناء على تقرير أمني من السفارة في برلين، بتاريخ: 30 يناير 2016
2- اتصال مع عاطف بطرس العطار، بتاريخ: 2 فبراير 2016
3- راجع تحليل كتبه عاطف بطرس العطار لموقع قنطرة، هل ينذر انتخاب السيسي بعودة دولة الضباط السلطوية، بتاريخ: 24 مايو 2014
4- مقابلة تلفزيونية لآمال قرامي مع قناة فرانس 24، آمال قرامي: كل ما أملك عقل يفكر وقلم يكتب وصوت يجهر بالحقائق، بتاريخ: 9 يناير 2016
5- موقع الشروق، اتحاد كتاب تونس يطالب مصر بتقديم اعتذار رسمي لـ«آمال قرامي»، بتاريخ: 5 يناير 2016
6- راجع مقال كتبته قرامي للشروق، البعض غير مرحب بزيارة السيسى لتونس، بتاريخ: 13 أكتوبر 2015
7- مقابلة تلفزيونية مع ميشيل دن في قناة الحرة، الباحثة الاميركية ميشيل دن تروي قصة منعها من الدخول الى مصر، بتاريخ: 19 ديسمبر 2014
8- “موقع مدى مصر، بعد يوم من ترحيلها.. الخارجية”: الباحثة الأمريكية مُنعت من الدخول لعدم وجود تأشيرة، بتاريخ: 14 ديسمبر 2014
9- راجع مقال كتبته ميشيل دن لمركز كارنيغي الشرق الأوسط، مصر ومكافحة الإرهاب وسياسة التنفير، بتاريخ: 20 أغسطس 2014
10- هيومن رايتس ووتش، سلطات مصر تمنع وفد هيومن رايتس ووتش من دخول البلاد، بتاريخ: 11 أغسطس 2014
11- راجع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، صدقت عليه مصر في عام 1982
12- التعليق العام العام رقم (27) بشأن حرية التنقل، أصدرته اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية، الدورة السابعة والستون، في عام 1999
13- التعليق العام رقم (15) بشأن وضع الأجانب بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أصدرته اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية، الدورة السابعة والعشرون، في عام 1986

“الطعم المُر للذكرى” .. تقرير حول إجراءات وقرارات الدولة استعدادًا ل25 يناير 2016

$
0
0
عمل على رصد وتوثيق الانتهاكات:
أحمد عاطف ووسام عطا، مسئولي الرصد والتوثيق بالمؤسسة
أعد التقرير:
محمد ناجي، الباحث بالمؤسسة ومسئول ملف الحقوق والحريات الطلابية

 

“لقد اتخذنا عدة إجراءات لضمان عدم وجود مُتنفس للنشطاء؛ فقمنا بإغلاق العديد من المقاهي وأماكن الالتقاء لمنعهم من التجمع، والقينا القبض على العديد منهم لإخافة الآخرين” ربما يعتبر هذا التصريح الذي أدلى به أحد المصادر الرسمية بجهاز الأمن الوطني لوكالة أخبار “رويترز” هو أدق التعبيرات وأكثرها صدقًا في الحديث عن النهج الذي اتخذته الدولة المصرية في التعاطي مع الذكرى الخامسة لثورة يناير ، والتي تتزامن مع عيد الشرطة المصرية في الخامس والعشرين من يناير.

استبقت الدولة، ممثلة في جهازها الشرطي، الذكرى الخامسة للثورة بعدة إجراءات سعت من خلالها لغلق أي مساحات قد يستغلها ناشطون للنزول إلى الشارع أو تنظيم أي فعاليات تزامنًا مع ذكرى الثورة. وركزت الدولة نشاطها –في ضرباتها الاستباقية تلك- على محيط وسط مدينة القاهرة، حيث مركز تظاهرات واعتصامات يناير الأولى وحيث مقر وزارة الداخلية الذي قد يكون مقصدًا للمتظاهرين إذا ما أعادوا الكرة مرة أخرى.

بدأت الدولة استعداداتها للذكرى مبكرًا، وكانت الاستعدادات تتعلق في معظمها بغلق المساحات التي من المحتمل أن تشهد تجمعات شبابية، حيث داهمت الشرطة عددًا من المراكز والملتقيات الثقافية بداية من شهر ديسمبر وأغلقت بعضها بدعوى عدم حصولها على تراخيص أو لأسباب تتعلق بالمصنفات الفنية. كما هاجمت الشرطة عددًا من المقاهي في منطقة وسط المدنية وألقت القبض على بعض روادها وحذرت وأغلقت بعضها لعدة أيام وحذرت أصحابها من السماح بوجود أي تجمعات لشباب يتداولون أحاديث متعلقة بالسياسة.

لم تتوقف إجراءات الدولة عند هذا الحد بل امتدت إلى تمشيط الشوارع وتوقيف المارين فيها وتفتيش متعلقاتهم الشخصية بما فيها أجهزتهم المحمولة للتوصل إلى ما إذا كانت تحوي أي بيانات معارضة للحكومة. كما داهمت قوات من الشرطة الشقق السكنية المفروشة بمنطقة وسط المدينة ومحيطها الذي امتد لمناطق الدقي وجاردن سيتي والسيدة زينب.

وقال مصدر أمني لموقع “أصوات مصرية” إن أجهزة مختلفة من الشرطة هاجمت خمسة آلاف شقة تنفيذًا لخطة تأمين ذكرى 25 يناير . وكانت قوات الشرطة المشاركة في عمليات مداهمة هذه الشقق تقوم بتفتيشها وكذا تفتيش الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالمقيمين فيها وألقت القبض على بعضهم وأحالتهم للنيابة وفقًا لاتهامات سياسية حيث قامت الأخيرة بحبس معظمهم على ذمة التحقيقات.

إن هذا التقرير يسعى إلى تتبع الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الدولة قبيل الذكرى الخامسة لثورة يناير وخلالها؛ حيث يرصد التقرير هذه الإجراءات خلال الفترة من 1 ديسمبر 2015 وصولًا للخامس والعشرين من يناير 2016 وفقًا لبيانات وتصريحات مسئولون حكوميون منقولة عبر جهات إعلامية موثوقة وذلك بعد التحقق من صحتها بالوسائل الممكنة والتي يدخل فيها التواصل المباشر مع ضحايا الانتهاكات أو التواصل مع شهود على الواقعة أو توفر أرقام محاضر أو بلاغات عن الواقعة صادر عن جهات رسمية.

عملت المؤسسة على ثلاثة ملفات رئيسية متمثلة في:

1- استهداف النشطاء ومداهمة الشقق المستأجرة.
2- مداهمة وغلق المؤسسات الثقافية والإعلامية.
3- تصريحات وإجراءات حكومية بخلاف التحرك الأمني.

وفيما يخص حالات القبض والاستيقاف تحديدًا، وخصوصًا في يوم 25 يناير حيث ارتفعت وتيرة هذا النوع من الانتهاكات، اعتمد فريق الرصد والتوثيق بالمؤسسة على إدراج جميع وقائع التظاهر وحالات القبض الفردية عبر الكمائن الأمنية ومداهمات المنازل، وذلك على خلفية سياسية في جميع المحافظات، من مختلف المصادر المتاحة والموثوق فيها بعد مراجعتها وتوثيقها. بينما تم استبعاد ما يتم وصفه ب”وقائع أعمال إرهابية”، حسب ما توفر من معلومات، لعدم ارتباطها بالسياق السياسي أو ذكرى الثورة.

واعتمدت المؤسسة على ثلاثة معايير فيما يخص حالات الاستيقاف يجب أن يتوفر إحداها على الأقل لضم الحالة للملف الموثق؛ أولها أن تكون واقعة الاستيقاف أو القبض منشورة نقلًا عن جهات رسمية كمصدر أولي للمعلومات، مثل وزارة الداخلية أو النيابة العامة. وثانيها أن تتوفر في وقائع القبض أرقام رسمية لمحاضر، أو اتهامات وعرض على النيابة، او بها معلومات عبر محامين حقوقيين بشكل مباشر. أما الحالة الأخيرة أن تكون وقائع الاستيقاف تتضمن تواصل أو توثيق مباشر عبر جهات حقوقية مختلفة، أو محامين حقوقيين بشكل مباشر، مع توفر هوية الضحية.

أولا: استهداف الناشطين سياسيًا ومداهمة الشقق المستأجرة بوسط المدينة

عمدت الأجهزة الشرطية خلال استعدادها الأمنية لذكرى الثورة إلى القبض على العشرات من الشباب الناشطين سياسيًا سواء عن طريق الأكمنة التي انتشرت في الشوارع والميادين العامة أو أثناء تواجدهم في مقاهي أو من خلال مداهمة الوحدات السكنية التي يقطنونها. فكما أسلفنا، ووفقًا لتصريح مصدر أمني، داهمت الشرطة 5 آلاف شقة وألقت القبض على العشرات من قاطنيها وأحالتهم للنيابة العامة بتهم تتعلق في معظمها بأمور سياسية.

ففي الفترة من 1 ديسمبر 2015 إلى 24 يناير 2016، وقعت 31 حالة قبض واستيقاف من بينها 18 خلال مداهمة منازل و13 حالة أخرى تم التحرك الأمني ضدهم ميدانيًا سواء من خلال الأكمنة الأمنية أو أثناء تواجدهم في المقاهي أو في المطار.

وزعت هذه الحالات على محافظات القاهرة التي شهدت 20 حالة استيقاف ثم حبس، والجيزة التي شهدت 4 حالات حبس، بينما شهدت محافظات الاسكندرية والقليوبية والمنيا حالة واحدة لكل منهم.

أما في يوم 25 يناير، فقد تم توثيق 181 حالة استيقاف أو قبض بشكل مباشر على خلفية أحداث الذكرى الخامسة للثورة، موزعين على 26 دائرة قسم شرطة في 12 محافظة مختلفة هي القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية والغربية والشرقية والمنوفية وكفر الشيخ والبحيرة ودمياط والفيوم ومطروح، من بينهم 99 معلومي الهوية، وذلك من بين إجمالي 267 حالة استيقاف وقبض تم رصدها إلا أن بعضها غير موثق بشكل كامل. وجائت محافظة القاهرة على رأي المحافظات التي ألقي القبض فيها على أشخاص على خلفية سياسية ب57 حالة بينما كانت محافظة مطروح هي الأقل بحالة قبض واحدة.
وفقا لنوع الواقعة، هناك 164 حالة استيقاف وقبض خلال فض تظاهرات، 10 حالات قبض في مداهمات أمنية للمنازل على خلفية سياسية، 7 وقائع قبض فردية خلال أكمنة أمنية.

ووفقا لظروف القبض، كانت هناك 149 واقعة قبض (أي توقيف ميداني ثم احتجاز وقبض ثم اتهام ثم عرض على النيابة)، و10 حالات ضبط وإحضار تم تنفيذه (قبض عبر مداهمات أمنية للمنازل ثم عرض على النيابة)، و22 حالة استيقاف ثم صرف (توقيف ميداني ثم إطلاق سراح بدون توجيه اتهامات).
وأخيرًا كان من بين الضحايا 160 ذكرًا و21 أنثى.

توزيع حالات الاستيقاف والقبض حسب المحافظة ونوع الواقعة

31

توزيع حالات الاستيقاف والقبض حسب ظروف القبض والنوع الاجتماعي

51

توزيع حالات الاستيقاف والقبض حسب دائرة الواقعة

61

ثانيًا: مداهمة وغلق بعض المؤسسات الثقافية والإعلامية

اتبعت الدولة أسلوبًا يقضي بتضييق الخناق على كافة المساحات التي يمكن أن تعتبر مكانًا لتجمع أعداد كبيرة من الشباب خصوصًا في منطقة محيط وسط المدينة. من بين هذه المساحات المؤسسات الثقافية والإعلامية؛ حيث داهم أفراد قالوا أنهم من شرطة المصنفات الفنية والأمن الوطني والضرائب ووزارة القوى العاملة مقر مسرح روابط وجاليري تاون هاوس في 28 ديسمبر 2016، وفتشوا المكانين ثم قاموا بإغلاقهما مع حلول المساء.
وفي اليوم التالي، قامت قوات من الشرطة بمداهمة مقر دار ميريت للنشر وألقت القبض على محمد زين، أحد العاملين بها، ووجهت له اتهامات بعدم وجود ترخيص للدار ووجود كتب بلا أرقام إيداع، ثم تقرر إخلاء سبيله لاحقًا بضمان محل الإقامة.

وفي 14 يناير 2016، اقتحمت قوة من مباحث المصنفات الفنية مقر موقع “مصر العربية” الإخباري وتحفظوا على 8 أجهزة حواسيب آلية كما سجلوا بعض العناوين الصحفية المعدة للنشر بحجة أنها تضر الأمن القومي وألقوا القبض على المدير الإداري للموقع، أحمد عبد الجواد، إلا أن النيابة أخلت سبيله في اليوم التالي.

تلك هي الحالات الثلاث التي شهدت اقتحامًا من قبل قوات الشرطة لمؤسسات ثقافية أو إعلامية خلال النطاق الزمني للتقرير، إلا أن هناك حالة أخرى مرتبطة بنفس السياق وإن كانت خارج هذا النطاق الزمني؛ حيث داهمت قوة من المصنفات الفنية مقر مركز الصورة المعاصرة، في 4 نوفمبر 2015، وألقت القبض على أحمد رفعت، أحد العاملين بالمركز، واتهمته بحيازة أجهزة مونتاج بدون ترخيص، وعرض أو صناعة أفلام تهدف إلى إثارة الفتنة والتحريض ضد مؤسسات الدولة، إلا أن النيابة أخلت سبيله لاحقًا بضمان محل الإقامة.

توزيع القرارات والإجراءات حسب خلفية الواقعة

21

ثالثًا: تصريحات وإجراءات حكومية بخلاف التحرك الأمني

على خلاف التحركات الأمنية، رصدت المؤسسة عددًا من التصريحات والاجراءات الأخرى التي اتخذتها الدولة والتي من شأنها التضييق على المجال العام قبيل الذكرى الخامسة للثورة، حيث قال مصدر أمني في تصريح لموقع البواب الإخباري أن أجهزة الوزارة تراقب وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدًا تلك الحسابات التي “تحرض على أجهزة ومؤسسات الدولة” وقامت بضبط عددًا من مديري تلك الحسابات . وفي نفس السياق أغلقت الإدارة العامة للتوثيق والمعلومات بوزارة الداخلية 47 صفحة على موقع “فيسبوك” لتحريضهم ضد مؤسسات الدولة وألقت القبض على مديري تلك الصفحات بتهمة نشر فكر تنظيم الإخوان الإرهابي والتحريض على النزول في تظاهرات في 25 يناير .

ومن ناحية أخرى، منعت السلطات 4 من قيادات حركة شباب 6 أبريل من السفر بتهمة التمويل الأجنبي وإصدار مجلة دون ترخيص وذلك وفقًا للقانون رقم 3 لسنة 2006 .

كما أُبلغت المذيعة عزة الحناوي من قبل إدارة قناة القاهرة بمنعها من تقديم حلقاتها الأسبوعية من برنامجها “أخبار القاهرة” والتي كانت من المفترض أن تبث مساء 24 يناير 2016. وقالت الحناوي، عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، في معرض حديثها عن حادث المنع ” يبدو أن التعليمات الأمنية المستبدة القمعية لماسبيرو لا تستهدف سوى المذيعة : عزة الحناوى ، خاصة في المناسبات الوطنية و القومية و الأحداث المهمة ، فقد تم إيقافها تعسفا أيضا قبيل افتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة لمدة أسبوعين .و تؤكد الحناوى أن كل قيادة بماسبيرو عبد مأمور لمن فوقه ، بدءا من مديري الإدارات و حتى رئيس الاتحاد ، فنهج الجميع هو (السمع و الطاعة)” .

وعلى صعيد آخر، لعبت وزارة الأوقاف دورًا مميزًا في إطار سعي الدولة لإحباط أي فعاليات تتزامن مع ذكرى الثورة الخامسة، حيث صرح وزير الأوقاف لجريدة الوطن المصرية أن “التظاهر في ذكرى ثورة 25 يناير، جريمة متكاملة الأركان، وتوريط للمصريين في العنف والإرهاب لصالح الأعداء، وهو أمر مُحرم شرعًا، مطالبًا بالاصطفاف والوحدة بين فئات الشعب، لمواجهة التنظيمات الإرهابية، والمؤامرات التي تُحاك ضد الوطن” .

وفي نفس الاتجاه جاءت خطبة الجمعة في 8 يناير، والتي وزعت على الأزمة على نطاق الجمهورية واستندت لفتوى من دار الإفتاء”، جاءت تحت عنوان “الاصطفاف لبناء الوطن والمحافظة عليه مطلب شرعي وواجب وطني”. ووصفت الخطبة الدعوات للخروج والتظاهر بأنها “جريمة متكاملة ودعوات مسمومة ومشؤومة تهدف إلى تخريب البلاد والقتل والتدمير”، واتهمت من يطلقها بـ”توريط المصريين فى العنف والإرهاب لصالح أعداء الوطن”. وطالبت الوزارة بالنظر فى أحوال البلاد المجاورة التي سقطت في براثن الفوضى “حتى لا ننسى النعم العظيمة التى نعيشها ومنها نعمة الأمن والأمان والاستقرار”. ودعت إلى “الاصطفاف لبناء الوطن والمحافظة عليه، لأن ذلك مطلب شرعي وواجب وطني” .

توزيع القرارات والإجراءات حسب تاريخ ونوع الواقعة

41

توزيع القرارات والإجراءات حسب محافظة ونوع الواقعة
11

 

للإطلاع على الرصد الكامل للانتهاكات التي وقعت خلال فترة الرصد التي اعتمدتها المؤسسة من 1 ديسمبر 2015 إلى 25 يناير 2016

حرية الفكر والتعبير تصدر ورقة بعنوان “الأجهزة الأمنية والإبداع في 10 سنوات”

$
0
0
للإطلاع على الدراسة بصيغة PDF
أعد الورقة: حسام فازولا
تحرير: مصطفى شوقي

 

اتسمت السنوات العشر الأخيرة -تحديدًا- قبل ثورة يناير 2011م بانسداد كامل في مختلف شرايين الحياة في المجتمع المصري؛ اقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، وفكريًا، وثقافيًا. وأُغلقت كافة منافذ المجال العام ليصاب المجتمع بتصلُّب في الشرايين وليس مجرد انسداد. إلى جانب قمع واسع النطاق ومشروع لتوريث السلطة واحتكار وهيمنة الحزب الوطني الحاكم -آنذاك- على كافة مفاصل الدولة. مما تسبب إلى جانب عوامل أخرى عديدة بانتفاض ملايين من المصريين مطالبين بالعيش والحرية والعدالة والكرامة.

وانفجرت مع نجاح أولى محطات الثورة -بتخلي الرئيس الأسبق مبارك عن السلطة في 11 فبراير 2011م- طاقات إبداعية لدى آلاف من الشبان والفتيات المصريين التي جرَّفتها عقود من الجهل ورفض الآخر وثقافة الرأي الواحد. حملت تلك اللحظات وما تلاها آمالًا عريضة نحو تحرير المجتمع من مختلف قيوده للانطلاق إلى الأمام، ومن أهم تلك المجالات التي كانت تحتاج بشدة لفك أسرها وتحرير قيودها لتأهيلها للقيام بدورها التاريخي المهم في إثراء حركة تطور المجتمعات؛ هي الحياة الثقافية والإبداعية والفنية.

إلا أن الأمور لم تسِر كما كانت ترتفع أسقف الطموحات، فيومًا بعد الآخر بدا أن الأنظمة المتعاقبة على إدارة شئون البلاد بعد يناير 2011م، ورغم تنوع أيدلوجياتها ومرجعيتها الفكرية، اتفقت على الحفاظ على جوهر وسياسات الدولة القديمة لأسباب عدة ليس هنا مجال لذكرها. هذا الحفاظ مثَّل دور الغاز الخانق لتلك الطاقات الإبداعية التي تفننت الحكومات التنفيذية المتوالية بعد الثورة في كيفية محاصرتها وخنقها.

فمن خلال رصد مؤسسة حرية الفكر والتعبير للنشاط الرقابي على الأعمال الإبداعية في مصر خلال السنوات التسع السابقة، من 2007م وحتى 2015م، نجد أن دور الأجهزة الأمنية في الوصاية على الحركة الثقافية المصرية ما زال قائمًا، مدعومًا بإرادة سياسية تخدم سياسات ومنهج الدولة القديمة. حيث مارست الأجهزة الأمنية، بالمخالفة للدستور والقانون وكافة المواثيق الدولية الملزمة بحماية الحق في حرية الإبداع والتعبير الفني، كافة أشكال الانتهاكات بحق النشاط الإبداعي والثقافي والفني بالمجتمع المصري. حتى أصبحنا اليوم في صورة تُشبه كثيرًا ما كان عليه الحال قبل 2011م.

فقد تمكَّن باحثو المؤسسة من رصد أشكال رقابة الأجهزة الأمنية على النشاط الفني والإبداعي والثقافي في مصر؛ في ستة أنواع مختلفة ومتكررة من الانتهاكات، لم تتغير قبل الثورة وبعدها، ويمكن عرضها كالآتي؛

أولًا: التدخل في الأعمال الفنية سواء بالتعديل أو المنع (القيام بدور جهاز الرقابة على المصنفات الفنية)

على الرغم من أن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية هو الجهاز الوحيد المنوط به قانونًا الرقابة على الأعمال الفنية السمعية والسمعية البصرية في مصر، سواء بالتصريح بالتصوير أو العرض أو إذاعة أو أداء أو بيع أو تداول أو تحويل هذه الأعمال، وفقًا للمادة رقم 2 من القانون رقم 430 لسنة 1955 من اللائحة التنفيذية التي أصدرها رئيس الوزراء في القرار رقم (126 لسنة 1993م)، إلا أن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية يقوم -في حقيقة الأمر- بتمرير الأعمال التي يرى فيها ما قد يختلف معه الأجهزة الأمنية إلى وزارتي الداخلية و الدفاع، دون أن يكون لأي منهما صفة قانونية وبشكل غير رسمي. حيث يتم تقييم العمل من قبل الوزارة و ينتهي الأمر بطلب الوزارة بالتعديل على العمل أو تمريره أو منعه تمامًا.

هذا النوع من الانتهاكات -على سبيل المثال- هو ما حدث مع فيلم، المشير والرئيس، للمخرج خالد يوسف، والكاتب ممدوح الليثي. حيث انتهى الأمر بتعليق جهاز الرقابة على المصنفات الفنية منح تصريح التصوير للفيلم لحين موافقة جهازي المخابرات العامة والمخابرات الحربية على العمل. وهو ما دفع، خالد يوسف، مخرج العمل، لرفع دعوى قضائية بمحكمة القضاء الإداري ضد قرار جهاز الرقابة على المصنفات الفنية لمخالفته للقانون. وهو -بالفعل- ما أيَّده حكم الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، برئاسة المستشار، سامي درويش، بإلغاء قرار جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، مما اضطر الرقابة للموافقة على تصوير الفيلم في 10 مارس من العام 2010م، بعد رفض الطعن المُقدَّم من وزارة الثقافة بمنع الفيلم، وتنفيذًا للحكم القضائي الصادر في الدعويين 2843، و 3022.

فقد جاء الحكم مؤكدًا على أن الجهة الوحيدة المخوَّل لها -طبقًا للقانون- ممارسة نشاط الرقابة على الأعمال الفنية، هي جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، دون غيره. وأعاد الاعتبار لقيمة العمل الإبداعي وجرَّم تدُخل أي مؤسسة كانت في اختصاص لم يُقرُّه لها القانون.

“فإذا ما عقد المُشرِّع اختصاصًا لجهة إدارية معينة، تعيَّن عليه الالتزام بحدود هذا الاختصاص، ولا يجوز لها أن تتبرأ من اختصاصها أو تتنصل منه، كما لا يجوز لغيرها من الجهات الإدارية -بغير سند من القانون- أن تنازعها هذا الاختصاص، أو تنتحل لنفسها اختصاصًا لم يُقّره القانون لها، وإلا تحولت الرقابة على حرية التعبير مصادرة لها”.

و على الرغم من صدور ذلك الحكم الذي يُعد أوضح دليل على وجوب عدم تدخل الأجهزة الأمنية في الرقابة على النشاط الإبداعي بأي شكل من الإشكال، وإلزام جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بعدم إقحام أي أجهزة أخرى للقيام بعمله؛ إلا أننا نجد أن هذا النوع من الانتهاك تكرَّر بعد ذلك أكثر من مرة. وبشكل منهجي، ضاربًا عرض الحائط بالقانون والأحكام القضائية، ومؤكدًا على غياب أي إرادة سياسية لدى السلطات المصرية -آنذاك- في رفع وصاية وسيطرة القبضة الأمنية من على مقاليد الحياة الإبداعية والفنية في مصر بمختلف تنويعاتها وأشكالها.

ففي 2013م؛ مُنِعَ فيلم “عن يهود مصر” للمخرج أمير رمسيس من العرض في مصر. وفي مقابلة أجرتها معه، مؤسسة حرية الفكر و التعبير، يقول “رمسيس” ؛ “في البداية تقدمنا بسيناريو الفيلم لجهاز الرقابة، للحصول على التصريح بالتصوير، وبالفعل وافق جهاز الرقابة وانتهينا من تنفيذ الفيلم. وعندما اتفقنا على عرض الفيلم في أسبوع (بانوراما الفيلم الأوروبي)، قدمنا الفيلم مرة أخرى لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وحصلنا على تصريح بالعرض العام للفيلم، دون إبداء أي ملاحظات. وهو التصريح الذي يسري -أيضًا- على عرض الفيلم خارجيًا، ولكن بحسب القواعد نقوم في حالة أي عرض جديد للفيلم بدفع بعض الرسوم للحصول على التصريح الجديد، أيًا كان شكل العرض أو هدفه (تصريح إعادة عرض أو تصدير أو المشاركة في أحد المهرجانات)، لكن لا يتم مشاهدة وتقييم الفيلم من جديد، فهذه المرحلة انتهت.

حتى وصلنا لمرحلة العرض التجاري للفيلم، وهو ما يحتاج لبعض الإجراءات التي تختلف عن تصريح العرض العام، فهناك بعض الأوراق التي تتعلق بالنقابات يجب أن يتم إضافتها على الأوراق المرفقة بملف جهاز الرقابة، مثل ورق تسديد رسوم نقابة السينمائيين أو ورق تسديد رسوم نقابة التمثيليين، وهو ما لا يتطلب إعادة مشاهدة الفيلم، كأي تصريح جديد بالعرض أو الذهاب لمهرجان. إلا أن هذه المرة حدثت مماطلات عديدة في الحصول على هذا التصريح، بحجج واهية مثل تغيُّب المحاسب أو المورِّد أو المسئول عن الختم، واستمر الحال هكذا لمدة أسبوعين، حتى ليلة العرض، حيث اعترف لنا رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، في ذلك الوقت، أ. عبد الستار فتحي، أن أجهزة الأمن الوطني والقومي -بالفعل تم استخدام المصطلحين- لا توافق على عرض الفيلم وأوقفت التصريح.

تراجع جهاز الرقابة، أو تراجعت الأجهزة الأمنية، بعد ذلك نظرًا للحملة الإعلامية التي قام فريق الفيلم بتدشينها ضد جهاز الرقابة، وطُلِبَ منَّا عدم ذكر، الأمن الوطني، كسبب في تعطيل الفيلم، على الرغم من تصريح رئيس جهاز الرقابة بنفسه على الهواء بذلك، وحصلنا في النهاية على تصريح بعرض الفيلم تجاريًا، بعد إجراء بعض التفاصيل، كنشر بيان من قبل وزارة الثقافة، يؤكد أن كل الشخصيات الموجودة في الفيلم غير حقيقية ومن وحي خيال المؤلف. على الرغم من أن الفيلم فيلمٌ تسجيلي وكل شخصياته حقيقية!!!.
وهو ما نتج عنه تأخير عرض الفيلم لمدة أسبوعين كاملين عن موعد عرضه الأصلي، مما أدى إلى خسائر مادية كبيرة، لعدم إمكانية عرض الفيلم إلا لأيام محدودة”.

وفي عام 2014م؛ صرَّح المؤلف، بلال فضل، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، أن قناتي الحياة والمحور قامتا بإبلاغ المسئولين بمدينة الإنتاج الإعلامي عن تراجعهما عن عرض مسلسل (أهل إسكندرية)، للمخرج خيري بشارة، بعد نشر الإعلانات الخاصة بالمسلسل، والذي يناقش أحداث ثورة 25 يناير 2011م، دون إبداء أسباب واضحة. بالإضافة لعدم السماح له -أيضًا- بعرض المسلسل على القنوات الحكومية، مُعللًا أن السبب وراء ذلك يتمثَّل في مواقفه السياسية الشخصية وكذلك اتهام المسلسل بالتحريض ضد الشرطة، وهو الأمر غير الصحيح، فقد حصل المسلسل على التصريح بالتصوير من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية .

إلا أنه في سنة 2015م، صرَّح، بلال فضل، في بيان آخر له؛ أن المسلسل مُنِعَ من العرض للسنة الثانية على التوالي، وأن رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، آنذاك، صرَّح بأن المسلسل لا يتناسب والظروف الحالية للبلاد، وأنه لم يتدخل في المنع. وذكر “فضل” أن أحد مسئولي تسويق المسلسلات أخبره بوجود أوامر بمنع عرض المسلسل، كما أن القائمين على مدينة الإنتاج الإعلامي رفضوا بيع المسلسل، رغم تصريحهم لوسائل الإعلام بعدم وجود مُشتري .

تكرَّر هذا النوع من الانتهاكات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية بحق الأعمال الفنية والإبداعية عدة مرات أخرى لاحقًا، وفي سنوات مختلفة، حيث تدخلت لجنة مختصة بالأعمال الفنية في 2014م بحذف سبعة مشاهد من مسلسل ابن حلال بحجة أنها تُركِّز على مداهمات بين قوات الشرطة والشخصية الرئيسية.
هذه الممارسة المنهجية التي كانت أهم سمات واقع حرية الإبداع والتعبير الفني قبل يناير 2011م، يبدوا أن الثورة لم تستطع أن تقترب منها، حيث ظلت الأجهزة الأمنية تمارس دور الوصي على ما يجب أن يصل للجمهور من إبداع وما يجب حجبه.

ثانيًا: مصادرة كتب سواء من خلال الجمارك أو سحب النسخ من السوق

يُعد جهاز الرقابة على المطبوعات، وفقًا لقانون المطبوعات رقم (20/1936) المُعدَّل بالقانون رقم (199 لسنة 1983م)، هو المنوط بالرقابة على المطبوعات في مصر. حيث يقع ضمن اختصاصه؛ الرقابة على الكتب، و منع نشرها و مصادرتها، والحجز الإداري على الكتب دون الرجوع للسلطة القضائية. وذلك إذا احتوت على ما يخالف القانون أو يُكدِّر السلم العام.

إلا أن الأمور -بالطبع- لا تسير بهذه الطريقة؛ حيث تتدخل الأجهزة الأمنية المختلفة وتقوم بمصادرة الكتب والمطبوعات المختلفة، سواء أثناء دخولها مصر من خلال جهاز الجمارك، أو عن طريق سحب المطبوعة من المكتبات. وذلك بالطبع يعود لأسباب تُقدِّرها هذه الجهات، دون أن يكون لها أي دور أو صفة قانونية، وفي الأغلب تتعلق عمليات المصادرة والمنع بأسباب سياسية أو دينية أو تتعلق بالأخلاق العامة. فوصاية الأجهزة الأمنية لا تقف عند حد الرقابة -المخالفة للقانون- للمصنفات الفنية السمعية والسمعية البصرية، بل تخطتها لتشمل المطبوعات بمختلف أشكالها، حتى يتسن لهذه الجهات إلزام القبضة الأمنية على مختلف مناحي الحياة الإبداعية في مصر.

و من أبرز الأمثلة على هذا الانتهاك؛ ما حدث مع كتاب (مستعدين للإجابة) لكاتبه، سمير مرقص، في عام 2009م، حيث تم تداول الكتاب، والذي يُناقِش العقيدة المسيحية في مقابل العقيدة الإسلامية. وسرعان ما كلَّف، مجمع البحوث الإسلامية، أعلى هيئة علمية بالأزهر، الدكتور محمد عمارة، بإعداد كتاب، تقرير علمي، ردًا على الكتاب الأول، وهو ما اعتبره الكثيرون -وقتها- نموذجًا لما يجب أن يكون عليه حال حرية التعبير، والرد على الأفكار بالأفكار، إلا أن الأجهزة الأمنية كان لها رأي آخر؛ حيث أوقفت نشر وتوزيع كتاب الأزهر (تقرير علمي) إلا بعد التأكد من مصادرة الشرطة لكتاب (مستعدون للإجابة) من الأسواق والمكتبات .

كذلك؛ ما حدث مع الرواية المصوَّرة، مترو، للفنان مجدي الشافعي، عام 2007م، فقد روى في مقابلة أجرتها معه مؤسسة حرية الفكر والتعبير، شارحًا تفاصيل القضية؛

“رواية “مترو” هي رواية مصوَّرة، كان هدفي منها؛ تعريف المجتمع العربي على فن القصة المصوَّرة التي تستهدف الكبار وليس الأطفال -فقط- كما هي الثقافة السائدة بمجتمعنا العربي، وأنها يُمكنها أن تأخذ شكل الرواية وليس -فقط- شكل مجلة أو (ستريب). وبالفعل طُبعَت الرواية عقب أحداث 6 أبريل 2008 بشهر واحد، وبعدها أُلقي القبض على، أحمد الشرقاوي، ناشر الرواية وآخرون. وأثناء تفتيش مكتبه تم العثور على الرواية. وأظن أن هذا التفتيش لم يكُن قانونيًا، حيث لا يفرض القانون في مصر رقابة مسبقة على الكتب، ربما المجلات والجرائد، بينما الحال في التعامل مع الكتب يكون من خلال السماح بنشرها وتداولها، ويكون المنع والمصادرة إذا ما قام أحد المواطنين بالإبلاغ عن مخالفة الكتاب المطروح بالأسواق للقانون.

كانت الرواية تحتوي على رسمة لفتاة عارية بشكل بسيط، كذلك على قصة ضابط أداب و آخر على علاقة بكمال الشاذلي، القيادي البارز بالحزب الوطني-آنذاك-، وبعض الأفراد يقومون بضربه وسبه، حيث كان من المهم أن يفهم الناس -حينها- أن هؤلاء الأشخاص ليسوا آلهة.

إلا أن أحد المحاميين أخذ على عاتقه مهمة حماية الوطن، وقام بالإبلاغ عن أن هذه الرواية تحمل أشياء منافية للآداب العامة. بعدها قامت جهاز الشرطة -دون إذن من النيابة العامة- بسحب جميع النسخ من المكتبات، واُستدعيت للتحقيق بعد ذلك، وكان هناك دعويان مقدمتان ضد الرواية، الأولى من المحامي، أما الثانية فقد حركَّها الضابط بنفسه. وكانت المشكلة الحقيقية بالنسبة لهم؛ هي تناول الرواية للسياسة، وسألوني.. ماذا تقصد بكلمة ديمقراطي؟!! و ليس عن الصورة العارية!! وبعد ذلك صدر القرار بمصادرتها ومنع نشرها وفرض غرامة”.

واستمرارًا لنفس النهج؛ صودرت رواية (أين الله) للكاتب كرم صابر، بعد ما قام عدد من المواطنين بمحافظة، بني سويف، بتقديم بلاغ إلى المحامي العام لنيابات بني سويف، يحمل رقم (600 لسنة 2011م)، يتهمون فيه “صابر” بإصدار مجموعة قصصية تحتوي على 11 قصة، تدعو إلى الإلحاد وسب الذات الإلهية، وتحُض على الفتن وإهدار الدماء. حيث قضت المحكمة بتاريخ 13 يونيو 2013م بحبسه خمس سنوات وكفالة قدرها 1000 جنيهًا مصريًا، وكانت قوات الشرطة -بالفعل- صادرت جميع النسخ الموجودة في الأسواق.

هناك العديد من الكتب و الروايات التي صودرت من قبل الشرطة في السنوات التسع الماضية، مثل كتاب، مذكرات قاضي، للكاتب عبد الغفار محمد، والذي صودر عام 2007م. وكذلك كتاب، البرادعي وحلم الثورة الخضراء، للمؤلف كمال غبريال، عام 2009م. ورواية، الزعيم يحلق شعره، لكاتبه علي إدريس، في عام 2010م. وكتاب، مدخل إلى السيموطيقا، في عام 2014م، تأليف سيزا قاسم. وكتاب، ازدراء الأديان، في عام 2015م، للكاتب حمدي الأسيوطي ومجدي خليل. وغيرهم الكثير، بشكل لم يدع مجالًا لأي شك أن هناك تدخُّل فج للأجهزة الأمنية في عملية الرقابة اللاحقة على المطبوعات، بالمخالفة للقانون والدستور وكل المواثيق الدولية لحماية حرية الإبداع والتعبير الفني. كما أن الخط الزمني للممارسة هذا الانتهاك يؤكد ما ادّعينا -سالفًا- أنها ممارسة ممنهجة تهدُف الوصاية على العقول والأفكار والأقلام.

ثالثًا: اقتحام دور النشر ومنازل بعض الناشرين

في 2 فبراير 2010م؛ وقبل يوم من القمة المصرية-الليبية التي عُقِدَت في مدينة، سرت، بين الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، والرئيس الليبي السابق، معمر القذافي، تم اقتحام مقر دار “وعد” للنشر، والقبض على صاحبها، الجميلي أحمد شحاتة، ومصادرة جميع النسخ الموجودة من رواية، الزعيم يحلق شعره، للكاتب إدريس علي، بدعوى أن الرواية تحتوي على إهانة للجمهورية الليبية ورئيسها معمر القذافي، بالإضافة إلى احتواءها على ألفاظ خادشة للحياء. وبعد احتجاز الناشر يومان، انتهت تحقيقات النيابة بعدم احتواء الرواية على إهانة لليبيا ورئيسها، ولكن أثبتت احتواءها على ألفاظ خادشة للحياء العام، وصودرت الرواية بشكل كامل ومُنِعَ بيعها في الأسواق حتى عام 2011م، بعد إسقاط الرئيسين المصري والليبي .

وفي أبريل 2010م؛ اقتحمت قوات من الشرطة منزل الناشر، أحمد مهني، مدير دار، دَوِّن، للنشر بعد أسبوع من نشر كتاب، البرادعي وحلم الثورة الخضراء، للكاتب كمال جبريال، وتم التحفظ على مجموعة من الكتب خاصته، ومصادرة 16 نسخة من الكتاب المذكور كانت موجودة في منزله وحاسبه المحمول. ليتم الإفراج عنه بعدها.

دار ميريت للنشر

كان ذلك الأمر طبيعيًا في ظل سلطة ما قبل يناير 2011م، حيث اتسم المناخ العام بقمع الأفكار ومحاربة الاختلاف؛ بينما عودته للظهور بقوة هذه الفترة مع اقتحام دار “ميريت” للنشر، يُنبئ بخطورة العودة عشرات الخطوات للوراء، ليُصبِح المُبدعين والناشرين غير آمنين على سلامتهم الشخصية.

رابعًا: منع فعاليات فنية

قبل الثورة وفي المناخ الرافض لأي فعاليات ذات طابع جماهيري، حيث تتعامل معه السلطات بشكل أمني تمامًا بصرف النظر عن طبيعته ومضمونه، كان الأمر أكثر منهجية. فبموجب قانون الطوارئ كان من حق وزارة الداخلية منع أو مداهمة أي نشاط جماهيري حتى ولو كان احتفالًا، ما لم يكُن هناك إذن مُسبَّق منها. وفي كل الأحوال لم تكن هناك أي مساحات لفنون الشارع. أو الفعاليات الثقافية والأدبية ذات الطابع الجماهيري.

فعلى سبيل المثال؛ ألغت وزارة الداخلية، في 2010م، مهرجان (مصر للمصريين)، الذي تنظمه مجموعة (مصريين ضد التمييز الديني) بالتعاون مع مؤسسة المورد الثقافي، ويهدُف لمواجهة حالة الاحتقان الطائفي التي كانت سائدة في هذا الوقت وفقًا لمنظميه. وغير ذلك الكثير.

الفن ميدان؛ أحد أهم وأبرز الفعاليات الفنية التي منعتها الأجهزة الأمنية في السنوات الأخيرة. وهو المهرجان الشهري الذي بدأ في فبراير 2011م، احتفالًا بالثورة، وأقيم في ميدان عابدين بالقاهرة، ثم انتقل لمحافظات الإسكندرية والسويس، ومحافظات أخرى مثل دمياط، بورسعيد، الشرقية، الأقصر، أسوان، الإسماعيلية، الوادي الجديد، والمنصورة.

تضَّمن المهرجان أنواع متعددة من مختلف أشكال وألوان الفنون في نفس الوقت، وأعاد الاعتبار لفنون ومسرح الشارع في مصر، وفجَّر طاقات إبداعية مهمة لدى الآلاف من الفتيات والشباب كانت الثورة هي من فك أسرها. واعتمد في تمويله على الجهود الذاتية وتبرعات الفنانين والمنظمين، ووفَّرت له، وزارة الثقافة، تصريحًا من المجلس العسكري الحاكم -آنذاك- وقدَّمت دعمًا ماليًا، بدأ -فعليًا- في أكتوبر 2011م، ليتوقف بعدها بفترة.

وفي نوفمبر 2013م؛ وبعد صدور قانون التظاهر، وهو القانون الذي جرَّم التظاهرات دون الحصول على تصريح مُسبَق لها من وزارة الداخلية، أصبح هناك تضييق كبير على التجمعات حتى ولو كان الهدف منها هو الفن والاحتفال. لتتوقف فعالية الفن ميدان في 2014م بعد معاناة القائمين عليها من التضييق الذي وصل إلى المنع والحبس في بعض الأحيان.وصدر بيان عن القائمين على، الفن ميدان، في يناير 2015م تضمن؛

“وكانت محاولات منظّمي “الفن ميدان” قد استمرت لأكثر من أربعة أشهر للحصول على التصاريح اللازمة لإقامة الفعالية في ميدان عابدين من الجهات الأمنية المعنية دون جدوى، وذلك في أعقاب مماطلة الجهات الأمنية، ثمّ تعنتها ورفضها إعطاء التصريح الذي كان المنظمون يحصلون عليه بشكل شهري من الجهة المسئولة عن الميدان وهي محافظة القاهرة منذ منتصف عام 2011م، دون إبداء أسباب واضحة للرفض أو موعد محدد للموافقة على الطّلب المقدّم. وقد بدأ تعنّت الجهات الأمنية في شهر أغسطس الماضي، حيث تمّ تغيير إجراءات الحصول على التصريح بشكل مفاجئ وطلب من المنظمين تقديم طلب التصريح إلى وزارة الداخلية وليس إلى محافظة القاهرة كما يقتضي القانون!!! ومازال الفن ميدان متوقفاً في القاهرة منذ خمسة أشهر وحتى الآن نظراً لرفض الجهات الأمنية إعطاء المنظمين التصريح بإقامة الفعالية.

مطالبين في البيان الحصول على الموافقات الأمنية غير المشروطة لإقامة الفن ميدان في ميدان عابدين وفي كل ميادين مصر في موعده الثابت في السبت الأول من كل شهر”.

ولا تزال فعالية الفن ميدان متوقفة حتى الآن، حيث طُلِبَ من القائمين عليه استصدار تصريح للتظاهر، وليس لإقامة فعالية فنية، وهو ما رفضه المنظمون. حيث أنهم لا يقومون بالتظاهر .

ذلك بعد أن استمر لعامين يُقدِّم للجمهور وجبة “فن شارع” قيِّمة فقدها المجتمع المصري منذ وقت طويل، ولم تستعدها سوى روح الانتصار العام الذي غلب على مختلف فئات وشرائح المجتمع بعد ثورة يناير 2011م.

خامسًا: التعسف والامتناع عن إصدار تصريح التصوير

أحد أبرز النماذج على تدخُّل الأجهزة الأمنية في نشاط جهاز الرقابة على المصنفات الفنية يتمثَّل في سلطة وزارة الداخلية -دون غيرها-بمنح تصريح التصوير في الأماكن العامة، بحيث يُعتبَر التصوير في الشوارع والميادين غير قانوني، دون الحصول على هذا التصريح، حتى وإن كان بشكل شخصي.

ففي يناير 2011م؛ أُلقي القبض على مصوِّر الأفلام الوثائقية، حسام سلمان، و جيرمي هودج، مترجم أمريكي، من سكنهما بمنطقة الدقي، من قبل مباحث الأمن الوطني، وذلك لقيامهما بالتصوير في الشارع. ووجهت لهم تهمة، نشر أخبار كاذبة من شأنها تهديد الأمن الوطني، وهو الأمر الذي لا يمُت بأي صلة لما كانوا يقومون به. كما مُنِع الاثنان من توكيل محامين لحضور التحقيق معهما.

يقول “هودج” في شهادته المكتوبة لمؤسسة حرية الفكر والتعبير؛ أنه في أثناء فترة الاحتجاز في قسم الدقي تم التعدي بالضرب عدة مرات على سلمان. وبعد مفاوضات بين السفارة الأمريكية والسلطات المصرية، أُفرِج عن هودج يوم 26 يناير 2011م، وتم ترحيله خارج مصر، أما سلمان فقد تقرر حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، ليُطلق سراحه بعدها في 9 فبراير 2011م، مع استمرار نظر القضية.

تستغرق عملية الحصول على تصريح بالتصوير ثمانية عشر يومًا، في الأغلب، وتتمثل شروط الحصول على هذا التصريح في؛

1. إرفاق صورة من السيناريو
2. تحديد أماكن التصوير و أسماء الشوارع
3. التوجه لمديرية الأمن التابعة لها أماكن التصوير بحيث تقوم المديرية بإرسال ضابط وعساكر بدعوى تسهيل عملية التصوير
4. يجب أن يكون طالب التصريح لديه تصريح سابق من نقابة المهن التمثيلية ونقابة المهن السينمائية -أيضًا- حيث تقوم كل نقابة بطلب قائمة من المشاركين بالعمل، ويتم دفع غرامة في حالة وجود مشارك غير عضو بالنقابة

 

ولا يمكن، بشكل عام، إحصاء هذا النوع من الانتهاكات، بشكل كمي دقيق، وذلك لكثرة حدوثها. مع استحالة رصد عمليات -تحدث عشرات المرات يوميًا- لمنع مواطن من التصوير في مكان عام من قبل شرطي، وهو ما رسَّخ شكل من أشكال الرقابة الذاتية التي كبَّلت المواطنين وأعاقتهم عن ممارسة حقهم في استغلال المجال العام خوفًا من العواقب الأمنية، وهو ما يُعد انتهاكًا في حد ذاته.

سادسًا: قبض واحتجاز فنانين وناشرين

يُعد هذا النوع من انتهاكات الأجهزة الأمنية هو الأقسى، بحسب رصد مؤسسة حرية الفكر والتعبير، للانتهاكات بحق حرية الإبداع والتعبير الفني في السنوات التسع الماضية، إذا ما استثنينا التعدي بالضرب على المصوِّر، حسام سلمان، أثناء احتجازه.

بعد يناير 2011م، انفجرت طاقات إبداعية لدى الآف من الشباب المصري، عبَّروا عنها بطرق مختلفة ومتنوعة، ولكن كانت السمة الأعم التي تجمع أغلب تلك المواهب الفنية؛ هو كونها “فنون شارع”، وهو ما يستدعي وجود حضور جماهيري. هذا الأمر يمثِّل طوال الوقت أزمة حقيقية لدى الأنظمة القمعية، ففضلًا عن عداءها لأي تجمعات جماهيرية تحت أي صيغة، فقد اتسمت الفعاليات الفنية بعد الثورة بإثراء الوعي والتفكير الحُر وتنوع واختلاف الآراء ودعاوى بقبول الآخر، وهي الأفكار التقدمية التي تخشى الأنظمة الرجعية عادةً على وجودها في حال انتشار مثل تلك الأفكار. اتفقت الأنظمة المختلفة التي تعاقبت على إدارة شئون البلاد بعد يناير 2011م، رغم اختلاف توجهاتها، بخطورة ترك المساحة لتلك الطاقات، وضرورة محاصرتها. حتى وصل الأمر إلى احتجاز وحبس الناشطين منهم، وسن تشريعات تهدُف لمكافحة الانفجار الفني الذي كشفت الثورة عنه الحجاب.

ففي سبتمبر 2013م؛ أعلن اللواء، عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، أنه سيتم فرض عقوبات مشددة على كل من يقوم بالكتابة على الجدران، باعتبارها من صور الإساءة للبيئة. وتبدأ تلك العقوبة بالغرامة المالية وتصل إلى السجن . كان ذلك قبل شهور من صدور قانون التظاهر، الذي كان له أثر كبير على اختفاء فنون الشارع من؛ جرافيتي وحفلات موسيقية وغيرها من فنون الأداء التي كان يتم ممارستها في الشوارع والميادين العامة. وهو ما أدى فعليًا لمحاصرة تلك الطاقات وخنقها، حتى أن رصيد الانتهاكات في السنتين الماضيتين ضعيف للغاية بسبب توقُّف أغلب المجموعات النشطة بسبب الترهيب والقمع الأمني.
تنوعت انتهاكات القبض والاحتجاز لممارسي النشاط الإبداعي في السنوات الماضية، وأخذت أشكال مختلفة، فهناك حوادث إلقاء القبض على رسامي “الجرافيتي”.

ففي مارس 2012م؛ أٌُلقي القبض على، إسلام نجيب، رسام الجرافيتي، أثناء رسمه لكلمة “أنا أبريلي”، وتم تنظيم بعض الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بالإفراج عنه حتى تم إخلاء سبيله.

وبعدها بشهور أُلقي القبض على؛ لقمان قاسم، وأحمد كرم، ومحمد جاد الطلاب بالمرحلة الثانوية، أثناء قيامهم برسم “الجرافيتي” عبارة عن جملة (الرسم مش إجرام)، حيث وُجِّهت لهم تهمة الانتماء لأولتراس زملكاوي، وأُخلي سبيلهم بعدها في نفس اليوم.

وأيضًا في نفس العام؛ أُلقي القبض على، منير العادلي، الطالب بالصف الثاني الثانوي، أثناء قيامه برسم “جرافيتي” عن “أولتراس ديفلز” على سور مدرسته، حيث أُفرج عنه بعد قيام أصدقائه بمظاهرة تضم العشرات أمام مجمع محاكم الفيوم.

وفي عام 2013م؛ أُلقي القبض على ثلاثة رسامين “جرافيتي” وهم؛ أحمد سليم عبد الستار، سمير رمزي صلاح الدين، ومحمد طه عبد الستار، وذلك أثناء قيامهم بالرسم على الحوائط في نفق شبرا، حيث احتُجِزوا لمدة 3 أيام قبل عرضهم على نيابة شبرا الجزئية، وإخلاء سبيلهم لعدم وجود رسم من الأساس في محل الواقعة.

واستمرت الأمور على هذا النحو؛ قبضة حديدية للأجهزة الأمنية جعلت المجال العام الإبداعي بمختلف أشكاله وتقسيماته تحت وصاية شبه كاملة لأجهزة الأمن، تمتلك القرار الأول والأخير، وتتدخل بالمخالفة للقانون والدستور في فرض أشكال من الرقابة السابقة واللاحقة على الأعمال الفنية والإبداعية، وهو ما يؤكد على غياب أي إرادة سياسية لضبط واقع حرية الإبداع والتعبير الفني في مصر، أو بشكل أوضح هناك رغبة، تتسق في حقيقة الأمر مع سياسات وممارسات سلطة ما بعد 3 يوليو، في تأميم المجال العام الإبداعي ومصادرة حرية الإبداع والتعبير الفني كجزء من حالة تأميم المجال العام وقمع الحريات.

للإطلاع على الدراسة بصيغة PDF
Viewing all 150 articles
Browse latest View live